التقاعد هي فترة يرتاح خلالها الشخص الذي اشتغل طيلة حياته لتوفير القوت والعيش الكريم لذويه وكذا ليصنع لنفسه مكانة حسنة في المجتمع. لكن الواقع غير ذلك إذ أن المتقاعد يحس بعد إنقضاء فترة وجيزة عن توقفه عن العمل أنه أصبح شخصا غير منتج وغير نافع للمجتمع مما يؤدي إلى انعزاله في بعض الأحيان عن الأصدقاء إذ أن التقاعد والفراغ بالنسبة له أصبحا أمران لايفترقان ويتساءل الفرد: هل دوري في المجتمع انتهى ببلوغي الستين؟ هذا الإحساس يوّلد لدى المتقاعد عصبية زائدة ويصبح يهتم بكل صغيرة وكبيرة في البيت ويعلّق على كل تصرفات أفراد أسرته الذين يحاولون قدر الإمكان تفادي الإحتكاك به. وتصبح الساحات العمومية والمقاهي هي الملاذ الوحيد لهذه الشريحة من المجتمع إذ تضع حيث يكونون لأنفسهم خلية خاصة بهم. ومن جهة أخرى يجد المتقاعد نفسه يواجه ضائقة مالية إذ أن المنحة التي يتقاضها شهريا لا تغطي حاجياته وحاجيات أسرته خاصة الأشخاص الذين كانوا يتقاضون مرتبات جيدة كانت تسمح لهم بتوفير كل متطلبات البيت فيؤكد بعض المتقاعدين ممن استجوبتهم الجمهورية أن المنحة التي يتقاضوها لا تكفي لقضاء حاجيات 10 أيام فقط من الشهر لذا فكر الكثير منهم في العودة مجددا إلى عالم الشغل لتحسين مستوى معيشته فالبعض يعود إلى الإدارة في مؤسسات خاصة تستغل خبرة المتقاعد في تكوين الجيل الجديد من العمال أما البعض الآخر فيستعمل سيارته لنقل الزبائن بطريقة غير شرعية أو ما يعرف بالكلونديستان أو يعمل كسائق سيارة أجرة وهذا لأن ذلك لا يستدعي قيام المتقاعد بجهد بدني كبير. ولا ينكر المتقاعدون الذين استجوبناهم أن منحتهم شهدت زيادة معتبرة في السنوات الأخيرة غير أنهم يجدونها غير كافية بالنظر إلى غلاء المعيشة وإرتفاع أسعار المواد الغذائية بالإضافة إلى مختلف الفواتير فكيف يمكن لهؤلاء المتقاعدين التفكير في الراحة والإستجمام إذا كان تفكيرهم كله ينصب حول كيفية تغطية المصاريف؟ لكن هنالك شريحة أخرى من المتقاعدين من نسي أو تناسى أرباب أعمالهم التصريح بهم طوال حياتهم لدى الضمان الإجتماعي يجدون أنفسهم بدون منحة تعيلهم وذويهم. وتتواصل مأساة المتقاعد التي تتفاقم في يوم محدد من الشهر حين يجد نفسه مجبرا للوقوف مباشرة بعد صلاة الفجر أمام مكاتب بريد الجزائر من أجل سحب المنحة ونراهم شيوخا ونساء يتزاحمون من أجل الظفر بمكان للوصول سريعا إلى الشباك. هذه الظواهر تدفعنا لمطالبة الجهات المسؤولة لايجاد حل لمعاناة أبائنا وأجدادنا لكي يعيشوا آخر أيامهم بسلام.