- المنتجون أصبحوا تجارا وهذا سبب اعتزالي للغناء @ قدوتي في الشعر الملحون الشيخ محمد الخروبي يُعد سعيد دريوة من أبرز الأسماء التي تميزت في أغنية الراي قديما، وفي كتابة الأغاني الملتزمة في الفترة الحالية ،.. اتجه نحو كتابة القصيدة الشعبية والنصوص البدوية بعد أن قرر التوقف عن الغناء سنة 2001 لأسباب تتعلق بالتسجيل والشروط غير المقبولة التي فرضها أغلب المنتجين الذين صاروا يهتمون بالأغاني الريتمية الخالية من أي معنى، ويعزفون عن تسجيل الأغاني الوهرانية الأصيلة المستوحاة من التراث ..كل هذا دفع بالفنان سعيد دريوة إلى اعتزال الغناء والتخصص في التأليف، ليصبح اليوم واحدا من أهم الكتاب الذين ذاع صيتهم بمدينة وهران وحتى خارج الوطن . وفي هذا الصدد تأسّف سعيد دريوة لحال الفن ببلادنا، وكيف أن المنتجين أصبحوا تجارا بما تحمله الكلمة من معنى، فكل ما يهمهم هو الربح التجاري ومواكبة العصرنة بطريقة خاطئة، من خلال إنتاج أغاني لا ترقى إلى ذائقة العائلات الجزائرية ، كما أنها تؤثر سلبا على عقول شبابنا ، ..كل هذا جعل سعيد دريوة يوجه بوصلته نحو كتابة الأغاني الملتزمة، مُستلهما مواضيعه من الواقع المعيش والمظاهر الاجتماعية المحيطة به، ..والمستمع إلى كتاباته يلمس ملامح القصيدة البدوية التي يبدو أنها لم تفارقه منذ ولوجه عالم الإبداع، وربما هو ما جعل الكثير من الفنانين يلتفون حوله ، على غرار الفنان حمية بن قانة المقيم بكندا، والذي كتب له دريوة سعيد الكثير من الأغاني الناجحة وتعامل معه في 4 ألبومات تصبُّ كلها في الأغنية الوهرانية الملتزمة ، من بينها " الصحة "، "بويا "، وأغنية " الباهية " التي تُبث يوميا عبر أثير إذاعة وهران الجهوية، كما كتب أيضا للشاب الناصر والشاب قاديرو الصغير.. وبخصوص بدايته مع أغنية الراي قال سعيد دريوة إنه بدأ سنة 1973 ، ورغم أنه كان يعشق أكثر الأغنية الوهرانية والبدوية إلا أن المحيطين به رأوا أنه أحسن بكثير في أغنية الراي التي لمع فيها وصار يؤديها في الأعراس والحفلات، كما تعلم العزف على آلة القيتارة في محاولة منه لتقديم الأحسن والتميز عن غيره من الفنانين الشباب في تلك الفترة ،..وفعلا بعد 10 سنوات أي سنة 1983 تمكن سعيد دريوة من إثبات موهبته وكفاءته الفنية عبر تسجيل أول شريط له ،أعاد فيه أغنية " سعيدة بعيدة " التراثية التي قدمها بأسلوبه الخاص وصوته القوي، إضافة إلى أغنية " جار عليّ الهم " وغيرها من روائع الأغنية الرايوية الملتزمة ، ..بعدها يقول سعيد دريوة إنه التحق بشركة سونلغاز بوهران، وأسس رفقة زملائه فرقة فنية تابعة للمؤسسة، ضمّت كل من محمد بلعربي رئيس الفرقة، حسني بن عمارة عازف على آلة "الترومبيت"، إدكار ، و أيضا معزوز احميدة .، وقد كانت الفرقة تشارك في جولات وطنية يديرها اتحاد المغرب العربي، حيث تحصلت على ميدالية ذهبية في تونس والأخرى بالمغرب، ولم يتوقف الفنان سعيد عند هذا الحدّ، بل واصل غناءه في الأعراس، كما عمل منشطا في المخيمات الصيفية ، وكان آخر تألق له بمهرجان الراي بوهران سنة 1998..إلى أن قرر الاعتزال سنة 2001 ، والتحق بعالم الكتابة وتأليف الأغاني والقصائد الشعبية القريبة من الطابع البدوي. تأثر الفنان سعيد دريوة في مسيرته بالشيخ محمد خروبي الذي تتلمذ على يده ،ولازال يتعلم منه ، معتبرا إياه شاعرا قويا ومتمكنا من القصيدة البدوية ، لدرجة أنه يكتب أبياتا في لمح البصر، سواء في المدح أو الهجاء ،.كما أنه من محبي الشيخ الجيلالي عين تادلس والشيخ محمد الماماشي ، وغيرهم من المشايخة الذين قدموا الكثير للساحة الفنية الجزائرية ، وفي الأخير دعا الفنان سعيد دريوة الشباب إلى ضرورة الاستفادة من النصوص البدوية والبحث أكثر في التراث من أجل التعلم والحفاظ على ما تركه القدامى الذين كتبوا أيضا عن الحب والصداقة وكل ما يتعلق بالمجتمع ، وهم قدوة للجيل الجديد حتى يبتعدوا عن الكلمات السوقية ويوظفوا في أغانيهم الكلمات النظيفة الهادفة ..