سيكون ل12 حزبا على الورق، دورها بشكل أو بآخر في تحديد الفائزين بالمقاعد ال 48 المطروحة للتنافس في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، المبرمجة في 29 ديسمبر القادم، غير أن التنافس سيكون محصورا بين أفالان بلا أمين عام، وأرندي أحمد أويحيى بحكم الوعاء الانتخابي لكل منهما، فالأول يملك منتخبا والثاني له، وهذا الفارق البسيط ستفصل فيه التحالفات وأصوات الشتات. استنادا إلى الأرقام الرسمية التي انتهت إليها الانتخابات المحلية لسنة 2012، فإن حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي هما الأقرب من غيرهما لاكتساح المقاعد ال48 للغرفة العليا للبرلمان. لكن دخول قيادتي الحزبين، الأفالان والأرندي، في سباق ماراطوني بالولايات لحشد العدة والعدد، وفوق ذلك للحيلولة دون "هروب" أصوات منتخبيهم المحليين تحت إغراءات الإدارة وأموال "الشكارة"، يعد مؤشرا على أن المعركة الانتخابية لكبار الناخبين ليست محسومة سلفا، بالرغم من امتلاك الحزبين أكبر وعاء انتخابي، وأن أصوات الحركة الشعبية الجزائرية وحزب العمال والأرسيدي وجبهة القوى الاشتراكية وجبهة المستقبل وحركة مجتمع السلم وتحالف النهضة والعدالة والبناء والتحالف الوطني الجمهوري والمنتخبين الأحرار. وبالنظر إلى حالة التشنج التي تطبع علاقة الأفالان بالعديد من الأحزاب، وحالة الشغور في أمانته العامة بعد تنحي جمال ولد عباس، مع حزب العمال وحركة مجتمع السلم، فإن الحزب العتيد سيراهن بالدرجة الأولى، في سياق التحالفات، على أصوات المنتخبين الأحرار، بينما يسعى الأرندي إلى الاستثمار في أزمة الأفالان، واستمالة أصوات منتخبي باقي التشكيلات لفائدة مرشحي حزبه لمجلس الأمة. وفي السياق ذاته، تسعى جبهة القوى الاشتراكية التي كانت منشغلة بترتيب البيت الداخلي، بقرارات انضباطية طالت عددا من الإطارات، للظفر بمقعدي ولايتي تيزي وزو وبجاية، حيث فاز بعدد كبير من مجموع مقاعد مجالسها المحلية في الولايتين، مع احتمال ذهاب أصوات حركة عمارة بن يونس أصواتها له، في مواجهة غريمه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. وبالنظر إلى ما وقع في الانتخابات السابقة، حيث تراجعت حصة الأفالان من المقاعد بالرغم من توفره على أكبر عدد من المنتخبين المحليين لصالح الأرندي، فإن الانضباط الحزبي وسط كبار الناخبين سيكون بارومتر أساسيا في حسابات الفوز والخسارة، خصوصا في الأفالان، بعدما أعلن عدد من المنتخبين والمترشحين "التمرد"، خاصة بعد أزمة أمانة الحزب التي لو يطول أمدها سيكون لها تأثيرا مباشرا على النتائج. وتمثل هذه الانتخابات الجزئية رهانا بالنسبة لمن يريد خلافة جمال ولد عباس مقارنة بأويحيى، ليس فقط بالنظر إلى عدد منتخبي كل منهما، وإنما أيضا لأن الأمين العام للأفالان هو "الحصان" الذي يقود الحياة السياسية في الجزائر وليست "العربة". وتكمن أهمية انتخابات مجلس الأمة، الذي يرأس المجلس حاليا عبد القادر بن صالح المنتمي إلى الثلث الرئاسي، في كون هذا الأخير يمارس مهام رئيس الجمهورية في حالة شغور المنصب بسبب مانع يثبته المجلس الدستوري ويصادق عليه البرلمان بغرفتيه، كما ينص الدستور. ويتشكل مجلس الأمة من 144 عضو، يتم انتخاب ثلثي أعضائه، أي 96 عضوا، عن طريق الاقتراع غير المباشر من بين ومن قبل أعضاء 1541 مجلس بلدي و48 مجلسا ولائيا على أساس عضوين عن كل ولاية، على أن يعيّن رئيس الجمهورية الثلث الآخر أي 48 عضوا. وحدد الدستور مدة ولاية عضو مجلس الأمة بست سنوات ويتم تجديد نصف عدد أعضاء المجلس من المنتخبين والمعينين كل ثلاث سنوات. يتنافس في هذه الانتخابات 12 حزبا يتقدمهم الحزبان الفائزان في الانتخابات المحلية الأخيرة، حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي. وأسفرت نتائج انتخابات 2015 على مستوى المنتخبين المحليين، عن فوز جبهة التحرير الوطني بالمرتبة الأولى ب23 مقعدا متبوعا بالتجمع الوطني الديمقراطي ب18 مقعدا، والأحرار ب4 مقاعد وحزب جبهة القوى الاشتراكية مقعدين وحزب الفجر الجديد بمقعد واحد.