الغاسول...مدينة عريقة قديمة العهد والنشأة تتميز بخصائص تاريخية وجغرافية وحضارية نادرة بالجنوب الغربي خصوصا بمناطق ولاية البيض تقع هذه الأخيرة جنوب عاصمة الولاية تبعد عنها بحوالي 40 كم تعد من أقدم المناطق العريقة بالجهة يعود تاريخ تعمير الغاسول إلى حوالي أكثر من 8 قرون مضت حسب أرجح المعطيات التاريخية ..فمدينة الغاسول عمرتها قبائل بني عامر التي مازالت آثارها شاهدة ودامغة على الجبال والصخور كالرسومات والحفريات إلى وقتنا الحاضر تدل على أن المدينة كانت آهلة بالسكان منذ القدم حسب أرجح الروايات الشفوية المتداولة .. ومن أهم ما تتميز به المنطقة تتربع على قصر عتيق الذي أسس وبني على-تقنيات عريقة بدائية لا تزال شواهده قائمة وشامخة يتحدى العوامل الطبيعية كالأمطار التي إجتاحت مناطق الولاية عبر التاريخ مرصوص بالطين والحجارة والخشب وجذوع النخيل أما موقع اختيار بناء القصر له أكثر من دلالة لم يكن الاختيار عن طريق الصدفة بل كان نتيجة للتقاليد والعادات التي يتمسك بها السكان منذ قرون خلت حيث كانوا يختارون الأماكن المرتفعة كالهضاب يشيدون عليها بناياتهم حتى يتسنى لهم مراقبة العدو لأن هذه المناطق عرفت صراعات مريرة بين القبائل وكان البقاء للأقوى فموقع القصر القديم يسمح لهم بمراقبة الجهات الأربعة لمسافة بعيدة مما يفسر أهمية الموقع زيادة على ذلك اختيرت هذه المنطقة للاستقرار لما لها من مؤهلات زراعية كتوفر الماء والأرض الخصبة والمناطق الصالحة للرعي حيث مازال السكان إلى يومنا يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم الإجتماعية المتينة تطبعها الخصال الحميدة (الكرم ،الجود ،الشهامة ،النضال..) ويمارسون منذ القدم حرفتي الرعي والزراعة لاسيما زراعة النعناع الذي يصدر منه كميات إلى مصانع مدن الشمال.. وتجدر الإشارة بان مدينة الغاسول لها تاريخ حافل في مكافحة العدو الفرنسي خصوصا أثر مقاومة أولاد سيد الشيخ بقيادة الشيخ بوعمامة حيث كانت منطقة تموين بالمواد الغذائية وعلاج الجرحى وتحضير الخطط الحربية وهذا لكون الغاسول قريبا من مجريات الأحداث إلى جانب الغزوات والحروب المحلية التي عاشها سكان المنطقة فإن مشاركتهم في ثورة التحرير المباركة كانت قوية من خلال تعرض المدينة إلى الهجمات الاستعمارية.. وبعيدا عن هذه الخصوصيات التاريخية الثورية لقد بني القصر القديم ببيوته الضيقة المتماسكة والمتراصة بشكل هندسي إسلامي من أهم مميزاته انه يقاوم الظروف الطبيعية القاسية التي تعرفها المنطقة من المعروف ان مناطق البيض تمتاز بمناخ بارد شتاء وحار صيفا مما جعلت القصر يعرف توافد كبير للسكان في الوقت الغابر اما في العصر الحالي يشهد القصر زيارات منقطعة النظير للزوار من مختلف مناطق البلاد علاوة عن إستقطاب السياح سنويا ..يشتهر القصر بجدران طوبية متينة لها دعامات قوية تضمن تماسك البناء أما المواد المستعملة في البناء متكونة من الطين والخشب والحجارة . ورغم بساطتها فقد قاومت الزمن ولاتزال شاهدة على تحدي الإنسان للطبيعة وعلى هذا السياق لقد صمدت معظم البناءات الطوبية المنتشرة بمناطق عدة بولاية البيض منها بالغاسول ،أربوات ،بوسمغون ،الأبيض سيدي الشيخ ..أمام اجتياح اعنف فيضانات شهدتها هذه المناطق خلال سنتي 2008 و2011 لم تتأثر معظمها بالرغم من مرور قرون على تأسيسيها خاصة قصر الغاسول وبوسمغون أما البناءات الحديثة لم تقاوم إلا القليل والواقع يثبت ذلك في ظل الإنهيارات بالجملة التي وقعت خلال السنوات الماضية..