يبدو أنه لا حدود لحب أنصار الخضر لفريقهم فكل شيء يهون عندما تلعب الجزائر أو يتعلق الأمر بمبارياتها، وهو ما وقف عليه طاقم ''البلاد'' الذي تنقل مع الأنصار من بريتوريا إلى كاب تاون في رحلة دامت يومين وكانت المسافة 1400 كم، الرحلة في حد ذاتها لم تكن سهلة كما يعتقدها البعض، خاصة مع برودة الطقس التي وصلت إلى أربع درجات. إلى جانب الطرقات التي كثيرا ما شكلت هلعا للبعض ممن تنقلوا في الحافلات إلى كاب تاون، غير أن البعض الآخر من المناصرين أفسد علينا متعة السفر عبر الحافلة، خاصة وأن البعض منهم استغل فترة التوقف للذهاب للاستراحات والسرقة من المحلات، وهو الشيء الذي أثار بعض المتاعب مع أصحاب المحلات والذين اتصلوا بالشرطة قصد وضع حد لهذه الخرجات، الأكيد أن الرحلة لم تكن بالسهولة التي كان يعتقدها البعض والجميع في جنوب إفريقيا استفسر عن قطع كل تلك المسافة بواسطة الحافلة، وهو ما يعد ضربا من الخيال. الانطلاقة كانت يوم الثلاثاء الموافق ل15 جوان في حدود الساعة التاسعة والنصف، ب23 حافلة كاملة، وكانت الانطلاقة في أجواء جيدة والجميع متفائل بنهاية مباراة تكون في صالح المنتخب الوطني أمام نظيره الانجليزي، إلى جانب ذلك كانت الرحلة في الكيلومترات الأولى جيدة مع الطقس الجميل الذي كان يميز مداخل ومخارج منطقة بريتوريا. الاستراحات استغلت للسرقة وبدأت المطبات الأولى في بداية الطريق عند توقف الحافلات من اجل الاستراحة وكما يعلم الجميع فإن الطرق السريعة في جنوب إفريقيا تميزها استراحات ضخمة يتواجد فيها كل شيء من أكل، ومراحيض إلى جانب مقاهي للانترنيت، لكن بعض الأنصار أفسدوا على الجميع فرصة التمتع بالمناظر الجميلة، خاصة وأن البعض منهم لجأ إلى السرقة، وهو الأمر الذي دفع بأصحاب المحلات إلى استدعاء الشرطة التي كانت متواجدة في جميع الاستراحات تقريبا وشددت الخناق على الحلافات التي كانت تقل الأنصار. ليلة الثلاثاء في بلوفانتان رفقة البرد القارص والتماسيح وقضى أنصار المنتخب الوطني لكرة القدم ليلة الثلاثاء في بلوفانتان التي تبعد عن بريتوريا ب400 كم، حيث حلوا بذات المكان في حدود الساعة العاشرة بتوقيت جنوب إفريقيا، لكن المفاجأة كانت في البرد القارص الذي وصل إلى أربع درجات كاملة، إلى جانب كثرة التماسيح التي تميز هذه المنطقة الباردة والتي يميزها الظلام الحالك، ويتخيل لك أن هذه المنطقة لا تطل فيها أشعة الشمس. المناصرون أقاموا بزنزانات في بلوفانتان وتواصلت معاناة الأنصار في منطقة بلوفانتان عندما أقاموا في مخدع للطلبة والذي يشبه كثيرا الزنزانات لصغر حجم الغرف من جهة وعدم وجود التدفئة التي تسببت في العديد من المشاكل للأنصار الجزائريين غير متعودين على مثل هذه الظروف القاسية والتي منعت البعض منهم حتى من النوم وبقي الجميع مستيقظا حتى الصباح من أجل انتظار الحافلة التي تخرجهم من ''جليد'' بلوفانتان. رحلة 1000 كم صباح الأربعاء من بلوفانتان إلى كاب تاون وتقرر إكمال سفرية 1400 كم من بلوفانتان إلى كاب تاون في السادسة من صباح اليوم الموالي، لا سيما وأنه تبقى على الجميع قطع مسافة 1000 كم وهي المسافة التي أثارت هلعا لبعض المناصرين في الظروف القاسية والجليد الذي كانت الحافلات تصادفه على جنبات الطريق السريع والذي كاد في الكثير من المرات يتسبب في انزلاق الحافلة أو خروجها عن الطريق. بعض المناصرين استسلموا في بلوفانتان وقرروا إكمال السفر بالطائرة وفشل العديد من الأنصار في امتحان قطع مسافة 1400 كم بواسطة الحافلة، خاصة وأن البعض منهم توقفوا في بلوفانتان، حيث قرروا استعمال الطائرة عوض الحافلة، خاصة وأن الشطر الأول من الرحلة من بريتوريا إلى بلوفانتان والمدة التي قضتها الحافلات في قطع 400كم والمقدرة بثماني ساعات كاملة أزعجا البعض من المناصرين الذين توجهوا مباشرة إلى المطار ليستقلوا الطائرة إلى كاب تاون. شرطة جنوب إفريقيا تحاصر الحافلات وبلاغات ضد الجزائريين وتحولت رحلة الأنصار من بلوفانتان إلى كاب تاون إلى مغامرة بوليسية حقيقية، حيث تجد الشرطة في كل مكان من أجل تفتيش الحافلات من جهة والوقوف على قانونية الأشخاص المصاحبين للخضر في الحافلات، غير أن المشكل أن بعض المحلات المتواجدة في الاستراحات تقدمت ببلاغات ضد بعض الجزائريين المتورطين في أعمال سرقة، وهو ما جعل الشرطة تشدد الخناق على الجزائريين، لا سيما وأن الموكب كان مصحوبا بالشرطة في جنوب إفريقيا، لكن كل شيء مر على ما يرام رغم التوقيفات المتكررة للحافلة من قبل الأمن الذي كان يسأل في كل مرة كم عدد المسافرين في ذات الحافلة. الشرطة تقرر مرافقة الحافلات إلى كاب تاون وفي حدود الساعة الثامنة ليلا من يوم الأربعاء وعلى بعد حوالي 100 كم فقط من مداخل كاب تاون، توقفت سيارات خاصة من اللون الأسود قيل لنا إنها سيارات خاصة تستعمل للأغراض الطارئة، حيث رفضت هذه السيارات أن تتركنا نكمل طريقنا إلى المكان الذي نقصده حتى جاء إشعار من السفارة الجزائرية في جوهانسبورغ التي على ما يبدو طلبت مرافقة الأنصار حفاظا على أمنهم من جهة وعدم السماح لبعض المناصرين بإثارة المشاكل داخل الملعب، لا سيما وأن الأمر بات لا يحتمل الكثير. الوصول إلى كاب تاون عند منتصف الليل والجميع يتنفس الصعداء وانتهت رحلة الألف وأربعمائة كيلومتر عند الساعة منتصف الليل من يوم الأربعاء في ظروف أقل ما يمكن القول عنها إنها كارثية، حيث قضى الجميع يومين للوصول إلى كاب تاون، وهو ما يعد سابقة في جنوب إفريقيا، لا سيما وأن هذه البلاد معروفة ببعد المسافة من جهة والظروف المناخية الصعبة دون تناسي الأمن غير المتوفر في الطرقات، خاصة وأن الحافلات ترفض السير في الليل لتجنب أي طارئ. أنصار المنتخبات المونديالية مندهشة ولا تصدق المساقة التي قطعها الجزائريون ودخل أنصار الخضر كتاب غينس للأرقام القياسية، حسب بعض أنصار المنتخبات المونديالية الأخرى، الذين تفاجأو عند دردشتنا معهم والتأكيد على أن الأنصار قطعوا 1400 كم بالحافلة وفي تلك الأجواء وهو ما اعتبره الجميع ضربا من الخيال وأمر يستحق الإشادة به. سعدان وأشباله يمكلون سلاحا فتاكا اسمه الجمهور لا تخيفه المسافة أو البرد ووقف صحفي ''البلاد'' على حقيقة حب الجزائري لفريقه الوطني من خلال مرافقته لرحلة الألف واربعمائة كيلومتر والتي كانت ضربا من الخيال بالنسبة للعديدين، غير أن إصرار الجميع على الوقوف إلى جانب الخضر في مواجهة منتخب الأسود الثلاث دفعهم إلى تناسي المسافات وحتى الأجواء الصعبة التي زالت أمام إرادة الجزائريين.