سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«محاولات النيل من الجيش لن تفقده لحمته الشعبية و لا دوره الدفاعي» المراقب الدولي السابق في بعثة الأمم المتحدة و المحلل الأمني أحمد كرّوش ل « الجمهورية »
خصّ المراقب الدولي السابق في بعثة الأممالمتحدة ، الضابط السامي و المحلل الأمني الأستاذ أحمد كروش « الجمهورية « بحوار تناول فيه العقيدة الدفاعية للجيش الوطني الشعبي و دوره في كل مجالات الحياة و أيضا احترافيته من خلال مواكبة التطورات العلمية و التكنولوجية و التدرّب على أحدث الترسانات الحربية . - تضمن الدستور المعدّل مهام جديدة أوكلت للجيش خارج الحدود في إطار معيّن ، فكيف يمكن له من هذا المنطلق تحريك إعادة تموقع الجزائر إقليميا ؟ و ماذا تضيف هذه المهام لذات الجيش ؟ ^ إنّ دستور 1 نوفمبر 2020 نصّ في بنوده على إمكانية أداء الجيش لمهام خارج الحدود حسب المواد 30 ، 31 ، 91 و لها أهمية في البعد الاستراتيجي و كذلك الجانب الإجرائي الذي يحدد آليات خروج الجيش ، فالمادة 30 من الدستور أضافت في بندها الرابع مهمة أساسية من المهام الدائمة للجيش الوطني الشعبي ..(يتولى الجيش الوطني الشعبي الدفاع عن المصالح الحيوية والإستراتيجية للبلاد طبقا لإحكام الدستور) إن تعزيز المكانة الإستراتيجية للجزائر بما يتماشى والتحديات والتهديدات التي تواجهها ، والوضع الإقليمي المحيط بها ، حيث أن اغلب الدول المحيطة تعاني هشاشة أمنية وتدخلات أجنبية ، و وجود إرهاب موجه تديره بعض الجهات لخدمة مصالحها الذاتية ، وبالنظر إلى الدور الذي تلعبه الجزائر بصفتها دولة محورية في إقليمها الجغرافي ، كان لزاما تعزيز مكانتها الإستراتيجية وفقا لحجم وقوة جيشها ، فالجزائر تملك أقوى جيش في المنطقة والجيش الثاني أفريقيا والرتبة السابعة والعشرون عالميا وفق الموقع المتخصص في تصنيف قوة الجيوش العالم (global firepower) فالجيش شريك فعلي في الحفاظ على الأمن والسلم العالمي ومحاربة الإرهاب و تأمين استقرار المنطقة ، ولتطبيق إستراتيجية الدفاع الوطني في الحفاظ على مصالحها الحيوية والإستراتيجية كان لزاما إخراج الجيش خارج الحدود في إطار الشرعية الدولية في عمليات حفظ السلام فالبند الثالث من المادة 31 يؤكد أنّ ( يمكن للجزائر في إطار احترام مبادئ وأهداف الأممالمتحدة والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية أن تشارك في حفظ السلام ) وهذا كله وفق الإرادة الشعبية حيث نصت المادة 91 الفقرة الثانية أن رئيس الجمهورية ( يقرر إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي خارج الوطن بعد مصادقة البرلمان بأغلبية 2/3 أعضاء لكل غرفة من غرفتيه فوحدات الجيش لا يمكنها الخروج إلا إذا وافق ممثلو الشعب ب 2/3 من أعضاء غرفتي البرلمان وهذا رقم كبير ، و لا يمكن الموافقة إلا إذا كان التهديد فعليا ويمس بالمصالح الحيوية والإستراتيجية للدولة وبالتالي يترك الفرصة لصاحب القرار أين يواجه الخطر ،هل عند الحدود أم خارج الحدود . اعتقد أن بهذه الإمكانية التي أصبح يمتلكها متخذ القرار السياسي والعسكري يتعزز فعلا الدور الاستراتيجي للجزائر في المنطقة لحماية مصالحها الحيوية وتكون مشاركا نوعيا في صنع وحفظ السلام في المجتمع الدولي و تنفيذ التزاماتها تجاه المجموعة الدولية ليتناسب الدور وقوة جيشها .. - إشاعات مغرضة كثيرة و محاولات يائسة تربصت بالجيش من طرف جهات معيّنة في الآونة الأخيرة و مع بدء الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس تبون ، إعلاميا كيف تتعامل المؤسسة العسكرية مع هذا الموضوع ^ أعتقد انه منذ اتخاذ قيادة الجيش الوطني الشعبي قرارها بحماية الحراك الشعبي ووقوفها بجانب مطالب الشعب المشروعة وحقه في إصلاحات سياسية تعبر عن طموحاته وأن يكون هو صاحب القرار في اختيار من يحكمه بإرادته تكالبت بعض الجهات بأصوات ناعقة على دور الجيش واستهدافه كمؤسسة دستورية وكذلك قياداته ، وشهدنا كما هائلا من الإشاعات والدعايات المغرضة والإخبار الكاذبة باستغلال كل وسائل الإعلام الممكنة ، هدفها كان ضرب اللحمة والثنائية الذهبية التي أحدثها الحراك الشعبي بثنائية الجيش والشعب والشعارات التي كانت تردد (الجيش والشعب خاوة خاوة ).، لكن المحاولات اليائسة باءت بالفشل نظرا للاحترافية التي أبداها عناصر الجيش والأمن بصفة عامة في حماية الحراك حتى تحقيق أهدافه ، وكذلك وعي الشعب الجزائري الذي أصبح يتميز بحس أمني ووطني خارق للعادة ، بإحباط كل المخططات التي كانت تهدف إلى وضع الجزائر في مرحلة انتقالية مظلمة لا أحد يعرف نهاياتها أو مآلاتها ، وبقيت هذه المحاولات تجدد نفسها وتغير تكتيكها وأسلوبها من أجل ضرب البنية الاجتماعية بعد أن يئست في ضرب الجيش الوطني الشعبي ، ورأينا كيف أصبحت مؤسسات دولية تصدر بيانات تصب في هذه الخانة وتتدخل في شؤون الجزائر ، لكن كل محاولة كان الشعب والجيش يفشلانها بقوة الثاني ووعي الأوّل وتأتي النتائج عكسية تماما لما خطط له الخارج ، والمتتبع للشأن الجزائري يجد أن هذه الحملات تزداد شراسة كلما اقتربت الجزائر من تحقيق إنجاز ديمقراطي أو بناء مشروع مجتمعي . قوة الجيش بما يملكه من عنصر بشري متميز صاحب تكوين عال واحترافية مشهود لها عند العدو والصديق وكذلك ما يمتلكه من تسليح وتجهيز تكشف به كل المخططات وتفشلها وتقهر الأعداء ، وكان الجيش الوطني في مستوى المسؤولية الدستورية التي أسندت له حيث حمى الجزائر في زمن ما سمي بالربيع العربي وحارب بقايا فلول الإرهاب ورافق الشعب ومؤسسات الدولة في تحقيق انتقال ديمقراطي وفق الإرادة الشعبية ، وانتخبت الجزائر رئيسا للجمهورية وأجرت استفتاء لتعديل الدستور وانطلقت عجلة الإصلاحات وفشل الأعداء فشلا ذريعا . - انتشار السلاح في محيط الجزائر ( ليبيا .. مالي .. ) ينعش حظوظ الجماعات المسلحة الإرهابية فكيف يحجّم الجيش هذا التكالب المهدد لأمننا القومي ؟ ^ الجيش والشعب حاربا الإرهاب الأعمى في التسعينات دون مساعدة من أحد وألحقا به شر هزيمة ، في حين كان العالم يدير ظهره لهذه الظاهرة ، حتى اكتوى بها ، وكسب الجيش الجزائري خبرة مكافحة الإرهاب والتطرف وأصبح مرجعا عالميا في محاربة الظاهرة والجريمة المنظمة العابرة للحدود ، فمنذ سقوط النظام في ليبيا انتشر السلاح انتشارا مهولا ، وأصبحت المنطقة جاذبة للجماعات الإرهابية من كل بقاع العالم ، زيادة عن التدخلات الدولية في المنطقة و إضافت الأزمة المالية المزمنة تأزما ، استطاع الجيش الجزائري تجنيب البلاد نيران ما سمي بالربع العربي وكانت محاولات لضرب استقرار الجزائر بإدخال أسلحة نوعية أو إثارة نعارات داخلية بمشاركة أطراف دولية معادية للجزائر ، لا ننسى أن الأمن الجزائري ألقى القبض على خلية تابعة للموساد الصهيوني في أحداث غرداية ، وكذلك إلقاء القبض على عناصر من الجيش السوري الحر في جنوبالجزائر والكل يعرف من هو الجيش السوري الحر مَن الممول ومن المدرب والمخطط له ، كذلك محاولة تقنتورين اليائسة التي أعطى فيها الجيش الجزائري درسا ركّب اليأس في نفوس كل من كان يتربص بالجزائر شرا ، فكم طالعنا في بيانات وزارة الدفاع الوطني عن كشف مخازن أسلحة وذخيرة على الحدود كذلك تحييد إرهابيين عند محاولاتهم التسلل إلى الجزائر .. كل هذه المحاولات أحبطتها يقضة وتفاني عناصر الجيش الجزائري وكذلك قدرته على صنع التحدي بالاحترافية و نوعية الأسلحة والأجهزة التي يمتلكها وترعب الأعداء - في واحد من أنبل المواقف للجيش وقوفه إلى جانب الحراك الشعبي و مطالبه المشروعة و حرصه على صون دماء الجزائريين فكيف تمكنت هذه المؤسسة من بلوغ هذا الإنجاز ؟ و من كمّل الآخر الجيش أم الحراك ؟ ^ أعتقد أن ثنائية الجيش والشعب التي تولدت مع الحراك الشعبي المبارك أصبحت من معجزات الشعب الجزائري وجيشه الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني ، فالشعب احتضن جيش التحرير ورافقه وأعطاه كل ما يملك حتى تحقيق النصر وطرد الاستعمار البغيض ، في فترة الحراك الشعبي جاء دور الجيش الوطني الشعبي ليحمي الشعب ويرافقه ليحقق مطالبه السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية ، فوعد الجيش بحماية الشعب فأوفى وحمى الحراك ورافق مؤسسات الدولة ، حتى الوصول إلى الغاية التي خرج من أجلها الجزائريون وهي انتخابات حرة وشفافة ونظيفة . وباءت كل محاولات الاختراق الأمني للحراك الذي كانت بعض الجهات تود إحداثه بالفشل ، وذلك بفضل اليقظة التي يتمتع بها أفراد الجيش والأمن عامة ، ووعي الشعب ، هذه الرابطة المقدسة بين الجيش والشعب التي عززها الحراك موجودة منذ ثورة التحرير يصعب أن نحدد من كمل الآخر فهما جسد واحد وإسم الجيش يوحي بذلك إنه جيش للوطن وهو من صلب الشعب وهو في خدمة الوطن والشعب. - يؤكد الجيش في كل مناسبة نقلته النوعية نحو الاحترافية و بلوغ مصاب الجيوش الكبرى ، فهل وصل إلى درجة لعب الدور الريادي في مرافقة الدولة في أعمق الإصلاحات ؟ ^ الاحترافية التي وصل إليها الجيش الوطني الشعبي يشهد لها العدو قبل الصديق فقد خطى خطوات جبارة في مجال الاحترافية حيث ركز على التكوين النوعي وأسس مرافق عصرية للتكوين و بنى مؤسسات تكوينية في كل القطاعات ولكل المستويات ، وأصبح مستخدمو الجيش يتمتعون بتكوين وتدريب عالي المستوى وقدرة على التحكم في تكنولوجيا الأسلحة الحديثة ، كما ركزت قيادة الجيش على التحضير القتالي والتكوين المستمر للقادة و الأركانات وإجراء مناورات مركبة تشارك فيها جميع أصناف القوات (برية ، جوية ، بحرية، الدفاع عن الإقليم) وبالذخيرة الحية والتي تظهر مدى قدرة الجندي الجزائري على التحكم في السلاح بدقة الإصابة والتنفيذ المحكم للمناورة وفق الخطة المرسومة والمناورات المركبة والنتائج الباهرة التي تحققها لدليل على احترافية الجيش وقدرته على ردع كل معتد . كما أولت المؤسسة العسكرية أهمية بالغة للصناعات العسكرية التي تساهم في تخفيف الأعباء المالية على خزينة الدولة وكسب التكنولوجيا ، من أجل المساهمة في نمو الاقتصاد باقتحامها الأسواق العالمية لما تتمتع به من جودة وفق المعايير العالمية . كل هذه الميزات جعلت من الجيش الجزائري الأقوى في المنطقة ويحتل المرتبة الثانية قاريا وأثبت جدارته في محاربة الإرهاب وقدرته على العمل لاستقرار المنطقة لأن أي قوة أخرى تريد العبث بأمن المنطقة تضع في حسابها قدرة الجيش الجزائري ، فقدرة الجيش تعمل على استقرار المنطقة والدولة وتفرغها للتنمية الاقتصادية . - جزائر جديدة نادى بها الحراك و تبنتها الدولة بمؤسساتها و سلطاتها الأربعة و تسير نحو بلوغها فأين موقع الجيش من كل ذلك ؟ ( كيف يساهم في البناء ) ؟ ^ موقع الجيش في بناء الدولة واضح جدا عبر تاريخ الجزائر المستقلة ، فالجيش الوطني الشعبي شارك في بناء مؤسسات الدولة غاداة الاستقلال وشارك في تثبيت البنية التحتية من طرقات وخطوط سكك حديدية ومطارات وجامعات وسكنات وغير ذلك من الإنجازات ناهيك عن وبناء السد الأخضر إلى غير ذلك من الانجازات ، كما كان للجيش دوما دور في مساعدة أجهزة الدولة في حالة الإخطار الكبرى والكوارث الطبيعية ، فكلما حدثت ضائقة بأفراد الشعب إلا ويجدون الجندي بجانبهم ، ناهيك عن المهام الدائمة التي أسندت له دستوريا بحماية السيادة والوحدة الترابية وحماية الحدود والمجال البحري والجوي وكذا المصالح الحيوية والإستراتيجية للدولة ، فالجيش ساهم ومازال يساهم في التنمية وتوفير عوامل التنمية وهي الأمن والأمان .