يبدو أن الحرقة تحكم قبضتها على أذهان الشباب الجزائري رغم ما تكلفه هذه الرحلة من ويلات على النفس والنفيس، إلا أن الفكرة لا تزال تعشش بأذهان العشرات بل والمئات من الشباب العاطل عن العمل، إذ لا يوجد منطق التراجع عند هؤلاء الشبان في ظل مصرع المئات من الحراقة بالبحر وفقدان العديد منهم وقد عجزت الجهات الوصية على ردع أفواج الحراقة فحتى السياسة التي تبنتها بدعم تشغيل الشباب ومنحهم قروضا قد فشلت، حيث كشف الناطق الرسمي باسم خلية الاتصال التابعة لقيادة القوات البحرية أن الواجهة الغربية قامت باعتراض السنة الجارية 85 حراقا بالجهة الغربية، فيما بلغ مجمل عدد الحراقة عبر سواحل الوطن في حدود ال200 حراق تم توقيفه و تتراوح أعمارهم مابين 16 و45 سنة 9 بالمائة منهم من فئة الإناث. "الحراقة" بين مواجهة الظروف المناخية وتعطل القوارب المطاطية إن من أخطر الأمور التي تواجه الحراقة وتحول رحلتهم إلى جحيم هما عاملا الظروف المناخية المفاجئة التي تصيب أفواج الحراقة والتي يمكن أن تكون جيدة عند الإقلاع لتنقلب لما لا يحمد عقباه فبعد بزوغ شمس حارة تنهمر الأمطار وتهب الرياح لترتفع أمواج البحر وتتحول إلى شبح قاتل للحراقة، ناهيك عن نوع القوارب المستعملة من طرف الحراقة الذين يتكدسون فيها بأعداد تزيد عن النصاب. ويضاف إلى هذين العاملين احتمال حدوث عطب في المحرك أو نفاذ مخزون الوقود، مما ينذر بنهاية المغامرة نهاية درامية، حيث لا يبقى أمام الشباب سوى التذرع لله وتحت رحمة العوامل القاتلة من أجل نجدتهم في أقرب وقت بعد أن تنفذ المؤونة، إذ غالبا ما يتم إنقاذ الحراقة من قبل بعض السفن الأجنبية منها ناقلات البترول العابرة للبحر أو سفن الصيد ، وتسليمهم لحراس السواحل، ويوجد من بين هؤلاء المهاجرين السريين من يأخذ كل الاحتياطات باقتناء جهاز التوجيه بواسطة الأقمار الصناعية جيبياس الذي من المفروض أن يساعدهم في الملاحة بعرض البحر، ويتمثل العامل الثاني الذي لا يوليه الحراق أهمية أثناء إقباله على المغامرة هو عدم تحمل البعض للتأثيرات الصحية السلبية الناجمة عن دخول البحر وهي الوضعية التي يعاني منها حتى المسافرون على متن باخرة كبيرة. سماسرة مغاربة يتسببون في مقتل العشرات من "الحرّاقة" سعيا وراء الثروة عاشت وهران منذ أسبوعين تقريبا على وقع أعمال شغب طالت أحد المنازل المتواجدة برأس فالكون، حيث أقدم فيها بعض عائلات الحراقة على إضرام النيران داخل منزل لرعية مغربي معروف بنشاط تحريق الشباب الجزائري إلى إسبانية عن طريق البحر، إلا أننا علمنا أن هذا السمسار مغربي الجنسية إحتال على زبائنه الشباب، حيث قام ببيعهم لقارب مطاطي قديم على أساس أنه جديد وقد ركب الشباب الحراقة البالغ عددهم 19 حراقا من وهران ومستغانم القارب وإنطلقوا في رحلة الموت تلك ليتفاجؤوا بالثقوب العديدة التي أصابة القارب في عرض البحر، الأمر الذي أسفر عن وقوع مأساة حقيقية إثر إنقلاب القارب وفقدان العديد من الشباب في مياه البحر في الوقت الذي تم فيه إنقاذ شابين وهم يخضعون للعناية الطبية المركزة بأحد مستشفيات الدولة الإسبانية، كما رمت أمواح البحر بجثتين ضمن مجموعة الحراقة تلك وتم تحويلها على المستشفى الجامعي لوهران ولا تزال العائلات تكابد مرارة البحث عن فلذات أكبادها التي وقعت ضحية السمسار المغربي الذي لاذ بالفرار نحو وجهة غير معلومة بعدما تمكن من جمع الملايير من الدينارات. وللإشارة فإنه يتواجد بأحد أرصفة ميناء وهران والتابعة لحرس السواحل العديد من القوارب التي تم حجزها والمقدر عددها حوالي 200 قارب، مما يشكل مؤشرا على مهمة حراس السواحل في إنقاذ الكثير من المهاجرين السريين، وقد تم العثور على هذه القوارب في وضعية خطيرة حيث أن أغلبيتها لا يتجاوز طولها 5 أمتار وعرضها يقدر ب10.2 متر وقد كانت تقل على متنها عشرات الحراقة في الوقت الذي لا يمكنها استيعاب أكثر من 4 أشخاص، هذا كما تمكنت عناصر الدرك الوطني من مداهمة ورشة لتخزين وصناعة القوارب المعدات للحرقة بكل من منطقة بوسفر وتوقيف أحد سماسرة الموت بمنطقة أرزيو هذا وقد كشف العديد من الحراقة أنهم يقومون بشراء هذه القوارب بمبالغ مالية تتراوح ما بين 6 و12 مليون، ناهيك عن المعدات الأخراى من البوصلة، الوقود، الجيبياس وأهمها المحرك. وفاة 155 "حرَّاقا" غرقا وفقدان المئات منهم بعرض البحر ارتفع عدد ضحايا ظاهرة الحرقة خلال السنتين الفارطتين بتسجيل 155 حراقا غريقا بعرض البحر والمئات من الشباب المفقودين والذين لم يعثر على جثتهم إلى حد الساعة، فضلا عن الجثث التي هي بحوزة السلطات الإسبانية والتي تنتظر تسليمها إلى السلطات الجزائرية والمقدر عددها حسب آخر الإحصائيات ب151 جثة، كما يتواجد 255 حراقا جزائريا تحت وطئة المعاناة داخل ملجأ ديا كابوثا المتواجد على الضفاف الإسبانية، إلا أن الشباب المتهور يواصل رحلات الموت نحو الضفة الأخرى ضاربين عرض الحائط كل إشارات الموت رغبة منهم في تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بوطنهم من أحلام على رأسها منصب عمل. مثقفون، معاقون، قصر وفتيات يصنعون أحداث مسلسل "الحرقة" توسعت رقعة ظاهرة الحرقة لتصل حتى الإطارات الجامعية والمتحصلين على شهادات عليا عمر وفتيحة عينة من هؤلاء الشباب متحصل على شهادة مهندس في الإلكترونيك والتمريض لم يسعفه الحظ في العثور على منصب عمل في دولة قال عنها أنها لا تسعف المساكين في ظل انتشار المحسوبية والبيروقراطية التي عشعشت داخل الإدارات ففي الوقت التي تم فيه تعيين من هم لا يملكون شهادات أو تناقلوا المناصب عن طريق الوراثة تم إقصاء النخبة المثقفة وخريجي الجامعات، الأمر الذي حز كثيرا في نفوسهم خاصة وأنهم طولبوا بدفع الرشاوي للحصول على حقهم في منصب عمل ليقرروا مغامرة الموت لعلهم ينالون حظهم بعيدا عن وطنهم ويركبون زورق الموت باتجاه الضفاف الإسبانية ففي حالة عمر كللت الرحلة بالفشل وتم إنقاذه ورفقائه من الموت المحقق من عرض البحر في الوقت الذي تمكنة فيه فتيحة من الوصول ورغم خطورة الرحلة وهول ما عايشه عمر، إلا أنه أكد أنه سيعيد الكرة كلما سمحت له الفرصة. ولا تقتصر أسراب الحراقة على خريجي الجامعة، بل طالت حتى شريحة المعوقين حيث تم اعتراض معاقين وقصر، ناهيك عن فئة الإناث والغريب أن الأفارقة يتقاسمون الرحلات مع الجزائرين، كما تمكن حراس السواحل من توقيف نساء حوامل بسواحل وهران، ناهيك عن مغاربة وتبقى القائمة مفتوحة بعد أن عجزت الوصاية عن وضع حد للحراقة، خاصة إذا علمنا أن ما لايقل عن 20 حراقا جزائريا من ولاية وهران تمكنوا بحر الأسبوع الفارط من قطع البحر والوصول إلى الأراضي الإسبانية سالمين. الدبلوماسية الجزائرية تتستر وتحجب جرائم قتل في حق "الحراقة" بالمهجر؟ لا تزال قضايا مقتل الحراقة الجزائريين بالمهحر في خبر كان من دون تدخل الدبلوماسية الجزائرية رغم تعرض الحراقة لجرائم قتل بشعة بالدول الأجنيبة التي يهاجرون إليها سريا، حيث تبقى قضية مقتل شاب جزائري ينحدر من مدينة عنابة إثر إعتداء عنيف من طرف مراهقين وسط مدينة لوزان السويسرية وإستنادا إلى جهات مقربة من ملف القضية فإن إبن مدينة عنابة القاطن بحي باتريس لوممبا والمدعو ب.سفيان 24 سنة، كان قد إنتقل إلى الأراضي السويسرية قادما من إيطاليا التي إلتحق بها على متن قوارب الهجرة السرية قبل أن يباغثه مراهقان، أحدهما أرميني الجنسية يبلغ من العمر17 سنة من عمره فيما ينحدر المتهم الثاني الذي يقدر سنه ب15 سنة، من أصول أوكرانية بعدة طعنات إستعملا خلالها سلاحا أبيضا محظورا، الأمر الذي سبب للشاب ب.سفيان جروحا بالغة الخطورة على مستوى الصدر أردته جثة وسط حظيرة سانت بيمون الواقعة بقلب مقاطعة لوزان السويسرية، قبل أن يحول على جناح السرعة إلى مستشفى المدينة الذي فارق به الحياة بعد مكوثه 3 أيام كاملة بقسم الإنعاش متأثرا بجروحه البليغة، من جهتها تمكنت مصالح الشرطة السويسرية دقائق معدودات بعد الحادثة واعتمادا على التصريحات التي أدلى بها الشهود الذين كانوا بموقع الجريمة من إيقاف المراهقين وتحويلهما إلى مقر أمن مقاطعة لوزان، أين باشرت مصالح الفرقة الجنائية تحقيقات معمقة حول الواقعة في الوقت الذي تلقت ذات الجهة الأمنية تصريحات متعددة حول خلفيات الاعتداء ،إذ أورد بعض الشهود في محضر الضبطية القضائية بأن السبب الرئيسي الذي أدى إلى ارتكاب الجريمة النكراء يعود إلى تبادل نظرات سيئة بين الجناة والضحية ،الأمر الذي أدخلهم في ملاسنات والتي سرعان ما تحولت إلى ضرب واعتداء استعمل فيه المعتدون أسلحة بيضاء استقر أحدها وسط صدر ب.سفيان ليضاف بذلك اسمه إلى قائمة طويلة تحتوي على أسماء العشرات من الشباب الجزائري الذين لقوا مصرعهم، إثر اعتداءات إجرامية عنصرية أبرزها تلك التي راح ضحيتها المدعو معزوزي جمال الذي قتل بمركز الشرطة ببروكسل البلجيكية، ولم تعلم به السفارة الجزائرية إلا بعد 5 أشهر كاملة من وفاته وكذا فضيحة مقتل الطالبة صبرينة وأختها اللتين قتلتا بجامعة بيرمنقهام في بريطانيا، لم يصدر حتى الآن قرار يقضي بمعاقبة ومحاكمة القاتل، بالإضافة إلى الجريمة النكراء التي راحت ضحيتها المدعوة أمينة دروالي، بمدينة بون الألمانية، حيث وجد جثمانها على حافة نهر الراين، حيث تحفظت حينها الدبلوماسية الجزائرية عن التدخل في قضية مقتل الجزائرية صاحبة ال 28 سنة، هذا وتبقى جثث الحراقة عالقة تنتظر تسلمها من قبل الوصاية الجزائرية في الوقت الذي تطالب فيه عائلات ضحايا الإجرام بحقها ومعاقبة المجرمين في مثل هذه القضايا التي كان ينبغي على الدبلوماسية الجزائرية التدخل فيها منعا للعنصرية واستردادا لإعتبار الجزائريين الذين تم إغتيالهم وقد فتحت عائلات الضحايا الباب أمام التسائل عن سر الصمت وعدم التحرك الذي تبديه الدبلوماسية إتجاه مقتل جزائريين وكأن الأمر لا يهمها ؟؟