تقع بلدية أمسيف على بعد 100 كلم جنوب عاصمة الولاية المسيلة، وتعتبر هذه البلدية منطقة فلاحية ويعيش معظم سكانها على خدمة الأرض، لكن الظروف أجبرت العديد منهم على الهجرة في شتى أنحاء البلديات المجاورة لها، وذلك من أجل ضمان لقمة العيش الذي أصبح بهذه البلدية المعزولة شبه مستحيل. فعند زيارتك لهذه البلدية لا تصدق أنك في الجزائر، فمقر البلدية ضيق المساحة، والاهتراء الذي أصابه يعطيك الصورة الحقيقية لهذه البلدية المعزولة، حيث فشلت كل محاولات النهوض المحتشمة وتوقفت على إثرها مسيرة التنمية، وتبخرت وعود المجالس المتعاقبة على تسيير شؤون بلدية »أمسيف« في تحقيق التغيير، وأخفقت المشاريع الزهيدة في محو آثار سنوات طويلة من الركود الاقتصادي والبؤس الاجتماعي، وتبخرت بذلك أحلام السكان التي عقدوها على شعارات تتحدث عن تحدي التنمية للعزلة، ليبقى السكان خارج مجال التغطية لاهتمامات المسؤولين، فنتج عن قلة الموارد »العزلة« و »الإهمال« وهي تذكرة اقتنتها البلدية لتحجز لها مكانا في قائمة أفقر البلديات بولاية المسيلة، لكن المعاناة لا زالت تلازم السكان لأن الوضع التنموي والاجتماعي يزداد تدهورا يوما بعد يوم، فالمواطن في كامل تراب البلدية لا يزال يعيش حرارة الحرمان من كل متطلبات الحياة العصرية الضرورية، وكأن المنطقة تعيش على وقع حصار اقتصادي من كل الجوانب، ولا تزال البلدية تفتقر إلى أدنى معاني الحياة الاقتصادية، ومازاد الطين بلة هو معظم السكنات المكونة للبلدية والتي تنعدم بها شبكة الصرف الصحي الأمر الذي دفع بساكنيها إلى اللجوء للطرق التقليدية رغم ما في هذه الطريقة من مخاطر صحية وبيئية، ولا تزال البلدية تبحث عن مخرج لهذا المشكل بالرغم من الطلبات والشكاوي المتكررة للسلطات، والحديث عن الماء الصالح للشرب هو الآخر يعتبر روتينيا بالنسبة لسكان قرى أمسيف (بئر العربي، بئر القلالية، بئر الكراع، ذراع يوسف وذراع بن ناصر) إذ أن هناك بعض القرى لا يزورها الماء إلا بعد 20 يوما، ومشكل الإنارة العمومية لا يزال مطروحا في أغلب المناطق التي لا تزال تعيش على وقع الظلام الدامس، فهي جسد دون روح بمعنى أن الإنارة العمومية لا تزور كل القرى مثلها مثل المياه الصالحة للشرب، أما الحديث عن البرامج التنموية بالبلدية على العموم فهي في أسفل درجات السلم المتعارف عليه بالمعايير الوطنية، فالتنمية التي تم توفيرها بمركز البلدية تكاد تدخل الإنعاش حسب ما أجمع عليه السكان، أما الحديث عن حالة شباب البلدية فحدث ولا حرج فمعظمهم عاطل عن العمل وتعتبر نسبة مرتفعة والتي لا تعرفها أي بلدية أخرى بولاية المسيلة، وهو ما زاد من تأزم الأمور الاجتماعية بالمنطقة، بالإضافة إلى انعدام كامل لوسائل الترفيه والتسلية وهو ما جعلهم عرضة للمخاطر والآفات الاجتماعية. وفي نفس السياق طالب سكان بلدية أمسيف السلطات الولائية بتدعيم بلديتهم بمنشآت رياضية وثقافية، وللعلم فإن البلدية كانت تمتلك مركزا ثقافيا إلا أنه تم إغلاقه لأسباب تبقى مجهولة لدى السكان، بعدها تم تحويله كفرع للتكوين المهني والتمهين »للخياطة، الكهرباء، البناء«. وأسرت مصادر مطلعة ل »أخبار اليوم« أن مديرية التكوين بالولاية أرادت ترميمه وتوسيعه من أجل فتح تخصصات أخرى لفائدة أبناء المنطقة، إلا أنها لم تستطع ذلك بسبب ملكية المقر لوزارة الثقافة، من جهتنا قمنا بزيارة لمقر البلدية للاستفسار إلا أننا تفاجئنا بعدم وجود المسؤول الأول في البلدية، وقد صرح لنا بعض من وجدناهم أمام مقر البلدية بأن »المير« نادرا ما يأتي؟ لذا تفهمنا حجم معاناة سكان هذه البلدية التي تركناها وسكانها في انتظار التفاتة السلطات الولائية لهم. ولن تتحسن صورة هذه البلدية حسب السكان إلا ببرمجة مشاريع تنموية تتجسد على أرض الواقع لتغطية العجز المسجل وفك حصار العزلة المفروض عليهم، ووضع حد لما تعرفه بلديتهم من إهمال ولا مبالاة.