أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في رسالته بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال 59 لعيد النصر على إصرار الجزائر على مواصلة مساعيها فيما يتعلق بالذاكرة مثمنا ما تحقق إلى حد الآن من تقدم في معالجة هذا الملف بين الجزائروفرنسا حيث أشار إلى حرص الجزائر على معرفة مصير المفقودين خلال حرب التحرير و كذا مطالبة فرنسا بتعويض ضحايا تجاربها النووية في الجزائر و يبرز جليا من هذا التأكيد أن بلادنا مصممة كل التصميم على فتح ومعالجة ملف الذاكرة بكل تفاصيله من أجل استرجاع حقوقها المسلوبة حيث أنه لا يعقل أن يفرض كل هذا التعتيم على فترة تاريخية جد هامة وأن تحرم الدولة الجزائرية من الحصول على أرشيفها الخاص بفترة الاستعمار الفرنسي و هو الأرشيف الذي ظل أسير فرنسا و كأنه غنيمة حرب استولت عليه باريس بكل تفاصيله و نحن في ذكرى مرور 59 سنة على عيد النصر الذي يرمز إلى مفاوضات -إيفيان- التي كللت 7 سنوات من الكفاح المسلح و تمخض عنها استقلال الجزائر بتنظيم استفتاء على تقرير المصير عبر خلاله الجزائريون عن رفضهم لاستعمار استيطاني استمر 132 سنة ،و في ذكرى 19 مارس عيد النصر نستوقف التاريخ عند محطة هامة هي مرحلة مفاوضات صعبة وشائكة حاولت خلالها فرنسا اقتطاع الصحراء الجزائرية خاصة بعد ما تم اكتشاف البترول فيها ابتداء من سنة 1956 و شرعت باريس في استغلال تلك الثروة المستقبلية الهائلة ،لكن المفاوض الجزائري متمثلا في نخبة من المناضلين الأفذاذ و المحنكين رفضوا الاقتراح الفرنسي و أرادوها جزائر كاملة وشاملة لا ينقص من ترابها ولو شبرا واحدا ،و هكذا كان النصر وانعتاق الجزائر من النير الاستعماري بإرادة ونضال شعبها و شهدائها و ثورة أول نوفمبر التي كانت حلقة من مسار طويل من المقاومات الشعبية والنضال السياسي الذي لم يفتر و يهدأ ، و ميلاد جزائر الاستقلال و الحرية و المستقبل المشرق التي واصلت النضال والعمل لاسترجاع كل حقوقها بما في ذلك التاريخ والذاكرة المشتركة بين الجزائروفرنسا التي فرضتها عقود الاستعمار الفرنسي و الآن وقد فتح هذا الملف فإن العمل متواصل باتجاه تسليط الضوء عليه والإجابة على كل الاستفسارات والأسئلة و توضيح حقيقة ما حدث للتوصل إلى طي تلك الصفحات الدامية والمؤلمة، و الانطلاق في إقلاع جديد للعلاقات الجزائرية الفرنسية مع أن طي تلك الصفحات لا يعني بأي شكل من الأشكال النسيان ، لأن الهدف هو المصالحة مع الماضي والتحرر من ماض مثقل بالجرائم والعنف و الألم و الظلم والمعاناة .