تحل اليوم الذكرى الثانية والستون لثورة أول نوفمبر المجيدة وجراح الجزائريين المادية منها والمعنوية لم تندمل بعد، بل زادتها تصريحات بعض الفرنسيين مؤخرا غورا ووجعا، هؤلاء يتمادون في كل فرصة في التعرض للجزائر ورموزها بالإهانة والأوصاف الخبيثة، انطلاقا من ذهنية استعمارية لا تأبى الاستقامة. لقد كانت جراح الجزائريين عميقة طيلة 132 سنة من الاستعمار الفرنسي البغيض لهذه الأرض، لكنها كانت أعمق بعد انطلاق ثورة أول نوفمبر المجيدة في سنة 1954، فقد تعرض الجزائريون أثناء الثورة التحريرية لأبشع أنواع الإبادة، والتعذيب، والتنكيل، والقتل الجماعي والاغتصاب، والقصف والقنبلة، بكل أنواع الأسلحة وحتى المحرم منها دوليا، و أبيدت قرى بأكملها، وشردت مدن وتجمعات، ووضع الآلاف من الجزائريين في المحتشدات، وهجر مثلهم قصرا نحو تونس والمغرب وبلدان أخرى.اليوم بعد 62 سنة عن هذا الحدث الهام الذي أعاد للجزائر سيادتها واستقلالها وكرامتها، و في كل عام تعود هذه الذكرى نحاول تسليط الأضواء على حالات لا تزال مجهولة ومغيبة تحت الظل، حالات التعذيب، والقتل، والسجن والتشريد، و البطولة والشهادة في ذات الوقت، في كل نقطة من ربوع الوطن، نعم إن الثورة التحريرية بكل أحداثها وتفاصيلها ومآسيها وتضحيات ابنائها لا تزال بحاجة إلى الكثير الكثير من العمل في هذا المجال، و أن كتابة وتدوين وتسجيل وتصوير كل الأحداث التي مرت بها ثورتنا ليس إلا في بدايته بعد، وهو ما يجعل من المسؤولية الملقاة على عاتق الأجيال الجديدة ثقيلة، ولكن ذات المسؤولية تقع أيضا على جيل نوفمبر الذي يملك الكثير من المفاتيح. وبهذه المناسبة العظيمة يصر الجزائريون، كل الجزائريين، من المواطن البسيط إلى الرسمي المسؤول على ضرورة أن تعترف فرنسا بجميع جرائمها في هذه الأرض طيلة الفترة التي احتلت فيها جيوشها الجزائر، ويصرون على ضرورة أن تعتذر بعد ذلك، وعلى ضرورة أن تعوض كل من تضرر، و كل الجزائريين تضرروا دون استثناء، ويصر الجزائريون أيضا على ضرورة تصفية كل الملفات العالقة مع فرنسا، من ملف الذاكرة بكل ما يحويه من محاور، إلى ملف التجارب النووية، إلى ملف التعذيب والاغتصاب، وملف المفقودين، والأموال التي نهبتها فرنسا الاستعمارية من الجزائر. لا يمكن لجراحنا أن تندمل، ولا يمكن أن نسكت، ما لم نسو مثل هذه القضايا مع فرنسا بما يرضينا، وما لم تتخل بعض الأوساط الفرنسية عن ذهنيتها الاستعمارية البشعة التي لا تزال تدفع بها في مناسبات عديدة إلى إظهار الوجه القبيح لدولة الشعارات.. حرية إخاء مساواة.. تعتذر للحركى و تسعى إلى طي صفحة الجرائم المرتكبة في حق الجزائريين باريس لم تتخلص من عقدة الجزائر الفرنسية و الحنين إلى الفترة الاستعمارية عملت فرنسا طوال أكثر من نصف قرن على محو أثار الجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري، من الذاكرة الفرنسية والجزائرية والذاكرة الإنسانية. وظلت لسنوات تلعب على وتر «الكلمات» دون أن تقر بالذنب و تقدّم الاعتذار، ويردد الفرنسيون مقولة «الأبناء لا يعتذرون عن أفعال الآباء» وابتكروا مصطلح «الاعتراف المتبادل» أي المساواة بين الضحية والجلاد، ففرنسا التي تعتذر للحركى ترفض الإقرار بجرائمها الاستعمارية. تعد الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، من أكبر وأفظع الجرائم التي سجلها التاريخ الحديث والتي تعرضت للسطو والمصادرة، والتي تم اختطافها رسميا من التداول الإعلامي، ومن النقاش التاريخي الأكاديمي، بل حتى صور تلك الجرائم والوثائق والأرشيف تعرضت للسطو وتم التستر عليها أو على جزء كبير منها، في محاولة لطمس آثار تلك الجرائم ومحو آثارها إلى الأبد. لعقود طويلة، مارست السلطات الفرنسية سياسة التغييب الرسمي الممنهج، والتضليل التاريخي والإعلامي للحقيقة خلال الحقبة الاستعمارية، والجرائم التي ارتكبتها بحق مواطنين عزل، ومنعت لسنوات المؤرخين والأكاديميين من دراسة وفتح الأرشيف لمعرفة تفاصيل تلك المجازر. واعتمدت أيضاً على طمس الحقيقة لعقود عبر إسقاط جميع التحقيقات القضائية التي حاولت تسليط الضوء على بعض المجازر المرتكبة في حق الجزائريين.وترفض الحكومات الفرنسية المتعاقبة رفضاً قاطعاً الاعتراف بمسؤوليتها أو تقديم الاعتذار حول مقتل مئات الآلاف من الجزائريين، رغم المطالب الجزائرية والحقوقية المتكررة. وحصل اختراق وحيد عندما زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الجزائر قبل سنوات، واعترف بمآسي الحقبة الاستعمارية، كما شارك في الذكرى الخمسين لمجزرة أكتوبر وقام بوضع إكليل من الزهور على جسر كليشي، في نهر السين، وسط باريس وأكد لأول مرة «بوقوع قمع دموي» دون الاعتراف بمسؤولية الحكومة الفرنسية ودون تقديم اعتذار رسمي، وهو العهد الذي كان قد قطعه على نفسه حينما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية في 2011. أما اليمين واليمين المتطرف فقد انتقدا بشدة تصريحات هولاند وحذرا من مغبة تحميل قوات الشرطة الفرنسية وبالتالي الدولة الفرنسية المسؤولية حول تلك الأحداث. وكانت مجموعة من النواب الاشتراكيين والشيوعيين الفرنسيين قد قدموا مشروع قانون للاعتراف بشكل رسمي بمسؤولية فرنسا لكن لم يتم التصويت عليه. وفي الوقت الذي كان فيه كثيرون ينتظرون من الرئيس الفرنسي خطوة في الاتجاه الصحيح قبل انتهاء عهدته الرئاسية، سارع هذا الأخير إلى الاعتذار وطلب الصفح من «الحركى» خلال حفل رسمي لتكريمهم وأقر بمسؤولية الدولة في التخلي عنهم قبل خمسين عاما. وقال الرئيس الفرنسي في اليوم الوطني المخصص لتكريم الحركى «إن فرنسا تكبر دائما عندما تعترف بأخطائها». ولكن رفض القول بأنها فرنسا التي تعترف بالحركى وترى أن هذا واجب عليها، ترفض الإقرار بالذنب والاعتراف بالجرم المرتكب في حق ملايين الجزائريين الذين راحوا ضحية الآلة الاستدمارية والهمجية الفرنسية. وتظهر تلك التصريحات «تناقض» الفرنسيين في مواقفهم، فهم تارة يصرحون أن «الأبناء لا يعتذرون عن الأخطاء التي ارتكبها الآباء»، عندما يتعلق الأمر بجرائم الاستعمار في الجزائر، ولكن لا يتوانون عن الاعتذار للحركى، ويتضح جليا أن ما يبحث عنه صناع القرار في باريس هو «طي صفحة الماضي» دون اعتذار ولا تعويض، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية السابق في حكومة ساركوزي، برنارد كوشنير، الذي قال في تصريح صحفي له أن «العلاقات مع الجزائر ستتحسن بعد رحيل جيل الثورة عن الحكم في الجزائر»، أي بعبارة أخرى انتهاء الجيل الذي عايش جرائم الاستعمار، فالدولة الفرنسية التي تتغنى بشعار المساواة والعدل لن تقبل يوما ما الاعتراف بوجهها الاستعماري القبيح. ويبدو أن اللجان المشتركة التي تم تشكيلها هذه السنة عقب الزيارة الأولى من نوعها التي قام بها وزير المجاهدين إلى فرنسا، لتسوية ملفات المفقودين وضحايا الإشعاعات النووية، والذاكرة وكذا الأرشيف، لم تحقق أي هدف، أمام التعنت الفرنسي الذي يريد معالجة ملف الذاكرة على حساب معاناة ملايين الجزائريين الذين تعرضوا للتشريد والتعذيب والقتل على أيدي الجنود الفرنسيين وأعوانهم. فالتصريحات الأخيرة للرئيس هولاند، وهو الذي اعتقد كثيرون عند بداية عهدته أنه سيتجاوز «الحاجز الذي وضعه اليمين المتطرف»، كشفت بوضوح أنه لن يقدم على أي خطوة بهذا الاتجاه، قبل عام واحد عن الانتخابات الرئاسية في فرنسا، بل تجاوزت تصريحاته كل الخطوط التي لم يتجاوزها أي رئيس فرنسي سابق، عندما وصف مجاهدي الثورة التحريرية الجزائرية بالإرهابيين في معرض حديثه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان الصحفيان بصحيفة «لوموند» الفرنسية، جيرار دافي وفابريس لومند، أوردا في كتاب نشراه منذ أيام بفرنسا تحت عنوان «ما كان على رئيس أن يقول هذا»، مضمون لقاءات جمعتهما بالرئيس الفرنسي خلال فترة حكمه منذ العام 2012. وأورد الكتاب حوارا نادرا منسوبا للرئيس الفرنسي ونظيره الروسي في فيفري 2015 حول الأزمة السورية جاء فيه أن بوتين خاطب هولاند بالقول إن «عليكم كفرنسيين أن تعترفوا بالدول وكان تدخلكم في مالي من هذا المنطلق (أي بطلب من حكومة مالي لمواجهة الإرهاب عام 2013)، وكان عليكم أيضا أن تفعلوا الشيء نفسه في سوريا، لأن المعارضة المسلحة غير شرعية وهي تقوم بأعمال إرهابية، ورد عليه هولاند بأن المعارضين في سوريا ليسوا إرهابيين».وجاء في الكتاب أن «الرئيس الروسي قال لنظيره الفرنسي في كل الأحوال أنتم تعرفون جيدا من هم الإرهابيون. إنهم هم أنفسهم الذين كنتم تقاتلونهم إبان احتلالكم للجزائر، فرد هولاند أيضا بحدّة مماثلة لكني اليوم أتناقش مع من قاموا بالحرب ضدنا في الجزائر».ولم ينتظر رمطان لعمامرة وزير الخارجية كثيراً ليعلق عليها قائلاً إن «الفرنسيين لم يتخلصوا من عقدة الجزائر الفرنسية». واستطرد قائلا:» يبدو أن فرنسا مازالت تحن إلى الفترة الاستعمارية». وأعرب على هامش الاحتفال باليوم الوطني للهجرة عن استيائه من تصريحات الساسة الفرنسيين، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تحتفل فيه الجزائر بذكرى انتفاضة 17 أكتوبر 1961، ونترحم على من ضحوا بأرواحهم وسقطوا في تلك الانتفاضة في باريس، ما يزال هناك في الضفة الأخرى حنين للفترة الاستعمارية.بدوره قال الطيب زيتوني وزير المجاهدين إن «المسؤولين الفرنسيين وبينهم الرئيس فرانسوا هولاند مازالوا يحنون إلى الفترة الاستعمارية». واعتبر الطيب زيتوني « تلك التصريحات تتناقض مع تصريحات هولاند السابقة أثناء زيارته الرسمية للجزائر في 2012، (دعا خلالها لبناء شراكة استثنائية بين البلدين)، ويبدو لي أن بعض الساسة في فرنسا ما زالوا يحنون إلى الجزائر فرنسية". الحديث عن جرائم الاستعمار تزامن هذه المرة مع تفجر قضية جماجم الشهداء التي احتفظت بها فرنسا، بعد أن قامت أثناء فترة الاحتلال بقطع رؤوسهم، وكشف مؤرخون وباحثون جزائريون عن عدد كبير من الجماجم المحفوظة في أحد متاحف باريس لشهداء جزائريين قُطعت رؤوسهم، بأوامر جنرالات فرنسيين. وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف الإنسان في باريس، منها 500 فقط جرى التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية، قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي.وأكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني وجود مفاوضات مع الطرف الفرنسي لإعادة تلك الجماجم إلى الجزائر، فيما قالت الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي، إن باريسوالجزائر تجريان «حوارا وثيقًا»، وتعملان في إطار «مناخ من الثقة بشأن جميع القضايا ذات الصلة بالذاكرة، بينها إعادة نحو 50 جمجمة تحتفظ بها باريس في خزانات معدنية بالمتحف، بعيداً عن الزوار». أنيس نواري حثّ جميع التشكيلات السياسية على الإسهام في الحفاظ على استقرار البلاد الرئيس بوتفليقة يدعو إلى جبهة داخلية قوية لرفع مختلف التحديات دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس الاثنين، إلى جبهة داخلية «عتيدة» و «قوية» من أجل مواجهة مختلف التحديات، مشددا على أن الجزائر تملك المكتسبات الضرورية للمضي قدما في تنميتها. و عبر عن قناعته بأن الجزائر بوسعها تقويم وضعها الاقتصادي والمالي، داعيا بالمقابل جميع التشكيلات السياسية إلى الإسهام في الحفاظ على استقرار البلاد ، و المواطنين إلى تحكيم العقل أمام الخطابات الشعبوية و الانتخابوية. وشدّد الرئيس بوتفليقة في رسالته بمناسبة الذكرى ال62 لاندلاع الثورة التحريرية، على أن الشعب الجزائري «يحظى بالاحترام والإعجاب عبر العالم» لقدرته على المقاومة ومغالبة التحديات. وتوقف رئيس الجمهورية في رسالته عند ثلاثة تحديات وجب على البلاد رفعها، أولها تحدي أمن البلاد والعباد والممتلكات «الذي من دونه لا تتحقق التنمية، بل تصبح غير مضمونة». في هذا المقام، أكد أن الجزائر «مؤمنة بأن لها أن تعول على قدرات الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وعلى احترافيته ووطنيته، وكذا على طاقات الأسلاك الأمنية وخبرتها في صون حرمة التراب الوطني واستئصال شأفة بقايا الإرهاب وقطع دابره في أرضها». وشدد على أن أمن البلاد والقضاء على الإرهاب ودحر الآفات الإجرامية وحتى الأمن العمومي، «كلها قضايا تستوجب، أيضا، اليقظة الجماعية التي أدعو كل مواطن وكل مواطنة إلى الاضطلاع بها». ولفت رئيس الدولة إلى إن الإرهاب «آفة ما فتئت تستفحل في العالم وفي جوارنا»، مضيفا أن المتاجرة بالأسلحة وبالمخدرات «بلغت مستويات خطيرة في منطقتنا». و حرص رئيس الجمهورية، على الإشادة بقدرات الجيش الوطني الشعبي و كذا احترافيته و وطنيته في صون حرمة التراب الوطني و إستئصال شأفة بقايا الإرهاب. كما نوه بتفاني أفراد الأسلاك الأمنية و احترافيتهم على سهرهم, خاصة, على أمن المواطنين و محاربتهم لشتى الآفات التي تهدد المجتمع الجزائري. و شدد الرئيس بوتفليقة على أن أمن البلاد و القضاء على الإرهاب و دحر الآفات بوسعنا تقويم الوضع الاقتصادي والمالي الحالي و في تطرقه إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، أكد رئيس الجمهورية أنه بوسع الجزائر تقويم وضعها الاقتصادي والمالي، داعيا إلى تعبئة وطنية لتقاسم الجهود التي تفرضها المصاعب المالية الظرفية. و قال في هذا الخصوص «أجل إنه في وسعنا أن نقوم وضعنا الاقتصادي والمالي. وسيمكننا النموذج التنموي الجديد المصادق عليه مؤخرا من تثمين قدراتنا الكبيرة من أجل بناء اقتصاد أكثر تنوعا وقادرا على تلبية حاجات شبابنا في مجال التشغيل وعلى ضمان ديمومة خياراتنا الاجتماعية» يشدد رئيس الجمهورية في رسالة له بمناسبة إحياء الذكرى الثانية والستين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954. كما أشار الرئيس إلى أن الجزائر «على غرار غيرها من البلدان المنتجة للنفط باتت تواجه منذ عامين تراجعا حادا لعائداتها» غير أنه ذكر بالإجراءات المتخذة خلال السنوات الأخيرة ومنها التسديد المسبق للديون الخارجية والتسيير الرشيد لاحتياطي الصرف والتي كان لها الفضل في الحفاظ على استقلالية قرارنا الاقتصادي. وشدد على أنه «علينا أن نسير قدما بإصلاحاتنا وأن نعمقها من أجل تحديث تسييرنا وتنشيط الاستثمار وتعزيز النجاعة في النفقات العمومية وهي كلها مجالات من بين غيرها نسجل فيها يوما بعد يوم تقدما واعدا». الدستور المعدل أثرى المنظومة الانتخابية بضمانات جديدة للشفافية و الحياد وأكد الرئيس بوتفليقة، من جهة أخرى، أن الدستور المعدل في مطلع العام الجاري تعزز بقواعد الديمقراطية التعددية و أثرى المنظومة الانتخابية الوطنية بضمانات جديدة للشفافية و الحياد ستتجسد في الانتخابات التشريعية و المحلية القادمة. و تابع قائلا:»ذلك هو السياق الذي نتجه فيه اليوم إلى تنظيم انتخابات تشريعية وبعدها انتخابات محلية، خلال العام المقبل، في إطار قانون الانتخابات الذي تم تحيينه منذ فترة وجيزة بغرض إدراج ضمانات الشفافية الجديدة التي نص عليها الدستور». كما أشار إلى تنصيب الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لتمكينها من الانطلاق في نشاطها قبل الانتخابات التشريعية المقبلة. وشدد رئيس الجمهورية على أنه بصفته حامي الدستور سيسهر على «تجسيد كافة هذه المكاسب الجديدة وصونها حتى تقطع الديمقراطية أشواطا أخرى في بلادنا، ويشارك شعبنا أكثر فأكثر في اختيار ممثليه، وتسهم المجالس المنتخبة على المستوى الوطني والمحلي بشكل أكبر في إنجاح الإصلاحات، وفي التنمية على كافة الأصعدة». و بعد أن ذكر أن طموح الوصول إلى السلطة هو الغاية المنشودة من وراء التعددية الديمقراطية و على أن نجاح الديمقراطية يقتضي الاستقرار، دعا رئيس الدولة جميع التشكيلات السياسية إلى الإسهام في الحفاظ على هذا الاستقرار، مبرزا أنه «هذا واجب كل واحد منا تجاه الشعب الذي هو مصدر الديمقراطية، وتجاه الوطن الذي ليس لنا وطن غيره». كما دعا الرئيس بوتفليقة المواطنين إلى تحكيم العقل أمام الخطابات الشعبوية و الانتخابوية. وجوب ترسيخ ذكرى أول نوفمبر 1954 في الذاكرة الوطنية كما شدّد رئيس الجمهورية، بالمناسبة على وجوب ترسيخ ذكرى أول نوفمبر 1954 في الذاكرة الوطنية لتذكر التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري من أجل استرجاع حريته و استقلاله. و قال الرئيس بوتفليقة أن «الثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل استقلاله يشمل كذلك مئات الآلاف من الأرامل واليتامى ومئات الآلاف من المعطوبين وملايين الأشخاص المهجرين من أراضيهم والمشاتي المحروقة، في غالب الأحيان، بقنابل النابالم». و ذكر رئيس الدولة أن الشعب الجزائري «أبان على مدار قرن من الزمن، من خلال ثوراته المتعاقبة بكل بسالة وبطولة، عن رفضه الصريح البات للاحتلال»، مضيفا أنه «راود شعبنا الأمل في أن يعيد له إسهامه في تحرير أوروبا حريته بالتي هي أحسن، ولكنه باء بالخيبة. كما شهدت على ذلك مجازر ماي 1945 التي أودت بأرواح عشرات الآلاف من أبناء وطننا العزل». ق و رسالة رئيس الجمهورية إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء الذكرى الثانية والستين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 وجّه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس الاثنين رسالة إلى الشعب الجزائري بمناسبة إحياء الذكرى الثانية والستين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954. هذا نصها الكامل: "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين بني وطني الأعزاء، إن إحياء الذكرى الثانية والستين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة هو بمثابة ترحم وطني خاشع جامع على شهدائنا الأبرار، وعرفان نسديه لمجاهدينا ومجاهداتنا الأشاوس، الذين رحلوا والذين مازالوا على قيد الحياة وندعو لهم جميعا بموفور الصحة ومديد العمر. بالفعل,، إننا سنحيي غدا، ( اليوم الثلاثاء) إن شاء الله، بكل انتشاء واعتزاز، ذكرى الكفاح التحرري الذي جاهر شعبنا برفضه الذي دام عهودا طوالا، لغزو المستعمر واحتلاله لأرضه. ما أكثر المجازر، التي كانت من قبيل الإبادة أو كادت، التي تخللت الليل الاستعماري، ذلكم الليل الحالك الدامس الذي اكتنف السلب الكاسح الذي طال أراضينا لتصبح ملكا لمستوطنين أجانب في حين كان الإجلاء إلى ديار المنفى مآل الآلاف من الجزائريين. وكان من مغبة ذلكم الليل الرهيب أن يحاول محو هويتنا الوطنية، هي الأخرى. ذلكم بعض من كل الحقائق النكراء، حقائق الاستعمار الذي ناخ بكلكله على الجزائر، الحقائق التي لن يقوى أبدا أي خطاب يعلو من وراء البحار لا على تزييفها ولا على محوها. لقد أبان شعبنا، على مدار قرن من الزمن من خلال ثوراته المتعاقبة بكل بسالة وبطولة, عن رفضه الصريح البات للاحتلال. ولقد راود شعبنا الأمل في أن يعيد له إسهامه في تحرير أوروبا حريته بالتي هي أحسن، ولكنه باء بالخيبة كما شهدت على ذلك مجازر مايو 1945 التي أودت بأرواح عشرات الآلاف من أبناء وطننا العزل. تلكم هي المسببات العميقة لهبة أول نوفمبر 1954، هبة الخلاص التي بفضلها أقدم الشعب على استرجاع حريته واستقلاله بقوة السلاح. وكان الكفاح قاسيا مكلفا وغير متكافئ من حيث الوسائل، وارتوت تربة الجزائر بدماء مليون ونصف مليون شهيد, أي ما يربو عن سدس الساكنة، منهم من استشهد استشهاد الأبطال في ساحات الوغى والسلاح في يده، وراح البقية من الرجال والنساء والأطفال ضحية الاختطاف في المدن والقرى أو قتلوا غيلة في سجون الاستعمار أو ماتوا تحت التعذيب. والثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل استقلاله يشمل كذلك مئات الآلاف من الأرامل واليتامى ومئات الآلاف من المعطوبين وملايين الأشخاص المهجرين من أراضيهم والمشاتي المحروقة، في غالب الأحيان بقنابل النابالم. تلكم هي التضحيات الجسام التي نحيي ذكراها اليوم. وهذه هي الذكرى التي من واجبنا أن نرسخها في ذاكرتنا الوطنية، ليس لزرع الحقد وإنما لكي لا ينسى أحد منا الثمن الذي دفعه شعبنا في سبيل أن يعيش حرا مستقلا. بني وطني الأعزاء، لقد جلبت ثورة نوفمبر المجيدة لشعبنا الإعجاب الذي هو أهل له بجدارة في كافة القارات, وكانت ثمرتها إعادة بعث دولتنا المستقلة ذات السيادة. وما كان لثورتنا هذه أن تؤتي أكلها إلا بتحقيق كافة غاياتها لعهد ما بعد الاستقلال، تلك الغايات التي نص عليها بيان أول نوفمبر 1954، ومنها على الخصوص بناء ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية وفي ظل احترام الحريات الأساسية بلا تمييز من حيث العرق أو المعتقد. وكانت الورشة كبيرة كبر التأخر الذي كان لابد من تداركه، وعظيمة عظمة الآمال المشروعة لشعبنا الذي كان سخيا في تضحياته. وسرعان ما هب الشعب، بإيمان وحماس إلى إعادة بناء بلاده. فلقد اعتمد أول دستور ارتضاه الشعب الجزائري لنفسه، تلك المبادئ الأساسية المرجعية المنصوص عليها في بيان نوفمبر كثوابت وطنية تواصل تأكيدها وتمتينها من خلال التحيينات التي أدخلت على دستورنا. ابتداء من العشرية الأولى بعد الاستقلال، شرع في العمل على قدم وساق، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد التي سجلت لاحقا تقدما كبيرا رغم بعض العثرات. وقبل ربع قرن حدث الانفتاح الديمقراطي الذي تخللته، ويا للأسف مأساة وطنية أليمة وفق شعبنا في معالجتها بمقاومة اضطلع بها وحده، ثم تجاوزها بفضل جنوحه إلى خيار حميد مجد, خيار المصالحة الوطنية. ولما سبق لي أن تناولت، بمناسبة احتفالنا الفارط بذكرى عيد الاستقلال والشباب،الإنجازات الكبيرة التي وفقتم في تحقيقها في كنف السلم المسترجع والاستقرار الذي تعزز، فدعوني أقاسمكم بعض الأفكار حول مستقبلنا الوطني. بني وطني الأعزاء، يقتضي إنجاز تنمية اقتصادية واجتماعية كفيلة بتلبية حاجات الساكنة مجهودا مطردا موصولا يظل معرضا لتقلبات الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الخارجية. لهذا، كان النجاح في ربح هذه المعركة يحتاج إلى جبهة داخلية عتيدة قوية من أجل مغالبة التحديات الكثيرة، التحديات التي أتوقف عند ثلاثة منها. في المقام الأول، تحدي أمن البلاد والعباد والممتلكات الذي من دونه لا تتحقق التنمية،بل تصبح غير مضمونة. إن الجزائر مؤمنة بأن لها أن تعول على قدرات الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وعلى احترافيته ووطنيته، وكذا على طاقات الأسلاك الأمنية وخبرتها في صون حرمة التراب الوطني واستئصال شأفة بقايا الإرهاب وقطع دابره في أرضها. هذا، وأنتهز هذه المناسبة لأوجه تحية الإكبار لضباط الجيش الوطني الشعبي ولضباط صفه وجنوده على ما هم عليه من تعبئة وتحفز واستعداد وما يبذلونه من تضحيات في سبيل الوطن. كما أنوه بتفاني أفراد أسلاكنا الأمنية واحترافيتهم وسهرهم خاصة على أمن المواطنين ومحاربتهم لشتى الآفات التي تهدد مجتمعنا. إن أمن البلاد والقضاء على الإرهاب ودحر الآفات الإجرامية وحتى الأمن العمومي، كلها قضايا تستوجب أيضا، اليقظة الجماعية التي أدعو كل مواطن وكل مواطنة إلى الاضطلاع بها. إن الإرهاب آفة ما فتئت تستفحل في العالم وفي جوارنا. وقد بلغت المتاجرة بالأسلحة وبالمخدرات مستويات خطيرة في منطقتنا. لذا، وجب أن يلقى جيشنا وأسلاكنا الأمنية المؤازرة من المواطنين ويعولا على تنامي الحس المدني في سائر أرجاء بلادنا. بني وطني الأعزاء، أتطرق,في المقام الثاني، إلى تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي علينا أن نواصلها ونكثفها. في هذا المضمار وخلال قرابة عقدين من الزمن، بذلت جهود جبارة أثمرت نتائج معتبرة. فقد تمت تعبئة مئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط لبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والسكنات وتوصيل الطاقة والماء الشروب وتشييد المنشآت القاعدية. وقد ساهمت الدينامية هذه فيما ساهمت في تراجع البطالة وتحسين ظروف معيشة فئات عريضة من الساكنة. كما أن هذه الإنجازات، رغم عدم كفايتها بالنظر لفداحة كم الحاجات، تعد تجسيدا ملموسا لحرص الدولة على العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. والحال أن الجزائر، على غرار غيرها من البلدان المنتجة للنفط، باتت تواجه منذ عامين تراجعا حادا لعائداتها. وكان للإجراءات التي اتخذت خلال السنوات الأخيرة، ومنها التسديد المسبق للديون الخارجية والتسيير الرشيد لاحتياطي الصرف، كان لها الفضل في الحفاظ على استقلالية قرارنا الاقتصادي. وإنني على يقين من أن كل واحد منكم حريص على حماية هذه الاستقلالية التي تتوافق وأنفتنا الوطنية وإباءنا. ولنا في هذا مدعاة أخرى للدعوة إلى تعبئة وطنية لكي نتقاسم الجهود التي تفرضها علينا مصاعبنا المالية الظرفية, ونواصل مسارنا التنموي الواعد. أجل، إنه في وسعنا أن نقوم وضعنا الاقتصادي والمالي. وسيمكننا النموذج التنموي الجديد، المصادق عليه مؤخرا، من تثمين قدراتنا الكبيرة من أجل بناء اقتصاد أكثر تنوعا وقادرا على تلبية حاجات شبابنا في مجال التشغيل، وعلى ضمان ديمومة خياراتنا الاجتماعية. لذا، علينا أن نسير قدما بإصلاحاتنا وأن نعمقها من أجل تحديث تسييرنا، وتنشيط الاستثمار، وتعزيز النجاعة في النفقات العمومية، وهي كلها مجالات، من بين غيرها، نسجل فيها يوما بعد يوم, تقدما واعدا. كما يتعين علينا أن نسهم, يدا واحدة, في الحفاظ على السلم الاجتماعي لإنجاح مسعى الإعمار الوطني. في سبيل ذلك، باشرت الحكومة الحوار والتشاور مع شركائها الاقتصاديين والاجتماعيين. وإني أدعو هؤلاء جميعا إلى الإسهام في صون السلم الاجتماعي. كما أدعو المواطنين إلى تحكيم العقل أمام الخطابات الشعبوية والانتخابوية. بني وطني الأعزاء، التحدي الثالث والأخير الذي أود التطرق إليه اليوم هو تحدي الاستقرار السياسي. بفضل المولى عز وجل ارتضت بلادنا لنفسها بنية مؤسساتية وطنية ومحلية منبثقة من الانتخابات التي تجري بانتظام. كما أن الدستور الذي تمت مراجعته، في مطلع العام الجاري، تعزز بقواعد الديمقراطية التعددية ودعم مكانة المعارضة وحقوقها حتى داخل البرلمان، وأثرى منظومتنا الانتخابية بضمانات جديدة للشفافية والحياد. ذلكم هو السياق الذي نتجه فيه اليوم إلى تنظيم انتخابات تشريعية وبعدها انتخابات محلية، خلال العام المقبل، في إطار قانون الانتخابات الذي تم تحيينه منذ فترة وجيزة بغرض إدراج ضمانات الشفافية الجديدة التي نص عليها الدستور. وفي ذات الوقت تم الشروع في وضع الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لتمكينها من الانطلاق في نشاطها قبل الانتخابات التشريعية المقبلة. وبما أن حماية الدستور منوطة برئيس الجمهورية، فإنني سأسهر على تجسيد كافة هذه المكاسب الجديدة وصونها حتى تقطع الديمقراطية أشواطا أخرى في بلادنا ويشارك شعبنا أكثر فأكثر في اختيار ممثليه، وتسهم المجالس المنتخبة على المستوى الوطني والمحلي بشكل أكبر في إنجاح الإصلاحات وفي التنمية على كافة الأصعدة. أجل، إن طموح الوصول إلى السلطة هو الغاية المنشودة من وراء التعددية الديمقراطية، غير أن نجاح الديمقراطية يقتضي الاستقرار. لذا، أدعو جميع تشكيلاتنا السياسية إلى الإسهام في الحفاظ على هذا الاستقرار. وهذا واجب كل واحد منا تجاه الشعب الذي هو مصدر الديمقراطية وتجاه الوطن الذي ليس لنا وطن غيره. بني وطني الأعزاء، إنكم شعب يحظى بالاحترام والإعجاب عبر العالم وذلك لأنكم شعب يتمتع بمقدرة على المقاومة ومغالبة التحديات، وقد برهنتم على ذلك مرات ومرات. بعون من الله استطاعت الجزائر أن تسترجع أمنها وستواصل الحفاظ عليه في هذا المحيط المضطرب. هذا، وإن الجزائر تملك أيضا المكتسبات الضرورية للمضي قدما في تنميتها والاستجابة أكثر فأكثر للحاجات الاجتماعية لكل واحد من مواطنيها والالتحاق بركب البلدان الصاعدة. كما أنها اعتمدت ديمقراطية حقة سيتواصل تطويرها وترسيخها حتى نثبت للعالم أننا لا نقل عن غيرنا شأنا في هذا المجال. كل هذا إنما هو ثمرة جهودكم وتضحياتكم. وكل هذا يدعوكم إلى مواصلة المسيرة وإنجاح الجهاد الأكبر من أجل أن تبقوا في مستوى عظمة ثورة نوفمبر وتضحيات شهدائنا الأبرار. على نغمة هذا الأمل المشروع، أختم رسالتي هذه متوجها إليكم, بني وطني الأعزاء، بأحر التهاني بمناسبة إحياء عيدنا الوطني، عيد أول نوفمبر، متمنيا لكم مزيدا من السعادة و الرفاه في كنف الجزائر المستقلة ذات السيادة، راجيا من المولى جل جلاله أن يكلأ شعبنا بعنايته ورعايته ويحفظ وطننا من كل سوء ومكروه. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. تحيا الجزائر. أشكركم على كرم الإصغاء». وزير المجاهدين الطيب زيتوني للنصر طال الزمن أو قصر يجب أن يكون هناك تعويض و اعتذار من فرنسا لا تعويض للأقدام السوداء والحركى كانوا عملاء و التاريخ سيشهد ضدهم أكد وزير المجاهدين الطيب زيتوني ، أنه مهما طال الزمن أو قصر فإنه يجب على فرنسا الاعتراف و الاعتذار وتعويض الشعب الجزائري عن الجرائم التي ارتكبتها خلال الحقبة الاستعمارية، واعتبر أن العلاقات بين الجزائروفرنسا تبقى دائما غير مستقرة على خلفية ملف الذاكرة، حيث تظل العديد من الملفات عالقة بين البلدين إلى غاية اليوم وهو ما يتسبب في زعزعة الثقة بين الطرفين. وأوضح الوزير في حوار مع النصر، أن تصريحات بعض المسؤولين الفرنسيين المتحاملة على الجزائر، تدخل في إطار الحملة الانتخابية الفرنسية. وبخصوص ملف الحركى قال زيتوني، أن هؤلاء اختاروا طريقهم فهم فرنسيون، و التاريخ سيشهد ضدهم لأنهم خانوا وطنهم وإخوانهم. كما تحدث وزير المجاهدين بالمناسبة عن مسائل أخرى وقضايا هامة منها ما يتعلق بكتابة التاريخ ونقله للأجيال، إضافة إلى ملف الأقدام السوداء وغيرها.. أجرى الحوار: مراد حمو النصر: تحتفل الجزائر بالذكرى ال62 لثورة أول نوفمبر الخالدة ، ما أهم ما يميز الاحتفالات بهذه الذكرى ؟ وزير المجاهدين، السيد الطيب زيتوني: في البداية أشكر جريدة النصر على ما تقوم به بالنسبة للإعلام وتبليغ رسالة المجاهدين والثورة والثوار، والذي يدخل في صميم العمل الذي تقوم به وزارة المجاهدين ومن خلالكم أحيي كل قراء جريدة النصر بهذه المناسبة، وبالنسبة للبرنامج المسطر للاحتفال بالذكرى ال62 لثورة أول نوفمبر، سيكون تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تحت شعار « مجد ومرجعية خالدة» وتم إعداد برنامج ثري يشمل كل القطاعات في الثقافة والتاريخ والتعليم وغيرها، و البرنامج بدأنا في تجسيده وقد شرعنا على مستوى البلديات والولايات في تنظيم مسابقات وملتقيات وغيرها كما غيرنا توقيت المتاحف وأصبح عملها ونشاطها دائما وتكون مفتوحة بعد أوقات العمل حيث تنظم كل المحطات التاريخية وتحتفل بها مع الشركاء لاسيما الاحتفال بهذه الذكرى وبالنسبة لقطاع المجاهدين توجد نشاطات ثقافية، علمية، تاريخية، من ندوات، محاضرات، ملتقيات وعرض أشرطة ولاطلاعكم فإن وزارة المجاهدين تتوفر على 44 متحفا تتوزع على معظم ولايات الوطن، وكلها مزودة بوسائل سمعية بصرية لجمع الشهادات وتسجيلها ومكتبات وقاعات للمطالعة وقاعات للمحاضرات ولعرض الأفلام والأشرطة وقاعات يلتقي فيها المجاهدون و الشباب من خلال الاتفاقيات الموجودة على مستوى الولايات بين وزارة المجاهدين ممثلة في مديرية المجاهدين أو المتحف وكذلك القطاعات الأخرى ، زيادة على النشاطات الرياضية والثقافية في القطاعات الأخرى والتي كلها تدخل في صميم برنامج موحد على المستوى المحلي والوطني، زيادة على تنظيم في بعض الولايات استعراض لمختلف أنشطة الشباب ونشاطات مختلفة ومسابقات في عدة ميادين، فهذه الذكرى غالية على الشعب الجزائري، فإنه بفضل 1 نوفمبر 1945 ، نتمتع بالاستقلال والكرامة واستعادة السيادة الوطنية في 5 جويلية 1962 . النصر: ماذا تقولون بشأن العلاقات بين الجزائروفرنسا، سيما بعد التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الفرنسيين؟ الطيب زيتوني: العلاقات بين الجزائروفرنسا تشهد فترات عدم استقرار، والسبب الرئيسي هو الذاكرة ، لأن موضوع الذاكرة هو المحور الرئيس بالنسبة للعلاقات بيننا وبين فرنسا، بحكم أن هناك ملفات عالقة بين البلدين و مادام هذه الملفات مطروحة والتي هي الآن قيد النقاش بين الطرفين وما لم تجد الحل و تحقق مرادها، فلا يمكن أن تكون هناك علاقات عادية. وبالنسبة لتصريحات المسؤولين الفرنسيين، فإنها تدخل في إطار الحملة الانتخابية للرئاسيات الفرنسية و الملفات التي بيننا وبين فرنسا ليست وليدة الظرف. النصر : لا تزال بعض الملفات عالقة بين البلدين، إلى أين وصل عمل اللجان التي تم تنصيبها والمتعلقة بملف الأرشيف ومسألة التعويضات عن التجارب النووية الفرنسية وملف المفقودين الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية ؟ الطيب زيتوني: تم الاتفاق في إطار المباحثات مع فرنسا على تنصيب ثلاث لجان، فهناك لجنة خاصة بالأرشيف الوطني ولجنة خاصة بالمفقودين ولجنة ثالثة خاصة بالتعويضات عن التفجيرات النووية في الجنوب الجزائري، هذه اللجان تشتغل بصفة دورية، ونستطيع أن نقول أن العملية لا تزال في طور الأخذ والعطاء من طرف اللجان ولم نلمس الجديد أو الملموس من طرف الجانب الفرنسي بخصوصها، و ستعقد اجتماعات أخرى نتمنى أن تأتي بالجديد، وعندما تسمع تصريحات الفرنسيين فيما يخص هذه الملفات فهي إيجابية لكن لا أثر لها في الميدان تقريبا، فالأرشيف الوطني الموجود بحوزة فرنسا لا يزال ينتظر نتائج المباحثات لاسترجاعه. وبالنسبة لملف المفقودين لم نعرف وضعيتهم الحقيقية والتعويضات عن التفجيرات النووية الفرنسية في الجنوب، لم تعوض فرنسا أي شخص في الجنوب الجزائري ولهذا تبقى الملفات عالقة دائما، وهذا ما يتسبب في زعزعة الثقة بين الطرفين وكذلك يعرقل العمل الجاد الذي تقوم به الجزائر والإرادة الصادقة في التعامل مع هذه القضايا المطروحة. النصر : آثار ومخلفات التجارب النووية التي قامت بها فرنسا في الجزائر تبقى شاهدة إلى اليوم على جرائم الاستعمار في حق الإنسان والطبيعة، ماذا بخصوص العمل المتعلق بإزالة هذه المخلفات الخطيرة؟ الطيب زيتوني: هم يرجعون إلى ما يسمى بقانون موران ولما نقرأ هذا القانون نستطيع أن نقول أنه لا يأتي بالجديد أو الشيء الإيجابي للجزائر والجزائريين. ولما قام العلماء المختصون في المجال النووي بزيارة المنطقة من بينهم جزائريون وأجانب أشاروا إلى شساعة الرقعة الملوثة بفعل تعرضها للإشعاعات النووية ، ناهيك عن الأعراض الجسدية والنفسية و الأمراض التي أصابت وتصيب الآن المواطنين من مخلفات التفجيرات النووية . النصر : ماذا عن ملف استرجاع جماجم المقاومين الجزائريين من فرنسا وهل هناك اتصالات جديدة مع الطرف الفرنسي بخصوص هذه القضية ؟ الطيب زيتوني: الجديد لن يأتي بين عشية وضحاها لأن هذه العملية عندها أكثر من قرن ونصف، لكن أظن أن الجزائريين كانوا يبحثون عن قانون لتجريم الاستعمار فصدر قانون من طرف جماجم شهداء المقاومة الشعبية المخزّنة في متحف الإنسان بباريس، فالذي أصدر قانون التجريم هو هذه الجماجم، أولا كشفت الغطاء عن الهمجية وعلى التنكيل وكذلك كشفت حقيقة المستعمر والعمل لاسترجاع هذه الجماجم تتكفل به الدولة الجزائرية عن طريق سفارتنا بباريس من خلال القيام بالإجراءات التقنية لاسترجاع هذه الجماجم ودفنها في أرض الشهداء والأبطال التي سقوها بدمائهم.. النصر : فرنسا ارتكبت مجازر رهيبة منذ بداية الاحتلال ماذا عن مطلب الاعتذار وتقديم التعويضات للشعب الجزائري؟ الطيب زيتوني: الدولة ممثلة للشعب الجزائري وهذا مطلب شعبي وواقعي وعادي بالنظر إلى ما ارتكبه المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري، و طال الزمن أو قصر يجب أن يكون هناك اعتذار واعتراف وتعويض ، هذه مطالب الشعب الجزائري والدولة تمثل الشعب الجزائري وهذا مطلب منطقي و من خلال كتابة التاريخ وإبراز جرائم الاستعمار ، هذا دليل قاطع على أن المطالب لازالت مستمرة وستبقى مستمرة إلى أن تحل هذه المشاكل المطروحة والملفات العالقة بين الطرفين . النصر: الأقدام السوداء كانوا قد طالبوا بتعويضات مقابل أملاكهم التي كانت في الجزائر خلال فترة الاستعمار، ما رأيكم؟ الطيب زيتوني: تصريح فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة كان واضحا في هذا الشأن ، فقد طويت الصحف وجفت الأقلام، فليس لهؤلاء أي حق. النصر : ملف الجزائريين الحركى الذين خانوا بلادهم وإنسانيتهم وإخوانهم فصل فيه الوقت والتاريخ ماذا تقولون في هذه القضية ؟ الطيب زيتوني: هؤلاء اختاروا طريقهم فهم فرنسيين، طبعا التاريخ سيشهد ضدهم لأنهم خانوا وطنهم و بلدهم وإخوانهم وأرضهم، فهم عملاء لا نستطيع أن نغطي الشمس بالغربال، الأمر واضح هم اختاروا طريقهم حيث كانوا ضد الثورة، و ضد المجاهدين وكانوا السبب في قتل الكثير من الجزائريات والجزائريين. النصر: إلى أين وصلت عملية التسجيلات الخاصة بالذاكرة الوطنية المتعلقة بالشهادات الحية للمجاهدين وكيف تنظرون إلى عملية كتابة التاريخ وتدريسه للأجيال ؟ الطيب زيتوني: عملية التسجيل ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، وقد وصلنا إلى تسجيل بعد الاجتماع التقييمي الذي قمنا به مع مديري المجاهدين ومديري مراكز الراحة والمتاحف إلى 16 ألف ساعة مسجلة وهي في أقراص مضغوطة، وبدأ المؤرخون والباحثون باستغلالها ، و في الحقيقة وزارة المجاهدين لا تكتب التاريخ ولكن تحضر المادة الخام لكتابة التاريخ وقد بدأنا في هذه العملية والآن أغلبية المجاهدين، خاصة ضباط جيش التحرير الوطني كتبوا مذكراتهم وسجلوا شهاداتهم ، كما أن معاهد التاريخ والجامعات تهتم بالتاريخ والصحافة والإعلام كذلك يهتم بالتاريخ، الكتب التي صدرت مؤخرا، خاصة الإصدارات الخاصة بالذكرى ال60 والذكرى التي سبقت والإصدارات التي أصدرتها وزارة المجاهدين من أفلام وأشرطة وثائقية وأفلام طويلة كلها تحكي عن التاريخ، المكتبات الموجودة داخل وزارة المجاهدين أو داخل متاحف المجاهدين كلها كتب تاريخية حول ثورة التحرير الوطني والمقاومة والحركة الوطنية، نحن متقدمون جدا في هذا الميدان، ويوجد لدينا حاليا 44 متحفا ولائيا زيادة على المتحف الوطني بالعاصمة زيادة على بعض المشاريع الآن التي هي في طور الانجاز والتجهيز، وفي المستقبل نسعى إلى أن يكون لكل ولاية متحف خاص بها للمجاهد وهذا هو البرنامج المسطر لدى وزارة المجاهدين، زيادة على الحفاظ على المعالم التاريخية ومقابر الشهداء ومراكز التعذيب إبان ثورة التحرير الوطني والتي أحصتهم الوزارة والآن لديها ملفات الخاصة بها من أجل الترميم و المحافظة عليها فهي تعتبر شهود عيان وتاريخ ناطق بالنسبة للحقبة الاستدمارية في الجزائر . النصر: ماذا بخصوص إنشاء قناة تلفزيونية تهتم بتاريخ الجزائر ؟ الطيب زيتوني: التفكير موجود و الملف جاهز لكن التمويل ينقصه ، نظرا للظروف المالية التي تمس كل دول العالم بما فيها الجزائر، فالمشروع قائم ، فإذا أنشأنا قناة لابد أن تكون دائمة ومستمرة، والمادة موجودة ولكن الوسائل المادية لبثها تنقصنا في الظرف الحالي ولكن نحن في اتصال مع المؤسسة الوطنية للتلفزيون وإذا استطعنا حل بعض المشاكل سنعلن عنها في الوقت المناسب إن شاء الله. أما الإذاعة الخاصة بالذاكرة فستكون في مركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، وتقريبا الملف في اللمسات الأخيرة، و سيكون بث هذه الإذاعة لساعات قليلة في البداية، على أن يتم توسيع البث أكثر مع مرور الوقت ، لأننا نستطيع بوسائلنا الخاصة أن تكون لدينا قناة إذاعية عكس القناة التلفزيونية . النصر : كلمة أخيرة حول ذكرى أول نوفمبر المجيدة وعن الانجازات التي حققتها جزائر الاستقلال؟ الطيب زيتوني: من الإنجازات المحققة ، وجودك أنت معنا اليوم أولا كشاب وكصحافي، و الاهتمام بالصحافة والصحافيين يشجعنا أكثر و نعمل أكثر وخاصة في هذا الموروث الثقافي التاريخي الذي تعرفه الجزائر، و وزارة المجاهدين بالأخص. فالجزائر معروفة بتاريخها وبماضيها وأحسن هدية نقدمها في عيد الثورة للشهداء والمجاهدين هي الاعتناء بتاريخنا، ومن خلال ذلك الاعتناء بالجزائر والتي هي كانت وصية الشهداء والمجاهدين ووصية من ضحوا من أجل الجزائر ونشكر جريدتكم المحترمة ونرجو كذلك من خلالها أن تخصص ابتداء من هذه الذكرى دائما على الأقل نصف صفحة حول التاريخ ولما نقول حول التاريخ ، حول شهيد أو معركة وتصبح ساهمت بشكل كبير في كتابة التاريخ وتبليغه للشعب الجزائري عامة. م.ح رئيس المركز الوطني للأرشيف للنصر الجزائر ستستلم 50 مليون وثيقة عن الثورة من الصليب الأحمر لا يوجد بالأرشيف المحتجز لدى فرنسا ما يضر بالثورة والأرشيف المحلي لا يكفي لإعداد البحوث جل الباحثين الذين يقصدون مركز الأرشيف أجانب وقلما نستقبل باحثين جزائريين كشف رئيس المركز الوطني للأرشيف، السيد عبد المجيد شيخي، عن التوصل إلى اتفاق مع الصليب الأحمر الدولي، يقضي بتسليم الجزائر نسخ عن كافة التقارير التي أعدها الصليب الأحمر الدولي إبان الثورة، والمقدر عددها بحوالي 50 مليون وثيقة،من بينها صور المساجين الجزائريين، معلنا في حوار للنصر، أن الأرشيف الذي ما يزال بحوزة الأشخاص والمنظمات والزوايا أكثر بكثير مما تحوز عليه الدولة، مبديا تفاؤله باسترجاع أرشيف الجزائر الذي استحوذت عليه فرنسا. حاورته : لطيفة بلحاج النصر: كثر الحديث مؤخرا عبر وسائل الإعلام عن ملف استرجاع الأرشيف، الذي يؤرخ لمراحل ما قبل وخلال الثورة التحريرية، هل ما تزال مساعي الجزائر مستمرة في هذا الإطار؟ عبد المجيد شيخي: هذا الموضوع مطروح من الدولة منذ استرجاع السيادة على مختلف المستويات، حتى قبل إنشاء مؤسسة الأرشيف، على مستوى أجهزة الدولة ووزارة الخارجية، والسؤال حول ما إذا كان فعلا هناك أرشيف جزائري لدى فرنسا، والسلطات الفرنسية لا تريد أن تعيده، أنا أقول نعم، الأرشيف موجود وبكميات كبيرة جدا، لأن الاستعمار الفرنسي أخذ كل ما هو مهم في الأرشيف ولم يترك إلا الفتات، وهو لا يتعلق فقط بالفترة الاستعمارية بل يصل إلى أبعد ما يمكن أن يذهب إليه في التاريخ، لقد أخذوا كل شيء، مخطوطات كتب وثائق خاصة وعامة للدولة، كل هذا موجود في المخازن الفرنسية، وأن الفرنسيين لا يريدون إعادته، هذا صحيح أيضا، لأسباب عديدة، السبب الأول الذي يقدمونه كحجة هو أن هذا الأرشيف وضعه الفرنسيون في إدارة البلاد وبالتالي فهو فرنسي، وهذا يتعارض مع المنطق، ومع الأعراف والقوانين الدولية لأن الأرشيف ملك للإقليم الذي نشأ فيه، بغض النظر عن السلطة السياسية التي توجد به، إذا الأرشيف نشأ على أرض الجزائر فهو ملك للجزائر. السبب الثاني أنهم يفرقون بين أرشيف التسيير وأرشيف السيادة، وهذا لا مجال له من الصحة، لأنها مصطلحات مطلوب تحديد معانيها ومحتواها، وهذا ما لم ترد السلطات الفرنسية أن تقدمه، حتى نعرف ما هو من أعمال السيادة التي تتمسك بها الدولة الفرنسية، وما هو من أعمال الإدارة الذي يهم تسيير البلاد. والمطالبة باستعادة الأرشيف بدأت سنة 62 ولا زالت قائمة، وهناك مساعي، وتشكلت لأجل ذلك لجنة مشتركة ما بين الأرشيف الجزائري والأرشيف الفرنسي، وهي تناقش الموضوع منذ سنوات، ولم يتم لحد الآن استرجاع أي شيء، سوى بعض الأرشيفات خلال الثمانينات، ولكنها كانت بمثابة هدية، أو طيبة خاطر، أما أن تكون منظمة في إطار عملية استعادة الأرشيف ، فهذا ما لم تقم به السلطات الفرنسية إلى اليوم، ونحن لا زلنا في مساعينا ومحادثاتنا، وفقد أحرزنا تقدما في توضيح المفاهيم، وقد نصل قريبا إلى إجراءات التسليم. علما أننا اتهمنا من بعض المواطنين الجزائريين، وخاصة من بعض الأرشيفيين الذين غادروا المؤسسة، أننا تنازلنا عن ملكية الأصول، وقبلنا بالنسخ، هذا ما لم يتم إطلاقا، لأن هناك اتفاقا بين الجزائروفرنسا، ينص صراحة على أن الجزائر لا تتنازل عن الأصول، نحن نملكها ونريد استرجاعها، أما أن نقبل مرحليا بالنسخ، فهذا من منطلق حرصنا على تسهيل عمل الباحثين عندنا فقط. كيف يمكن أن نعرف الحجم الإجمالي للأرشيف الجزائري الذي استحوذت عليه السلطات الفرنسية؟ هذا سؤال لا يطرح، لأننا لا يمكن أن نقيم الحجم وكذلك العدد، هذا كلام غير منطقي، أنا أقول لك هناك أطنان وأطنان من الأرشيف لا نستطيع تقديرها، هذا الشيء أخذ من الجزائر على مدى سنين، وتراكم في المخازن الفرنسية، ولا يمكن أن نقدره إلا عندما نصل إلى مرحلة التسليم، وأنا متأكد أنه حتى عندما نستلم الأرشيف كاملا، سوف يبقى منه عند الفرنسيين ما هو مخفي أو غير معروف. البعض يتحدث عن أرشيف مضر بالثورة هو بحوزة الفرنسيين، وأن الجزائر تتماطل في استرجاعه خشية وقوع مشاكل وتصفية حسابات؟ هذا كلام أيضا فارغ وغير صحيح، وهي حجة تقدمها السلطات الفرنسية وتروجها في المجتمع، والتي مفادها أن استلام الأرشيف سيؤدي إلى قيام حرب أهلية، وأنه ستكون تصفية حسابات و سيكون خونة، أنا أقول أن لا أحد مسؤول عن أمن الجزائر أكثر من الدولة، فهي مسؤولة عن الأمن والاستقرار، وعند دخول الأرشيف فإن الدولة تعرف ما سيقدم للباحثين وما يمكن أن يمنع عنهم، وهذا إجراء معمول به في جميع دول العالم، لا ننفرد في هذا عن الدول الأخرى. إذا لمَ تأخر استلام الأرشيف طيلة كل هذه السنوات؟ صحيح أن هناك ما يضر فرنسا، لأن تفاصيل المجازر التي وقعت في الجزائر، منذ 1830 تدينها فعلا، وهناك أدلة عليها، ويمكن أن تكون هذه حجتها، وإذا ثبتت بعض المسائل، التي تعد ثابتة بالنسبة لنا، وبعد العثور على الوثائق التي تؤكدها ستنجر عنها مسؤوليات، وأذكر على سبيل المثال مجازر 45 و مجازر أكتوبر 61 في باريس، لكن ما قبل هذا إبادة قبائل بكاملها، منها قبيلة العوفية، والمحارق التي وقعت في الظهرة بنواحي مستغانم وكذلك بقالمة، والقتل الجماعي في هجومات 55 بملعب سكيكدة، وغيرها كثير. هل سيتم تحريك دعوى قضائية ضد فرنسا مع المطالبة بالتعويض في حال استلام الأرشيف؟ هذا موضوع لا يهم الأرشيف، ولا أستطيع التحدث باسم السلطات العليا في البلاد، أما أنا فمن واجبي، أن أحصل واسترجع الأرشيف، و أضعه في متناول الباحثين، أما ما يعمل به خارج المؤسسة فهذا من مسؤولية الجميع، وكل جهة لها اختصاصها. برأيك هل هذا هو أكثر ما يخيف فرنسا وماذا عن استرجاع الجماجم؟ لا أعرف ما يحرك السلطات الفرنسية وما يدور في خلدها من منع تسليم الأرشيف، ولكن قد يكون هذا أيضا واردا بطبيعة الحال، وموضوع الجماجم لا يهم الأرشيف بل المتاحف. ألا ترون أن استعادة خرائط الألغام هو أمر جد مستعجل، لأن الأمر يتصل بسلامة الأشخاص؟ الخرائط الصحيحة لم نستلمها، هذا كذلك بالنسبة لنا كهيئة أرشيف سيسلم لنا مستقبلا وهذا الموضوع مستعجل منذ سنة 62، ولكن لو انتظرنا أن نستلم الخرائط لندمر الألغام، لربما قتل نصف الشعب الجزائري، لكن الحمد لله هذه العملية بدأ بها جيش التحرير، مباشرة بعد استرجاع السيادة سنة 63، تمت عملية مسح كبيرة ودمر الكثير منها، ولكن المشكل في الألغام المتبقية التي لا يعرف مكانها لأن الأرض تتحرك، ولان السيول تلعب دورها، هذا الذي يجعل هذا الأمر دائما مستعجلا، إذا كانت روح مواطن جزائري واحد مهددة بالإزهاق، فعلينا أن نسرع لنحمي هذه الروح. كم عدد الألغام التي تم زرعها قبيل الاستقلال والتي ما تزال تحصد أرواح الأبرياء؟ هي تقدر بحوالي 20 مليون لغم، أما ما نُزع منها، فيمكن الرجوع إلى الإعلام الذي أعد تقارير بخصوص الموضوع، وأنتم أيضا كإعلاميين عليكم بالبحث قليلا؟ لماذا لم نحصل لحد اليوم على عدد ضحايا مجازر 17 أكتوبر 1961، الذين رمت بهم فرنسا في نهر السين؟ هو ضمن الأرشيف الذي لم يسلم، ونحن لم نقصر في هذا الملف، لأن موضوع الأرشيف يطرح برمته، ونحن لا يمكن أن نذهب للطرف الفرنسي ونقول له اعطني هذا الأرشيف، وعندما يرفض نمر إلى أرشيف آخر للمطالبة به، نحن نطرح القضية بصورة عامة، على أساس استرجاع ملكنا، وبالنسبة لمظاهرات 17 أكتوبر، الإحصائيات التي وضعها الفرنسيون موجودة عندهم، زائد البلاغ الرسمي «لبابون»، الذي يتحدث عن 10 قتلى، وحوالي 40 أو 50 جريحا، هذا موجود في تقارير جبهة التحرير الوطني التي تتحدث عن 300 ضحية، وأنا اعتقد أن العدد أكبر من هذا بكثير، لكن هناك وسيلة مقارنة، حتى نصل إلى أن العدد الذي تقدمت به مصالح جبهة التحرير في باريس في ذلك الوقت، قريبة من الحقيقة وهي ما كتبته الصحافة العالمية في ذلك اليوم، وهو ما كانت تخشاه السلطات الفرنسية، بحكم أن باريس هي عاصمة عالمية كبرى، لذلك فإن الصحافة العالمية كانت موجودة وكتبت في الموضوع، وأعطت إحصائيات، حول عدد القتلى في كل مكان، ويمكن بموجب عملية حسابية بسيطة معرفة عدد الضحايا في تلك الأيام، هذا يعطينا رقما ليس بعيدا عن رقم الجبهة، لكن الذي نجهله هو الذين ألقي عليهم القبض، وأرسلوا في الطائرات إلى جزائر، ومنهم الكثير ألقي بهم في البحر، من السماء، أما العدد الذي تحول من فرنسا إلى الجزائر، فيقول البعض أنه في حدود 11 ألف إلى 12 ألف مهاجر أبعدوا من فرنسا، وأتي بهم إلى مراكز التجمع والمحتشدات، لكن لا نعرف كم عددهم بالضبط، ويمكن أن تسهل العملية من خلال التقارير التي يكون الصليب الأحمر الدولي وضعها، والتي نحن بصدد تصويرها، وهو انفراد للجريدة قبل الإعلان عنه، نحن وصلنا إلى اتفاق مع الصليب على تصوير كل الوثائق الخاصة بمرحلة الثورة من 54 إلى 62، وتشكل حوالي 50 مليون وثيقة، بما في ذلك صور المساجين الجزائريين الذين كان الصليب الأحمر يزورهم، سواء في فرنسا أو الجزائر، وهو رصيد مهم جدا ربما سنبدأ في تصويره في غضون شهر أو شهرين. بعض المؤرخين يطعنون في الأرشيف الموجود لدى فرنسا على أساس أنه مزور، ويدعون إلى الاعتماد على الأرشيف المحلي ما صحة ذلك؟ هو كلام غير صحيح، وأرفض الدخول في صراع معهم، وأقول إنه في جميع أنحاء العالم، وفي كافة الأحداث التي وقعت في التاريخ، لا يكفي الرصيد الموجود لتغطية الحقيقة التاريخية، وبالتالي نحن دائما نقول أن الأرشيف الموجود عندنا غير كافٍ، وهذا يشجعنا على أن نبحث عن الأرشيف أينما وجد. وبالمناسبة فإن حجم الأرشيف الموجود عند الخواص حول أحداث الثورة وما قبل الثورة وحتى بعد الاستقلال ، أكثر مما هو موجود في مخازن الدولة، غير أنهم يرفضون تسليمه. و هل يمكن للدولة أن تمارس سلطتها في هذا المجال؟ لا يمكن أن نطلب من الدولة ما هو مستحيل وما فيه خطر، إذا كان لأحد أرشيف تملكه الأمة، وهو موجود في حوزته ولا يريد تسليمه، فإن القانون يجيز لي كمدير الأرشيف الوطني أن أستعمل الشرطة وأقتحم البيوت لأخذ هذا الأرشيف، لكن تصوري أنني سأحضر الشرطة لأرغم مواطنا على تسليم الأرشيف، يمكن أن يدفع به ذلك إلى إشعال عود ثقاب ويحرقه، فأنا لا أغامر حتى لا أضيع أرشيف الدولة، باستعمال ما يخوله لي القانون، لذلك نحن نتفاوض مع الأفراد والجماعات، منها الزوايا ومنظمات دينية واجتماعية، نتفاوض معها بالتي هي أحسن، ولدينا طريقتان، من خلال القانون الذي يلزم كل شخص بالتصريح بالأرشيف، وإذا لم يصرح نطلب منه في حال عدم التسليم تصويره لنحتفظ بنسخة، لأننا لا ندري ما قد يحدث مستقبلا، قد تقع فيضانات أو حرائق، وقد يتلف الأرشيف، هذا ما نحن بصدده، وأحيانا ننجح وأخرى لا، ولكن نعيد الكرة في كل مرة. وماذا عن أرشيف المرحلة العثمانية؟ بالنسبة للمرحلة العثمانية هم لم يأخذوا الوثائق، الجزائر كانت مستقلة ولم تكن مستعمرة و كنا نكن الولاء للخليفة في المنابر، والأرشيف الموجود في تركيا في الفترة العثمانية يخص بعض المراسلات، على أساس أن الأصل موجود هنا، واتفقنا مع الأتراك تسليمنا نسخا طبق الأصل عن كل ما هو موجود في خزائنهم، وقد بدأوا، وإن كانت الكميات غير كبيرة، ويبقى جل الأرشيف الجزائري في الحقبة العثمانية لدى فرنسا، مع وجود البعض منه على مستوى مركز الأرشيف الوطني. هل يتعامل الأرشيف مع الباحثين الجزائريين؟ للأسف نستقبل الأفراد، لكن الباحثين لا يقصدوننا، في حين أن دور و مراكز الأرشيف في العالم مفتوحة للباحثين، وأنا فتحته حتى لتلاميذ الابتدائي، كما نستقبل باستمرار باحثين يأتون من اليابان وأمريكا وألمانيا ودول أخرى لدراسة الثورة التحريرية.