الرياضة بمفهومها العام وأهدافها السامية هي أولا وقبل كل شيء تربية ومنافسة تضبطها أخلاقيات أقل ما يقال عنها أنها بديهية كالروح الرياضية والنزاهة والإنضباط إلى جانب إحترام الخصم وقواعد اللعبة، لكن وللأسف مع مرور الزمن وتطور مستوى الرياضيين وارتباط هذان العاملان بعالم النتيجة والمال، أصبح البعض (نوادي ورياضيين) بفعل شدة المنافسة وضغط الأنصار يلجؤون إلى العنف لتغطية الضعف في طرق غير شرعية تتنافى كلية مع أخلاقيات الرياضة. هذه الظاهرة انتشرت بشكل مرعب في جميع أقسام المنافسة الكروية وأصبحت تصنع الحدث في البطولات الدرجات الدنيا على وجه الخصوص، حيث لا يكاد يمر أسبوع إلا ونسمع عن حالة من الضعف في إحدى الملاعب الأمر الذي جعل الظاهرة بالنسبة للبعض بالعادية من كثرة ما عاشها في فترات متتالية. ولعل من بين أسباب إنتشار هذه الظاهرة أو بالأحرى التي ساعدت على إنتشارها هذه الآفة هي ضعف الهيئة الكروية إلى جانب نقص الرقابة وغياب القوانين الرادعة إلى جانب ضيق سعة الملاعب وقلة الأمن خصوصا في المباريات الساخنة. هذه الصورة السوداء والسلبية التي إستفحلت حتى في القارة الأوروبية على الوضع وإبطال كل محاولات إثارة الشغب إزدادت بالمقابل أسبوعا بعد أسبوع في مختلف ملاعبنا المنتشرة عبر التراب الجزائري وأصبحت عادة لدى الأنصار الذين يعبرون عن إستيائهم سواء من النتيجة المسجلة لفريقهم ومن الحكم بإثارة الشغب والعنف يبدأ داخل الملعب قبل أن يمتد إلى خارجه وكأن في العنف سبب لشفاء الغليل غير أن الخسائر التي تخلفها هذه الآفة تكون أشبه بالدمار فلا كراسي المثبتة على المدرجات بقيت سليمة ولا أرضية الميدان حافظت على بساطها الأخضر ولا نجى اللاعبون من الإعتداءات والمقذوفات في صورة قاتمة تشمئز النفس من رؤيتها فما بالك الذي يعيشها بجسده ولا نجد أحسن مثال من الذي حصل منذ أيام بملعب بشار بين شبيبة الساورة وأهلي برج بوعريريج الذي إنتهى قبل وقته الرسمي بسبب إستحالة مواصلة المباراة في الظروف التي حدثت والمتمثلة في أحداث الشغب التي إندلعت من المدرجات بسبب إستياء الأنصار من النتيجة السلبية التي كانت مسجلة وتصرفات الحكم الذي لعب بأعصاب المناصرين ما حملهم علي القيام بتلك التصرفات المشينة بعدها بأسبوع حدثت أيضا مناوشات في ملعب مستغانم بين لاعبي الترجي ونظرائهم من شبيبة الساورة لحسن الحظ أن رجال الأمن تحكموا في الوضع واستطاعوا إرجاع الأمور إلى طبيعتها وإلا لحدثت الكارثة هذا غيض من فيض مما يحدث من حالات العنف في الملاعب أغلبها في الأقسام السفلى التي لا نسمع عنها شيئا لحرمانها من التغطيات الإعلامية إذ تجد الرابطة الجهوية في كل أسبوع ملفات كثيرة على طاولتها كلها متعلقة بالعنف والشغب الذي إجتاح ملاعبنا في المواسم الأخيرة بشكل غير مسبوق وأصبح الهاجس الذي يتوجس منه الجميع خيفة لما يسببه من ضرر بل أضرار جسيمة على البنية التحتية وكذا على ممتلكات المواطنين وصحة اللاعبين والمناصرين في آن واحد . فماذا تنتظر »الفاف« للتحرك قصد وضع حد لهذا المسلسل المهني الذي يميز مختلف بطولاتنا الكروية في شتى أقسامها ومستوياتها فالإتهامات العلنية فاقت رائحتها كل الحدود ولسنا ندري ما الذي يدفع الهيئات الكروية المسؤولة للإلتزام بكل هذا الصمت والتريث وكأنها غير مبالية بما يحدث من إعتداءات وعنف وشغب الذي دوى سماء الكرة الجزائرية خاصة هذا الموسم الجاري ولم تفضل سياسة الهروب إلى الأمام فلعل ما يشهده عالم الكرة المستديرة ببلادنا هذه السنوات الأخيرة من مهازل وكوارث وآهات وآلام لا ينطبق عليه سوى الحذيث الشريف الدي يقول :» إذا لم تستح فافعل ما شئت« ذلك أن من تولى تسيير أنديتنا وهيئاتها ومن يدخل الملعب للمناصرة لا يحملون في بطاقات زيارتهم سوى الأوصاف المشينة والسلوكات المشبوهة والأغراض البعيدة عن خدمة الصالح العام . إن ما تعيشه كرة القدم الجزائرية من ضعف وهو أن تتجلى أكبر مظاهر هما في إنعدام الخلف وتردي المستوى وضعف الأداء والمردود ثم أخيرا تفشى الذي سبب لنا المسؤولون عن تحويل الملاعب الكروية إلى أماكن لممارسة طقوسهم العنيفة فالأوروبيون وبكل بساطة إقتنعوا أن الأسلوب الأنجح للقضاء على هذه الظاهرة السلبية هو الردع والصرامة في إتخاذ القرارات المتعلقة بالمتسببين في العنف عكس ما نجده في بلدنا حيث مع تعفن الساحة الرياضية كان رد الفعل تجاه هذه الظاهرة سوى التنديد وتبادل الإتهامات فلا قوانين تطبق ولا قرارات إتخذت لوضع حد لهذه المهزلة لقد حان الوقت كي نتعلم الدرس فكفانا تجمعات وتنديدات وتهديدات فالإصلاح لن يأتي بالأقوال ولكن بقوة القانون والحديث قياس .