غيّب أمس الموت المجاهد عبد الغني عقبي المدعو "سي عمار" الذي انتقل إلى رحمة الله عن عمر ناهز 88 سنة، بعد مرض عضال حسب مديرية المجاهدين وذوي الحقوق بوهران، هذا الرجل الذي أفني حياته خدمة للوطن خلال ثورة التحرير أو بعد الاستقلال. رحل "سي عمار" الاسم الثوري للمجاهد عقبي والوزير السابق عن الحياة، ورحل معه جزء هام من تاريخ الذاكرة الوطنية، التي رسم ملامحها ببطولته وبطولة الرجال الأبطال من شهداء ومجاهدين ضحوا من أجل هذه الأرض الطيبة. المجاهد "سي عمار" من مواليد 20 مارس 1933 بولاية تلمسان، التحق بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1956، حيث كُلّف بعدة عمليات عسكرية لتحضير وحدات جيش التحرير الوطني بالجنوب الغربي للوطن، وخاض عدة عمليات ثورية ضد المستعمر الفرنسي، كما أُسندت إليه مهمة قيادة المنطقة الثامنة بالولاية الخامسة التاريخية بالصحراء، وهي تضم عدّة مدن منها البيض، عين الصفراء، مشرية، سعيدة، أدرار، تيميمون، تندوف وبشار وغيرها، حيث كان عدد الجنود الجزائريين بها آنذاك حوالي 4 آلاف جندي مقابل 100 ألف عسكري فرنسي، ما جعل مهمّة الثوار صعبة، فشساعة المنطقة زادت صعوبة المهمّة. عاش المجاهد عقبي عبد الغني محطات كثيرة أثناء الكفاح المسلح مع رفقاء السلاح في مقدمتهم الشهيد البطل العقيد لطفي الذي تربطه به قرابة المصاهرة، عبد الحفيظ بوصوف، هواري بومدين، ف«سي عمار" كان من بين الأبطال الذين لم يبخلوا بالتضحية والجهاد في سبيل تحرير الجزائر. لقد كان المجاهد عبد الغني عقبي ضمن أعضاء اللجنة التي كلفت بوقف إطلاق النار، ليبادر عشية الاستقلال برفع العلم الوطني بالمؤسسات الإدارية والعسكرية، متحديا بعض جنرالات فرنسا ومسؤوليها الذين لم يهضموا فكرة استقلال الجزائر التي أعلن عنها ديغول رسميا. وبعد الاستقلال تقلّد مناصب إدارية هامة، فعُيّن واليا ب5 ولايات وهي سطيف، باتنة، قسنطينة، سعيدة ووهران، ثم أمينا عاما بوزارة الداخلية، ليتقلد عدة حقائب وزارية في عهد الرئيس الراحل هواري في قطاعي التجارة والسياحة، ثم عمل بالسلك الدبلوماسي كسفير بإيطاليا، تونس، الصّين الشعبية ومالي إلى أن أحيل على التقاعد في سنة 1990، ثم عُيّن نائبا بمجلس الأمة سنة 2004 إلى غاية 2012.