. مصرع 14 وجرح 80 في مواجهات بالحدود الغربية قال مصدر رسمي تونسي إن الآلاف من الليبيين بدؤوا التدفق على تونس إثر تدهور الأوضاع الأمنية في بلادهم بسبب تزايد المواجهات المسلحة بين الثوار. وذكرت الإذاعة التونسية الرسمية أن المعبريْن الحدودييْن التونسييْن رأس اجدير والذهيبة سجلا حركة كبيرة منذ تجدد المعارك بين مقاتلين من مدينتيْ زوارة وجميل في غرب ليبيا على الحدود مع تونس. وأشارت إلى أن تدفق الليبيين على تونس -الذي بدأ منذ مساء الأحد- تطور بشكل لافت على مستوى معبر رأس اجدير، حتى تراوح عدد الوافدين الليبيين بين 10 آلاف و12 ألف مسافر خلال 24 ساعة. وقال شاهد عيان -في اتصال هاتفي مع يونايتد برس إنترناشونال- إن تدفق الليبيين على تونس تواصل أمس الثلاثاء عند معبر رأس اجدير (600 كيلومتر جنوب شرق تونس العاصمة)، وذلك في موجة أعادت إلى الأذهان تلك الموجات من الليبيين الذين هربوا إلى تونس أثناء المعارك العنيفة بين الثوار وكتائب العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وأضاف أن المئات من السيارات الليبية ما زالت تنتظر في طابور طويل انتهاء الإجراءات لدخول الأراضي التونسية من رأس اجدير. وقالت مصادر أمنية تونسية إن تدفق الليبيين على تونس يأتي في وقت تشهد فيه مناطق ليبية قريبة من الحدود التونسية توترات حادة -خاصة في منطقتيْ زوارة وجميل- بسبب خلافات بشأن السيطرة على المنافذ الحدودية. وكانت مواجهات عنيفة اندلعت في المحور الجنوبي لمدينة زوارة بين ثوار المدينة ومسلحين من مدينة الرقدالين. وسُمع دوي سقوط قذائف الهاون وسط مدينة زوارة التي تبعد نحو 120 كيلومترا غرب العاصمة. واندلعت الاشتباكات بعد اختطاف 29 عنصرا من أفراد حرس الحدود، ينتمون إلى مدينة زوارة. واُستخدمت في هذه المواجهات الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية والمدفعية والدبابات، مما دفع عددا من سكان مدينتيْ زوارة ورقدالين إلى الهرب باتجاه الأراضي التونسية. وقد أفاد المراسلون في ليبيا بوقوع اشتباكات في منطقة جنزور غرب العاصمة طرابس بين ثوار ومسلحين بأسلحة خفيفة. وكان رئيس الحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب قد زار -برفقة رئيس أركان الجيش- مدينة سبها في الجنوب عقب النزاع بين القبائل العربية وقبائل التبو. وقال الكيب إن الحكومة شكلت لجنة للتحقيق في القتال الذي استمر أكثر من أسبوع, وأكد أن الاعتداء على أرواح المواطنين مهما كان عرقهم يعتبر خرقاً للقانون، وأن الحكومة لن تتساهل مع هذه الانتهاكات. وكان نحو 150 شخصا قد قتلوا في الاشتباكات القبلية بمدينة سبها، كما أجبر المئات على النزوح من منازلهم الأسبوع الماضي. وتُعتبر هذه المعارك هي الأحدث في سلسلة اشتباكات تسلط الضوء على حالة عدم الاستقرار في ليبيا.وفي السياق ذاته، ذكرت الإذاعة التونسية أن معبر الذهيبة/وازن الحدودي -الذي يبعد نحو 850 كيلومترا جنوبتونس العاصمة- سجل هو الآخر عبور حوالي خمسة آلاف ليبي نحو الأراضي التونسية. يُشار إلى أن تونس استقبلت مئات الآلاف من الليبيين أثناء المعارك العنيفة التي شهدتها ليبيا بين كتائب القذافي ومقاتلي ثورة 17 فبراير العام الماضي. فوضى غامضة ؟ تحدثت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عما وصفتها بالفوضى التي تعم ليبيا في مرحلة ما بعد معمر القذافي، وقالت إن وحدة البلاد قد لا تلتئم بسهولة، في ظل رواسب العهد الماضي المختلفة. وأوضحت أن ليبيا تتلقى حاليا ما وصفته بالدرس الصعب الذي يتمثل في أن الوحدة لا تتم بسهولة في منطقة تركزت فيها صناعة القرار في أيدي قلة من الناس وحكام مستبدين حكموا البلاد بقبضة حديدية على مدى عقود، متجاوزين اختلافاتهم الثقافية والدينية والعرقية العميقة. وقالت واشنطن بوست إنه بعد خمسة أشهر من وفاة العقيد، الذي كان يسيطر على البلاد عن طريق القوة الغاشمة، بدأ الناس في ليبيا بتخيل ما ينبغي فعله، إلا أن الاشتباكات والفوضى التي حدثت الأسبوع الماضي بين القبائل البدوية في مدينة سبها لا تبعث على الأمل. وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف على أكياس قمامة انتهى إلى قتال بالسلاح، وأن البلاد شهدت اشتباكات دموية عنيفة بين قبائل متناحرة في واحة مدينة سبها جنوبي البلاد مما أسفر عن مقتل 147 شخصا وجرح المئات. وقالت إن المقيمين في طرابلس يلقون القمامة في قصر العقيد الراحل، وذلك بسبب إغلاق مكان طمر النفايات في ديسمبر الماضي، وإن أطنانا من أكياس القمامة تتكدس في الشوارع، مما ينذر بأزمة بيئية خطيرة تهدد الصحة العامة. وكان القذافي قد أنشأ في طرابلس مكبا للنفايات قبل 11 عاما، ولكن السكان يشتكون بأنه تسبب في تلويث المياه ونشر الأمراض. كما أشارت الصحيفة إلى وجود ما وصفتها بالمليشيات المسلحة في أنحاء متفرقة من طرابلس والمدن الليبية الأخرى، وأن بعضهم يكون مخمورا وأن معظمهم عاطلون عن العمل ويشتبكون فيما بينهم لأبسط الأسباب.