إذا كان المحظوظون قد غادروا بريتوريا صبيحة الثلاثاء ووصلوا في نفس اليوم عبر الطائرة إلى كاب تاون التي احتضنت لقاء الجزائر وإنجلترا فإن المغبونين مثلنا قطعوا هذه السفرية عبر الحافلات في رحلة ماراطونية دامت يومين على مسافة 1460كلم ... في خط الإنطلاق 1000مناصر عبر 15حافلة سارت الواحدة تلو الأخرى في كورتاج بطيء لأن السرعة في جنوب إفريقيا محددة، لا أحد يتجاوزها احتراما للقانون رغم قلة الحواجز الأمنية...الساعة العاشرة من صبيحة الثلاثاء غادر الكل بريتوريا التي تكون قد استرجعت حياتها العادية باعتبار أن تواجد الجزائريين فيها زاد من حيوية هذه المدينة الجميلة التي لن تنسى أنصار الخضر الذين سيعودون إليها مرة أخرى بمناسبة لقاء الولاياتالمتحدة لم يحدث أي مشكل أثناء الرحيل المفاتيح سلمت والغرف لم تتعرض إلى أي شيء ذلك ما دونه المنظمون وهم يسلمون لكل المناصرين وثيقة ركوب الحافلات... سرنا وسط تنظيم محكم ومن جديد وجدنا أنفسنا نعبر جوهانسبورغ ، مدينة ذات طابع معماري رائع ... كل شيء فيها جميل لنواصل الطريق وسط مناظر طبيعية ساحرة، حيوانات واخضرار وبرك مائية ... سبحان الخالق... إنك في بلد لن أبالغ إذا قلت أنه من أجمل البلدان العالمية وقد اذهب بعيدا لأقول أنه أحسن من بلدان أوروبية كثيرة وبعد 200 كلم ، كما كان منتظرا نقطة التوقف عند محطة للبنزين في الطريق السيار ويا لها من محطة... بها مطاعم فاخرة وكل ما تبحث عنه تجده... هنا كل مناصر يدفع من جيبه لتناول وجبة الغذاء... "الباطل يبطل" وحتى لا يتكرر سيناريو مدينة بولكوان التي شهدت لقاء الخضر ضد سلوفينيا أين اقتحم مشجعون "سوبيرات" ونهبوا كل شيء وقف المؤطرون أمام المطاعم رفقة رجال الشرطة ولا أحد أكل بالمجان... ساعة بعد ذلك كل مناصر لا بد أن يعود إلى الحافلة التي ركب فيها... استمرت الرحلة ولا أحد نام.. الكل بقي مستيقظا يتمتع بجمال الطبيعة وما أن بدأ الليل يرخي سدوله وصلنا إلى مدينة بلوم فنتين ، الوردة البيضاء بعد أن قطعنا مسافة 460 كلم .. هنا لابد من المبيت ويا له من برد... درجة الحرارة تحت الصفر... مهما ارتديت من ثياب فإنك لن تستطيع مقاومة البرد... نزل الكل من الحافلات طبعا أمام مرأى رجال الشرطة الذين وجهونا نحو مقرات إقامتنا وبر انتظار طويل تحصل كل و احد على مفتاح غرفته في مكان بعيد عن المدينة... أين الأكل سرنا راجلين ونحن نرتعش بردا وأسنانك تصطك نحو المطعم بعد 1كلم وصلناه وطوابير طويلة أخذ كل واحد وجبته وأي أكل ... لا يمكن أن تكمله وكالعادة الخبز مفقود ودائما وسط البرد عدنا إلى إقامتنا ومن كثرة البرد نسينا؟ أخذنا أكلنا ولأن العياء نال من الجميع ... الساعة كانت تشير إلى الثامنة ونصف ليلا التوقيت الجزائري التاسعة ونصف في جنوب إفريقيا إلتحق الكل بغرف النوم ... الأربعاء مواصلة الرحلة لقطع 1000كلم المتبقية. الساعة الخامسة صباحا الكل يستيقظ وعلامات العياء بادية عليه، اسرعوا ، اسرعوا يدق أحد المؤطرين في أبواب الغرف وكأنك في الخدمة الوطنية تجمع أدواتك وتهرول إلى الخارج وكالعادة الوقت لا يحترم وقضينا وقتا طويلا وسط البرد... بدون قهوة الصباح ركب الكل الحافلات وسلمت إلينا سندويتشات وكأننا سنتناول وجبة "الصحور" في رمضان.... الأغلبية لم تأكل بين الحلال والحرام الترك أحسن... الباتي مشكوك فيه.. أحد الشباب غامر وأكل فوجد نفسه يتألم فنودي على طبيب متواجد في حافلة أخرى فتأخر الإنطلاق ليعالج هذا الشاب.. الساعة السابعة تنطلق القافلة ... لا أحد يدخن في الحافلات، ممنوع التدخين وبسبب هذا المشكل كثرت التوقفات وطالت الرحلة... كرهنا، سئمنا، تعبنا، لم نشاهد من مباريات المونديال سوى لقاء الجزائر ضد سلوفينيا لماذا؟ لم يكن لدينا وقت كاف لذلك... الساعة الثامنة ونصف ليلا توقفت كل الحافلات لابد أن تمر على السكانير لتدوم العملية ساعة كاملة... تواصلت الرحلة وبعد كل 100 كلم توقف بالمقاهي والمطاعم... كل واحد يدفع من جيبه... الساعة منتصف الليل وصلنا إلى كاب تاون وتحت قيادة رجال الشرطة نوجه إلى جامعة فيكتوريا لقضاء ليلة الأربعاء والخميس والجمعة... بدون مشكل تسلم لنا المفاتيح ووجبات باردة وكالعادة تأكل فقط الموز وتتناول كوكا وترمي البقية خوفا من أكل الحرام... التعب نال منا فما كان علينا سوى النوم وبين الفينة والأخرى نستيقظ لأن المزامير التي اقتناها بعض الأنصار ظلت تقلقنا ... إنها فعلا معاناة أنستنا إياها روعة المدن الجنوب إفريقية كاب تاون صدق من سماها نيويورك افريقيا. الخميس يوم للراحة والتفسح و الجمعة موعد المقابلة والسبت أي يوم العودة إلى بريتوريا وقطع مسافة 1460كلم مرة أخرى.. كبرنا في الحافلات وفي ظرف 5 أيام سنقطع 2920 كلم.