- التجارة الفوضوية لن تخدم مخطط الإنعاش الإقتصادي ، الذي تراهن عليه الدولة من أجل العبور إلى مرحلة جديدة. تطرح ظاهرة الإرتفاع الجنوني لأسعار الخضر والفواكه وكذا بعض المواد الإستهلاكية ، التي باتت تطفو إلى السطح من حين لآخر ، عدة تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراءها ، والحلول الكفيلة بوضع حد لها نهائيا ، بل واقتلاعها من جذورها ، والتي يرجح الكثير من العارفين بخبايا السوق ، أنها تعود إلى التجارة الموازية ، التي يبدو أنها أخذت منعرجا خطيرا ، وباتت تتحكم في أسعار السوق وفي زمام الأمور ، بعدما تحولت إلى ملاذ آمن للمضاربين والمحتكرين على حد سواء ، الذين فرضوا فيها منطقهم ونشروا الفوضى في الأسواق... وعليه فإن الإسراع للتصدي لهؤلاء وهؤلاء يعتبر ضرورة ملحة ، وحتمية لا بد منها ، حتى لا يتأزم الوضع وقد يصعب التحكم فيه ، لأن هذا لا يخدم المواطن البسيط الذي يدفع ثمن المضاربة والإحتكار غاليا ، ولا مصلحة الإقتصاد الوطني ، لا من قريب ولا من بعيد ، باعتباره الخاسر الأكبر من التجارة الموازية ، بغض النظر عن طبيعتها ، حيث لا يزال يدفع ضريبة انتشارها بالملايير ، فالوضع المتردي بسبب التأثيرات السلبية لجائحة كورونا ، يقتضي ضرورة المحافظة على إستقرار الأسعار وعلى القدرة الشرائية للمواطنين من ذوي الدخل الضعيف ، باعتبارهم أكثر المتضررين من ظاهرة إرتفاع الأسعار هذه. إن الدولة عازمة على ضرب هذه الظاهرة بيد من حديد ، حيث كلف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون وزير العدل حافظ الأختام بإعداد مشروع قانون خاص لوضع حد للمضاربة، التي ستصبح جريمة كاملة تصل عقوبتها إلى 30 سنة...مما لا شك فيه ، أن التجارة الفوضوية لن تخدم بأي حال من الأحوال مخطط الإنعاش الإقتصادي ، الذي تراهن عليه الدولة من أجل العبور إلى مرحلة جديدة ، قائمة على إقتصاد منتج ومتنوع وخلاق للثروات ومصادر الأموال ، ولمناصب العمل أيضا ، لامتصاص أكبر نسبة من البطالة ، كما يستحيل بناء إقتصاد قوي وسط فوضى التجارة هذه ، التي تسير في الاتجاه المعاكس لهذا المسعى... وعليه لا يمكن بلوغ إقتصاد جديد ما لم ينظف القطاع من كل المضاربين والمحتكرين بل والمتطفلين على التجارة ، المجانبين للقوانين وللمقاييس ولمؤشر الأسعار التي تحتكم إليها سوق الخضر والفواكه والمواد الغذائية ، ممن باتوا يتحكمون فيها حسب أهوائهم ، مستحدثين بورصة موازية ومناسباتية لتحقيق الربح السريع. إذن ، لا بد من تنظيف القطاع وإحداث القطيعة مع كل هذه الممارسات السلبية الصادرة عن المضاربين والمحتكرين ، وتضييق الخناق عليهم بالقوانين الردعية الكفيلة باقتلاع هذه الظاهرة من جذورها.