اختتم نهاية الأسبوع الماضي المشروع النموذجي لإدخال نمط للتنمية الريفية بدائرة "الحشم" بولاية معسكر المنجز في إطار التعاون الجزائري الإسباني بين جويلية 2006 وماي 2010، وبتمويل من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية المساهمة بمبلغ 1287455 مليون يورو، والمركز الدولي للدراسات الفلاحية والريفية الإسباني بمبلغ 92 ألف يورو. ورشة إختتام هذا المشروع جرت يوم الخميس الماضي بمخيم الشباب ببلدية نسمط في حضور مختلف المتعاملين المعنيين من السكان المستفيدين وأعضاء لجنة تنفيذ المشروع والممثلين عن الهيئات الممولة، وعن قطاع الفلاحة والتنمية الريفية، وقد تم إستعراض حصيلة المشروع خلال هذا اللقاء مع ترك باب تقييم النتائج مفتوحا للملاحظين حسبما ما يفهم من خلاصة الوثيقة الموضوعة تحت تصرف رجال الإعلام. فالمشروع كان يهدف حسب المشرفين عليه من خلال تنظيم فترات تكوينية، هيكلة الحركة الجمعوية الناشطة في منطقة الحشم، ومرافقة أصحاب المشاريع الإستثمارية الفردية أو الجماعية وتثمين الموارد المحلية الى تسهيل التنمية الإجتماعية والاقتصادية لدائرة الحشم من منطلق عملي تطبيقي والوصول في نهاية المطاف بسكان المنطقة الى تشكيل وعي بإمكانيات دائرتهم البشرية والاقتصادية والعمل على استغلالها لتحسين ظروف معيشتهم اليومية. وإذا إنتقلنا الى مستوى النتائج الملموسة متجاوزين كل النشاطات التي سمتها "وثيقة الحصيلة" بالنشاطات اللامادية،من إجتماعات وفترات التكوين والتحسيس والتوعية والتحقيقات الميدانية وما شابهها، والتي إستهكلت معظم الميزانية المخصصة لتمويل المشروع، فإن المشرفين على هذا الأخير، يعترفون بخصوص المساعدات الممنوحة للمستثمرين الشباب بأنها لم تبلغ الهدف المسطر والمتمثل في دعم 80 مشروعا، وبالتالي فإن النفقات في هذا المجال كانت أقل أهمية بسبب توظيف خبير أجنبي لم يكن في الحسبان لدى إعداد الميزانية. إن إجمالي المبلغ المخصص لمساعدة المشاريع الإستثمارية لم يزد عن 425363 يورو استفاد منها بصورة مباشرة 93 عائلة منها 50 عائلة أقامت مشاريع فردية نصفها تقريبا في مجال تربية النحل و8 عائلات في تربية الأرانب و6 عائلات في غرس الأشجار المثمرة، كما نجد مشاريع أخرى في الحدادة وإصلاح عجلات العتاد الفلاحي وتغذية الأنعام والسقي بالتقطير وتصبير الزيتون، وإنتاج الأعشاب الطبية والعطرية. كما ساعد المشروع في تمويل 4 تعاونيات جماعية لفائدة 43 عائلة، أهمها تعاونية إنتاج وتسويق الكسكسي التي تضم 10 أعضاء و8 عمال وهي تعاونية نسوية ويضاف الى ذلك 4 مشاريع لفائدة الجماعات المحلية أحدها يخص تسيير النفايات، والثاني يهدف الى تثمين غابة نسمط والثالث استهدف وضع اللوحات التوجيهية في البلديات الثلاث، والرابع إعادة تنشيط مخيم الشباب بنسمط بالشراكة مع مديرية الشبيبة والرياضة. وزيادة على هذا المؤشر الأول المتعلق بتحسين مداخيل العائلات ببلديات دائرة الحشم الثلاث (نسمط، زلامطة والحشم) يذكر أصحاب المشروع سبعة مؤشرات أخرى لها علاقة بالنشاطات أو بالنتائج اللامادية، كالإجتماعات واللقاءات الهادفة والتوعية حول مختلف المواضيع المتعلقة بتسيير الموارد الطبيعية، ووضع مخطط للتنمية المحلية والنشاطات الإجتماعية والثقافية ونشاطات دعم الهوية المحلية، وكذا مؤشر تكوين المنشطين في مجال التنمية الريفية، وآخر لتكوين السكان في مجالات الإنتاج الفلاحي وغيره والذي استفاد منه 281 مقاول ثم مؤشر إنجاز الدراسات القطاعية البالغ عددها 18 دراسة معظمها من إعداد خبراء وباحثين تابعين للمركز الدولي للدراسات الفلاحية والريفية الإسباني المكلف بتنفيذ المشروع، ثم مؤشر المشاريع المقترحة من طرف السكان والذي حظي 55 مشروعا منها بالدعم المالي. وتلخص الحصيلة النهائية للمشروع نتائجه في "المكتسبات " التالية معرفة إحتياجات ورغبات سكان المنطقة (بلديات دائرة الحشم) معرفة أكثر بالإقليم، وفريق من الإطارات الجزائرية الشابة المكونة والمؤهلة في العمل التنموي، وطريقة مختلفة ومنهجية لمساعدة السكان وتفعيل المهارات المحلية، والتنشيط الثقافي والإجتماعي للدائرة، كما أثمر المشروع بعض الجمعيات بأعضاء أكثر تكوينا وأكثر نشاطا وكذا جمعية نسوية جد نشيطة فضلا عن خلق الصلات والروابط بين السكان وهيئات ومصالح الجماعات المحلية. وردا على السؤال المتعلق بنجاح هذا المشروع من عدمه، تكتفي الحصيلة بالتساؤل عن "المقياس" الذي يصلح لقياس مستوى نجاح مشروع كهذا؟ مع استعراض مختصر لما تحقق من إنجازات في شكل إستفهامات عديدة حول ما إذا كانت هذه المكتسبات صالحة لتقرير نجاح المشروع لتنتهي بأبيات مقتبسة من قصيدة لشاعر إسباني عاش بين 1875 و1939 يقول فيها :"أيها الماشي، إنها خطواتك، هي التي تصنع الطريق وبدونها لا طريق، فبالمشي يصنع الطريق. وهو إقتباس في محله لا سيما بالنسبة للذين كانوا ينتظرون من المشروع أكثر مما تتحقق في الميدان.