❊ تجلّت معالم التحوّل المستقبلي لمدينة تندوف حسب الجلسات التشاورية للمجلس الوطني الإقتصادي والإجتماعي في إعطاء الأهمية للمشاريع الجوارية في الفلاحة والتجديد الريفي والتربية الحيوانية. تندوف مدينة تاريخية ضاربة في أعماق التاريخ، وحسب المؤرخين فان تاريخ المدينة يعود الى عصر ما قبل التاريخ أين عثر حسب الدراسات التاريخية القديمة على بقايا الانسان العاقل من خلال منازل بدائية صممها بالحجارة، وقبور دائرية الشكل ذات الاشكال المتباينة، وهي نصب جنائزية عملاقة ، بالاضافة الى انتشار القواقع البحرية والنقوشات الحجرية للحيوانات كالفيلة والجمال والبقر، كما عرفت تندوف تواجدا بشريا هاما ترك آثارا مادية ملموسة عبر مختلف مناطق المناطق النائية كهضبة أم الطوابع ببلدية أم العسل، ونقوشات الصفيات، وأجراف وكهوف عوينت بلقرع بغار أجبيلات وغيرها من الشواهد التي تعكس قدم وثراء المنطقة من النواحي التاريخية الضاربة في القدم. ويعود تاريخ نشأة مدينة تندوف الى 1850 حسب ما اشار اليه البكري في مؤلفه مسالك وممالك، حيث أطلق على تندوف كلمة تندفس وهي حسب المؤلف عبارة عن آبار يحفرها المسافرون، وهذا يدل على أن تندوف كانت محور تلاقي القوافل التجارية العابرة لافريقيا ومحطة عبور هامة، ومن جهة أخرى يذهب بعض المؤرخين الرحالة الذين عبروا المنطقة في زمن ماض الى مكانة تندوف التاريخية والحضارية والعلمية البارزة من خلال دورها المتين في الاشعاع الفكري والديني خلال القرن التاسع عشر بجنوب الصحراء ولعبت الدور الاساسي في نشر الثقافة الاسلامية من خلال دور الكتاتيب القرانية والزوايا كزاوية العلامة محمد المختار بلعمش الذي استقر بتندوف منذ القرن التاسع عشر ميلادي ونشط حلقات العلم والتدريس داخل زاويته الشهيرة، بالاضافة الى ما لعبته قوافل البدو الرحل العابرة للصحراء من دور هي الاخرى في تعليم أصول الفقه والشريعة، وغرس بذور المعرفة بواسطة المحاضر ومنتديات التدريس التقليدي داخل الخيام، هي عوامل كثيرة تفاعلت فيما بينها لتنتج مجتمعا تندوفيا أصيلا، متشبّعا بميادىء عريقة نابعة من انتمائه الى الجزائر الكبرى، محافظا على تماسك نسيجه الاجتماعي، فقد أظهر تلاحمه مع الثورة التحريرية المجيدة بكل عزم وثبات إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر حيث تعتبر تندوف آخر منطقة من ربوع الوطن التي دخلها اليها الاستعمار مدججا بالمعدات، لكنه قوبل بمقاومة عنيفة شرسة منذ مطلع القرن العشرين . كما عرفت تندوف في ماضيها العريق نهضة اقتصادية وتجارية جعلت منها نقطة تلاقي الحضارات ومساحة للتبادل التجاري بين دول الجوار من خلال الحركة الاقتصادية والتجارية ممثلة في سوق المقار الدولي في فترة السبيعينات، اضافة الى موقعها الاستراتيجي الهام الذي يؤهلها الى لعب دور تنموي بارز وفعال بالمنطقة، حيث تبلغ مساحتها الاجمالية 158.874 كلم مربع، ويبلغ عدد سكانها الى غاية ديسمبر 2010 حوالي 56.305 نسمة. ومن هنا تتطلع تندوف كولاية تسير في طريق النمو وبخطى متسارعة الى مستقبل أكثر نضجا وتفتحا من خلال تفعيل القدرات والهياكل والموارد البشرية والمادية المتوفرة وذلك لخلق ديناميكية جديدة للتنمية المحلية تتمركز بالدرجة الاولى على احتياجات الساكنة في مجالات الصحة والفلاحة والتعليم والشباب والعمل على تكريس مبدأ استقرار البدو الرحل . دعائم التحول التنموي القادم وتتجلى معالم التحول التنموي المستقبلي لمدينة تندوف حسب الجلسات التشاروية للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي التي كانت تندوف نقطة انطلاقتها، في الفلاحة والتجديد الريفي من خلال احداث المشاريع الجوارية للتنمية الريفية المتكاملة، وهو ما عبرت عنه العديد من التدخلات والتصورات للمجتمع المدني والفاعلين الاجتماعيين بتندوف تخص ترقية وتنمية النشاطات المرتبطة بقطاع الفلاحة والتربية الحيوانية انطلاقا من كون تندوف يغلب على سكانها الطابع الرعوي البحت وهو النشاط المتداول من طرف شريحة عريضة من الساكنة. كما تمحورت جل التصورات والافكار حول الموارد البشرية أو ما يعرف بالرأسمال البشري من حيث تأهيله وتكوينه ليكون عنصرا فعالا في عملية التنمية المحلية بشتى ضروبها، بالاضافة الى جملة من الاقتراحات للتكفل الانجع بالاحتياجات الضرورية للتمدرس لاسيما بالنسبة لاطفال المناطق النائية. وقد أخذ موضوع التنمية والتهيئة الاقليمية أهمية كبرى ضمن مختلف التدخلات والتصورات، وهنا إنصبت الافكار والتصورات المحلية حول امكانية خلق فروع ادارية جديدة للتجمعات السكانية لاسيما باقيلم بلدية أم العسل التي تتوفر على تجمعين سكانيين هامين هما حاسي لخبي وحاسي مونير، والاخذ بعين الاعتبار بالطلب الاجتماعي فيما يخص توفير الخدمات الاساسية للحياة اليومية للمواطن كالصحة والتربية والسكن ، والمواصلات، والماء والكهرباء . وفي ذات السياق أشار والي تندوف في كلمة له أمام مندوب التنمية المحلية في جلسة حول التنمية بتندوف إلى المحاور الكبرى التي تضمنها المخطط الخماسي 2010/2014 في مختلف البرامج وتأهيل المنشات القاعدية ، حيث يسجل تحسن محسوس في نسبة الربط بقنوات المياه الصالحة للشرب، وانجاز المناقب الرعوية، وتوفير العيادات وقاعات العلاج عبر المناطق النائية وغيرها من المشاريع التي تدخل في نطاق تنمية حقيقية للمنطقة غلى غرار باقي ولايات الوطن . آراء وتصورات لمستقبل المنطقة كما عبر الكثيرون من المتدخلين خلال تلك الجسات التشاورية على ضرورة تغيير الذهنيات والتحلي بالدقة والتنظيم لبلوغ الأهداف المتوخاة من التنمية المحلية ، وهذا مرتبط بالدرجة الأولى على عنصر الحكامة ، وفتح أبواب الحوار الواسع مع مختلف الفئات الاجتماعية الواسعة والفاعلة في العملية التنموية ، من جهة أخرى إنصبت التدخلات والآراء حول عملية التنيط الريفي والتركيز على تغيير نمط حياة السكان الرحل وتحسين ظروف معيشتهم من خلال مشاريع مكافحة التصحر والجفاف الذي عرفته المنطقة سنوات طوال، وهو ما يستدعي خلق قطب فلاحي تكاملي تشاركي . ومن أبرز الانشغالات والتحديات التي تتواجد في صلب المشاروات هو العمل على انتهاج سياسة تنموية ضمن مسعى واتجاه متكامل، من شأنه مراعاة الاهتمامات والانشغالات الكبرى للمنطقة ، وتكثيف المشاريع بالمناطق النائية ، والتكفل بالخصائص الإقليمية لاسيما للمناطق النائية المترامية الأطراف بإقليم الولاية، وتفعيل أجهزة الدعم الموجه للتكفل الانجع بانشغالات الشباب في مجالات التشغيل، والمخططات الجوارية للتنمية الريفية المتكاملة، مع إسهام فعال للمرأة في سياق الحركة التنموية التي قال فخامة رئيس الجمهورية فيها: فصلاح المرأة هو أحد أهم دعائم صلاح المجتمع كله لكونها السند الأساسي في تكوين وتنشئة خلية المجتمع الأولى التي هي الأسرة... وخلق مؤسسات ومشاريع وقد تمحورت جل التدخلات والتصورات حول ما تتطلبه التنمية المحلية من منظور الرأي العام المحلي والمجتمع المدني حول مجالات الري والمياه التي ماتزال المنطقة تعاني من مصادر تواجدها نتيجة غياب دراسة هيدروجيولوجية تمكن من معرفة المخزون المائي المتوفر، إضافة إلى المناداة بالإسراع في استكمال الدراسة الخاصة بعملية تحلية المياه حيث تمتاز المياه الحالية بنسبة من الملوحة وإيجاد حلول ناجعة لنوعية الماء الشروب، من جهة أخرى أخذ قطاع النقل والمنشات القاعدية حصة الأسد من التصورات منها السعي إلى تقوية المواصلات والطرق والمسالك من خلال إضافة جسر واد الدورة على طول 05 كلم على الطريق الوطني رقم 50 والإسراع في شق الطريق الرابط بين ولاية تندوف وأدرار، كما نادى المتدخلون إلى ضرورة خلق مؤسسات عمومية للنقل الحضري بالمدينة، كما كان الاستثمار حاضرا بقوة أين اقترح البعض تشجيع الاستثمار في المجال السياحي والفندقي لما تتوفر عليه المنطقة من قدرات سياحية وثقافية قادرة على إحداث نهضة حضارية بالمنطقة بأسرها ، إضافة إلى تشجيع الاستثمار في الألواح الشمسية وترقية المبادرات الاستثمارية المحلية للنهوض بالاقتصاد المحلي ومن هنا تجدد مطلب إحياء سوق المقار التاريخي الذي كان بمثابة النهضة الاقتصادية التي حركت المنطقة ودول الجوار في تناسق تجاري وتبادلي، إما على مستوى المحميات والتنوع البيولوجي والبيئي بالمنطقة فقد تركزت الانشغالات حول حماية المحميات الطبيعية كشجرة الأرقان التي تشكل أهم غطاء نباتي بالمنطقة إلى جانب شجرة الطلح ، وتكثيف عملية حفر الآبار الرعوية بأماكن تواجد البدو الرحل ومتابعة أحوالهم الصحية والاجتماعية .