تأتي الحملة الانتخابية لتجديد المجالس المحلية المنتخبية البلدية والولائية في سياق سياسي ودولي يستلزم تضافر جهود الجميع سلطة ومواطنين لإنجاح هذا العرس الانتخابي، بالنظر إلى التربصات الداخلية والخارجية التي تنتظر تعثر جهود الجزائر في أي لحظة من أجل التدخّل وخلق البلبلة وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد. تنطلق الحملة الانتخابية لتجديد المجالس المحلية يوم الخميس المقبل، حيث سينشط 40 حزبا والقوائم المستقلة تجمعات ولقاءات جوارية بالإضافة إلى المشاركة في حصص تلفزيونية وإذاعية لإقناع الناخبين بالتصويت لصالح قوائمهم يوم 27 نوفمبر الجاري، على أن تتواصل الحملة الانتخابية على مدار 20 يومًا إلى غاية 23 نوفمبر الجاري، يتنافس فيها المترشحون لتجديد 1541 مجلس بلدي التي يتنافس عليها 5848 قائمة مترشحة و58 مجلس ولائي يتنافس عليها 429 قائمة. ليجد قادة الأحزاب أنفسهم وجها لوجه أمام المواطن لإقناعه على ضرورة الذهاب بقوة لصناديق الاقتراع من أجل التغيير وإحداث القطيعة مع البيروقراطية والفساد والممارسات البالية السابقة التي عشّشت على بعض المجالس البلدية والولائية، لهذا أعدّت مختلف التشكيلات السياسية خطابا سياسيا يتماشى والظروف السياسية التي تمر بها البلاد ليدعموا ممثليهم في المستوى المحلي من أجل افتكاك أكبر عدد من أصوات الناخبين. ولعلّ أكبر تحدي ينتظر المجالس المحلية المقبلة هو التغيير المنشود الذي تعمل السلطة في الجزائر على تكريسه شيئا فشيئا من خلال استعادت الثقة بينها وبين المواطن بإعادة الشرعية للمؤسسات المنتخبة بعد انتخابات تشريعية أسفرت على مجلس شعبي وطني شرعي منتخب لتأتي بعدها محطة الانتخابات المحلية التي من شأنها تغيير الخريطة السياسية المحلية وإعطاء الأولوية للكفاءات والشباب القادر على رفع مشعل الشهداء وبناء مؤسسات شرعية بعيدا عن السياسات السابقة. والتغيير في الجزائر وحسب الملاحظين السياسيين لن يتأتى إلا بتضافر جهود الدولة والمواطن على حد سواء من خلال تغيير الذهنيات والعمل على إقناع المواطنين على الانتخاب من أجل تغيير مصيرهم وانتخاب الشخص الذي يمثلهم محليا من أجل حل مشاكلهم ورفعها للسلطات المعنية من أجل حياة أكثر رفاهية للمواطن محليا وهو ما سينعكس لا محالة على المستوى الوطني باعتبار أن المشاكل المحلية التي يعيشها المواطن هي التي تمثل بؤر التوتر بالنسبة للسلطة على المستوى المحلي لتكبر وتنمو وتخلق الفوضى والعنف في كثير من الأحيان لتجد السلطة نفسها محصورة بين حل مشاكل محلية بإمكانها السيطرة عليها بمجالس محلية قادرة تتمكّن من السيطرة على المشاكل التي تحدث بين الفينة والأخرى. محطة الانتخابات المحلية المقبلة تعتبر محطة مفصلية بالنسبة للسلطة لأنها تمثل من بين المحطات الأخيرة لبناء المؤسسات الشرعية المنتخبة، في ظروف سياسية ودولية تتربّص بالجزائر من الداخل والخارج ولهذا يجب على المواطن أن يغيّر مصيره ويفوّت الفرصة على المتربصين والمتحاملين على الجزائر من أجل استكمال بناء المؤسسات للذهاب نحو الجمهورية الجديدة والتي تبنى بسواعد كل أبناء الوطن. فبعد محطة الاستفتاء على الدستور والذي قال فيه الشعب نعم لتعديل الدستور أم القوانين، جاءت محطة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى وهي الانتخابات التشريعية والتي أسفرت على مجلس شعبي وطني منتخب وشرعي وكان قبل هذا التعديل الذي طرأ على مشروع قانون الانتخابات والذي أحدث فيه المشرّع الجزائري ثورة في مواده القانونية خاصة ما تعلّق بشروط تمويل الحملة الانتخابية من أجل إبعاد المال الفاسد والمفسدين عن الانتخابات، هاهي محطة سياسية أخرى تنتظر السلطة والمواطن على حد سواء من أجل انتخاب مجالس محلية شرعية تقف عند مشاكل المواطنين خاصة بمناطق الظل فتح رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ملفها في أول لقاء له مع الولاة لتكون ورقة رابحة بالنسبة لفرسان المحليات إذ ما تمكّنوا من حسن استغلالها وتسليط الضوء على هذه المناطق والبؤر المنسية في الجزائر.