تنطلق انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة من قلب المجالس الشعبية البلدية والولائية ، حيث تعمل الأحزاب على حشد منتخبيها المحليين لضمان مرورها و تواجدها في الغرفة الثانية للبرلمان، في خطوة منها لتعزيز مشاركتها في المشهد السياسي في الجزائر الجديدة. ستستكمل الجزائر بناءها المؤسساتي مع انتخابات التجديد النصفي للغرفة البرلمانية المقرّرة في الخامس من فيفري الداخل، لتكتمل بذلك مرحلة بناء المؤسسات الشرعية المنتخبة والتي انبثقت من انتخابات نظمت في إطار الشفافية والشرعية اللازمتين تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أدارت العملية الانتخابية بكثير من الاحترافية بعد تنظيمها لانتخابات تشريعية ومحلية لاقت تجاوبا من طرف المواطنين من جهة ورضا الأحزاب السياسية المشاركة فيها من جهة أخرى بالنظر إلى الشفافية والشرعية التي صاحب العمليات الانتخابية من بدايتها إلى غاية إعلان النتائج النهائية. وقبل أقل من أسبوعين عن موعد التجديد النصفي لمجلس الأمة، شرعت مختلف التشكيلات في حشد منتخبيها المحليين في خطوة لإثبات تواجدها في المشهد ووضع بصماتها في مجلس الأمة ، في إطار سعيها للتوسع أكثر وفرض منطقها السياسي على مختلف البرامج الحكومية وكذا مشاريع القوانين التي عليها ، لخدمة المصلحة العليا للوطن. عكس ما كان يحدث في مختلف الانتخابات السابقة والتي كان يفرض فيها منطق "الشكارة" و«من يدفع أكثر لنيل المنصب الأكبر"، جاء قانون الانتخابات الجديد لإحداث القطيعة مع هذه الممارسات التي أدخلت الجزائر في دوامة الفساد والمفسدين. وتعوّل الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات على المقاعد التي تحصّلت عليها في الانتخابات المحلية ل 27 نوفمبر 2021، وكذا على خارطة التحالفات التي أبرمتها لتنصيب المجالس المحلية شهر ديسمبر المنقضي. ففي حين حسمت العديد من الأحزاب اللعبة لصالحها خلال كواليس تنصيب المجالس البلدية و الولائية حيث تعمّدت دعم المنتخبين في ما بينها للتموقع جيّدا في سياسة التحالفات خلال انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة على غرار الأحزاب التي لم تستطع نيل أغلبية المقاعد لتجد نفسها شريكة الآفلان و الأرندي في تسيير المجالس المحلية. وبالعودة لنتائج محليات 27 نوفمبر 2021، فإن حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي يضاف إليهما تكتل الأحرار سيقتسمون حصة الأسد من المقاعد المعروضة للتجديد النصفي لمجلس الأمة، بالنظر لتحصلهم على أكثر من 15 ألف مقعد في المجالس المحلية، مع أفضلية للأفلان المتصدر ب 5978 مقعد ويليه تكتل الأحرار بقرابة 5000 مقعد ثم الأرندي ب 4584 مقعد، هذا الأخير الذي أكّد مكلّفه بالاتصال الصافي لعرابي، في تصريح ل "الجمهورية" أن التجمّع الوطني الديمقراطي يتواصل مع كل الطبقة السياسية التي لديها تمثيل أكبر في الولايات، كل حزب على حدى وحسب خصوصية كل ولاية، مشدّدا أن " الأندي منفتح على كل التحالفات وتمّ التركيز على الخط الوطني ". لترفع بذلك أحزاب سياسية التي جاءت في المراتب الرابعة، الخامسة والسادسة التحدي لنيل مقاعد تمثيلية لها في الغرفة العليا للبرلمان، وهي جبهة المستقبل وحركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني وجبهة القوى الاشتراكية وحزب صوت الشعب، حيث حازت مجتمعة على 8404 مقاعد في المجالس المحلية، ما يفتح الباب لها من أجل أخذ حصة من التجديد النصفي لمجلس الأمة، حيث سيكون التحالف المركزي شرطا أساسيا لنجاحها في هذه المعركة الانتخابية. و تبقى المقاعد الأخرى للمنتخبين في المجالس المحلية لصالح أحد المتنافسين في سباق "السينا" عن كل ولاية، ويتعلق الأمر ب 258 مقعدا لحزب الفجر الجديد، و242 مقعدا لحزب الحرية والعدالة، و166 مقعدا لجبهة الجزائر الجديدة. هذه الصورة السياسية الجديدة ستعيد رسم معالم الغرفة الأولى للبرلمان لتنهي بذلك الجزائر بناءها المؤسساتي الشرعي، وتبدأ معركة الإقلاع الاقتصادي التي التزم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون بتجسيدها خلال هذه السنة، المؤسسات الدستورية الشرعية نابعة من أسس دستورية شرعية تتوافق مع مسار الجزائر الجديدة التي يفتح فيها المجال للكفاءات وليس للولاءات.