لم أكن أتوقع أن يكون في الأسرة التربوية من لا يقدّر النشيد الوطني حق قدره حتى شاهدت بنفسي نموذجا بل نموذجين من أعضاء هذه الأسرة اللذين بقيا جالسين والنشيد الوطني يعزف وينشد وقد قام احتراما له كل من في القاعة من المشاركين في الندوة الولائية لإطارات الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ولما كان أحد «القاعدين» على مسافة مقعد بشمالي سألته بعد الانتهاء من عزف النشيد الوطني ما إذا كان مريضا أو به عاهة أو إعاقة تمنعه من الوقوف كما وقف أكثر من 300 حاضر احتراما للنشيد الوطني؟ فكان ردّه أنه أمر يخصني ! أي نعم هكذا سوّلت له نفسه أن يختزل ويقزم نشيدا تردده ملايين الحناجر من أبناء الجزائر صباحا مساء في المناسبات والاحتفالات نشيدا وقف احتراما له الملوك والأمراء والرؤساء النبلاء والأعيان والمشاهير من كل أصقاع العالم نشيدا تردّد في الجبال الشامخات الشاهقات طيلة ثورة نوفمبر مصحوبا بصيحات التكبير والتهليل نشيدا تضمن قسما أبرّ بها مليون ونصف مليون من الشهداء الأبرار بدمائهم الزكيات الطاهرات نشيدا ارتجفت لسماعه فرائس جنرالات فرنسا وجيوشها المدعومة بقوات الحلف الأطلسي نشيدا نقل فصل الخطاب وجواب الثوار لفرنسا وأتباعها في الداخل والخارج وما زال ينقله إلى اليوم لخلق هؤلاء وهؤلاء على اختلاف مللهم ونحلهم كل هذه الشحنات المفعمة بالروح الوطنية لتي تضمنها النشيد الوطني جعلها هذا النقابي شأنا خاصا به يتعامل معها بالكيفية التي يريد وهي في هذه الحالة بالاستصغار والتعالي أنه سلوك حيال رموز وثوابت الوطن ولذا فإن محاولة تملص قياديي هذا التنظيم النقابي من مسؤولية سلوك أحد إطاراتهم «ضد النشيد الوطني» تزيد من جسامة الضرر كونها تشجع «سلفيين» آخرين المولعين بالتقليد على القيام بنفس التصرف والأخطر في القضية أن هذا السلوك جاء من «نقابي» وأيضا من «مربي» قد ينقل اعتقاده «الخاص» حول الوطنية ورموزها وثوابتها إلى مجموعة من التلاميذ في كل موسم دراسي وبالتالي لا ينبغي أن نندهش إذا جاءت إهانة هذه الرموز من أبنائنا مستقبلا قبل أن تجيء من خصومنا في البلد المجاور .