وُوري الثرى أمس بمقبرة عين البيضاءبوهران جثمان الشاعرة عمارية بلال المعروفة أدبيا باسم "أم سهام"، وسط أجواء حزينة وكئيبة لفقدان أيقونة وهران التي ودعتنا عن عمر ناهز 82 سنة ، بعد صراع طويل مع المرض، لترحل تاركة في قلوبنا الكثير من الألم والحب أيضا ..هذا الحب الذي صنعته شخصيتها الطيبة وروحها العاشقة للشعر والأدب والثقافة ... "أم سهام رابعة العشق الأدبي " كما لقبها الراحل بلقاسم بن عبد الله، الذي تقاسمت معه لحظات النجاح والفرح تحت سماء النادي الأدبي لجريدة الجمهورية ، فهي لم تكلّ أو تمل من العطاء بل بالعكس ، كانت دائمة النشاط والحماس حتى في عز مرضها ، ولم تتخلف يوما عن حضور المناسبات الثقافية والأدبية بوهران وخارجها ، من بينها منتديات جريدة الجمهورية ..ففي كل مرة كانت تحمل الميكروفون لتلقي على مسامع الحضور أجمل القصائد التي كتبتها عن وهران وفلسطين، وعن مختلف القضايا الاجتماعية الراهنة .. ارتبط اسم " عمارية بلال " بالنادي الأدبي من خلال ركن " مجلات " خلال الفترة الممتدة بين 11فبراير 1986 و 10 مارس 1987، وكانت أم سهام قد كشفت للجمهورية أن تجربتها هذه تعدّ من أبرز المحطات الرائدة في الصحافة الأدبية، واعتبرت العمل فيها ممتعا متحركا ينبض بالجديد والمفاجآت، ويبعث في النفس أنواعا من الدهشة والانبهار ،.. كانت حقا رحلة مدهشة للفقيدة وهي تغوص في عوالم البحث و الإعداد و التنقيب لمدة 9 سنوات كاملة ، وبعد عودة النادي الأدبي الى الميدان بعد 25 سنة من الغياب سنة 2013 ، بقيت أم سهام وفية لصفحات هذا الملف الثقافي،.. تتابعه باهتمام وتتصفح نصوصه بشغف ، تعانق في كل مرة ذكرياتها التي عاشتها رفقة أصدقائها المبدعين في حُضن " الجمهورية " وكأنها تتمنى عودة الزمن إلى الوراء لتعيش أكثر تفاصيل هذه التجربة الإبداعية التي بقيت راسخة في المشهد الأدبي والإعلامي ، مع العلم أن الشاعرة " أم سهام " قدمت سنة 2017 المجموعة الكاملة للنادي الأدبي خلال الفترة الممتدة بين 1976 و 1986 لمتحف الذاكرة لجريدة الجمهورية ... ومن أجل تقديم العزاء لأسرة الفقيدة أم سهام، تنقل طاقم جريدة " الجمهورية " إلى منزلها بوهران، أين استقبلتنا ابنتها " سهام" التي كانت تبكي وتردد بحرقة : " هي لم تكن والدتي أنا فقط، بل كانت أمّ الجميع " .. مضيفة أن الراحلة كانت شغوفة بالقصيدة وكل ما له علاقة بالإبداع والأدب، فرغم مرضها لم تتخل يوما عن القلم والكتابة، مُضيفة أنها كانت أُمّا مثالية لها ولشقيقها ، فهي حنونة طيبة وامرأة قوية الشخصية، تحبّ كل ما هو جميل ومبهج ، أما الشاعرة عايدة صديقة أم سهام المقربة التي قاسمتها أفراحها وأحزانها، وعاشت معها سنوات من النضال الثقافي والنجاحات الأدبية، فلم تستطع كبت دموعها التي كانت تنهمر بحرارة ، كانت تبكي بحرقة لأنها ستبقى وحيدة بدون أم سهام التي اعتادت الخروج معها والجلوس برفقتها تحكي لها همومها وأفراحها بعد غياب والديها ...