لن نتحدث عن الأحياء القديمة المصنفة منذ عقود بوهران بأنها نقاط خطيرة لكونها تضم عصابات تروج الخمور و المخدرات و تمتهن الاعتداءات والسرقات والتي أول من عانى من جرائمها سكان هذه المناطق على غرار «بلونتار» و«الدرب» و«الحمري» وما جاوره ، بل الحديث اليوم عن السياسة العمرانية و السوسيولوجية التي منيت بفشل ذريع في انتشال هؤلاء الضحايا من مستنقع اللا قانون . فمعشر المسؤولين السابقين ولفرط ذكائهم اعتقدوا أن مجرد نقل آلاف العائلات من مكان إلى آخر سيقضي على الآفات الاجتماعية ويعيد الأمن والأمان و يثني المروج والسارق عن ممارسة عاداته الإجرامية اليومية وكأن السلوك المنحرف مرتبط فقط بالجدران فإن غيرتها تغير كل شيء وتناسى هؤلاء «العباقرة» أن الحاضنة الاجتماعية التي ترعرع فيها الخارجون عن الشرائع والأعراف بقيت على حالها باستثناء عنوان الإقامة . فاليوم مثلا المهلوسات بكل أنواعها تباع جهارا نهارا على مرأى و مسمع من الجميع داخل أسواق الخضر و الفواكه و المقاهي وعند مداخل العمارات في أحياء شُيّدت أصلا للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة فيكفي القيام بجولة قصيرة بأحياء الياسمين والنور والصباح وبلقايد ووادي تليلات للوقوف على مدى هول المأساة ، فالمخدرات أضحت تباع بشكل عادٍ وكأنك تشتري رغيف خبز أو قارورة زيت – بل هي ربما متوفرة أكثر - والويل لمن يعترض، فهذا النشاط المربح بشكل جنوني تحميه عصابات لن تتوانى عن ارتكاب أبشع الأفعال للمحافظة على ريعها وأتواتها. نعم لجمال العمران لكن ليس على حساب سلامة الإنسان فهو النواة الأساسية في أمن الأوطان ، إن عقول شبابنا بل حتى أطفالنا مهددة بالخراب و أسر بأكملها هدها الهم و الاكتئاب بسبب هذه السموم المنتشرة كالهشيم في النار حارقة في طريقها الأعراض و الضمائر و القيم، وحولت حياة سكان هذه الأحياء إلى جحيم، فإلى متى سياسة الهروب إلى الأمام؟ علما أن القضية تحتاج و بسرعة فائقة إلى تغطية أمنية فعالة و ناجعة وأحكام ردعية وقاسية وبرامج دينية ونفسية ورياضية واجتماعية وحلول اقتصادية آنية حتى تتلون الجدران الجديدة بألوان الأمان .