لا تزال الهجرة غير الشرعية أو ما يعرف بالحرڤة عند عامة الجزائريين، تسجل تقدما ملفتا للإنتباه، خاصة في الولايات الساحلية على غرار مدينة تلمسان، لأنها تحصي عددا هاما من الشواطئ المحروسة أو غير المحروسة. فبعد الهدوء الذي عرفته هذه الظاهرة الإجتماعية بداية ظهور جائحة كورونا كوفيد 19 بسبب التخوف الكبير لدى المواطنين من إصابتهم بهذا الداء و إنتشاره، عادت بقوة وبشكل أكبر من المرات السابقة بل بشكل مغاير ، حيث بعدما كان الأمر يتعلق بالحرقة من قبل الشباب إمتد الأمر إلى الفتيات و النساء و أسر كاملة بأبنائها، بل تعدى كذلك إلى المرضى والمعاقين مثلما حدث منذ أسبوعين عندما تمكن حراس السواحل من توقيف حراقة في عرض البحر إنطلقوا من شاطئ الدخلة بالغزوات، يوجد من بينهم 04 نساء وطفلان و 08 شبان. كما تمكنت خلال الشهر الجاري الفرقة الجهوية للتحري حول الهجرة غير الشرعية بمغنية التابعة لأمن ولاية تلمسان، من إحباط محاولة إبحار سري عبر شاطئ معروف بدائرة باب العسة الحدودية، ل (05) أشخاص تتراوح أعمارهم بين 23و 29 سنة، وحجز قارب سريع بقوة 120 حصان و 10 دلاء بنزين بسعة 20 لتر إلى جانب 07 سترات و3 شعلات نجدة ومواد غذائية. ويعتمد الحراقة في ولاية تلمسان على الإنطلاق ليلا من بعض الشواطئ كبوخنايس و البخاتة ببلدية السواحلية، وعين قصب والدخلة بالغزوات وسيدي يوشع بدار يغمراسن. وفي هذا الصدد سجلت ولاية تلمسان خلال شهر سبتمبر لوحده 31 مهاجرا سريا، منهم إمرأة و أفراد من المملكة المغربية، علما أنه خلال السداسي الأول من السنة الجارية تم ضبط 105 أشخاص من قبل مختلف الجهات الأمنية. وطور المقبلون على الهجرة السرية عبر البحر إلى الضفة الأخرى حتى من وسائلهم و عتادهم، فبعد أن كانوا يعتمدون في بداياتهم على قوارب صغيرة الحجم والسرعة و ذات نوعية بسيطة، تحولوا للحرقة بالسريع، أي الحرقة بالإعتماد على قارب أو زورق ذات دفع قوي بعدة محركات، يمتاز بالسرعة الفائقة، ويقطع مسافة أقل للوصول إلى الضفة الأخرى، ففي غضون حوالي أربع ساعات فقط أو أقل منها يصل الحراڤ إلى إسبانيا. وحتى الطريقة التي كان يعتمدها هؤلاء بالإتفاق فيما بينهم لشراء قارب وتجهيزات بأموالهم التي يجمعونها، و ضم فرد حراق إلى مجموعتهم يكون جدير بقيادة القارب والتعامل مع البوصلة أو "الجيبياس"، ولا يدفع أي شيئ، المهم أن يملك الخبرة في مجال القيادة في البحر، تم تغييرها بظهور السريع أو كما يسمى لدى الشباب بالطاكسي السريع، وبدأت تتلاشى الطرق الأولى في الحرقة، لأن السريع له مؤهلات متطورة، ويمتاز بتقنيات آخر طراز، و ما على الحراقة إلا دفع 80 مليون سنتيم للمقعد حتى يصل إلى ألميريا دون عناء أو مجازفة. ويشترط على مستعملي أو - مسافري- السريع إغلاق الهواتف النقالة، لأن تصوير وتوثيق الرحلة غير مسموح به تماما، بل يتم تسليم الهواتف النقالة إلى قائد الرحلة عند الإنطلاق ويعيدها لهم عند الوصول إلى إسبانيا. يحدث هذا في الوقت الذي كثفت فيه مختلف المصالح الأمنية والجمعيات والمنظمات من الأيام التحسيسية حول خطورة الحرقة وعواقبها، إلا أن ذلك لم يكن له أثر واضح على نفسية وعقلية الشباب، الذي أصبح يعمل على توفير مبلغ 80 أو 90 مليون بأي طريقة كانت، من أجل إمتطاء السريع، والوصول إلى الحياة الأوروبية في ظرف ثلاث أو أربع ساعات فقط، و هذا حسبهم نظرا لوضعهم المادي، وعدم توفر مناصب الشغل.