ظل سليم يلعب طوال النهار جوار الحديقة التي أقامتها البلدية و لم يتمّ تجهيزها بالألعاب و أدوات التسالي إلا من أرجوحة و أرضية بحاجة إلى تهيئة ، لم تتح له الفرصة للعب بها هو أيضا ، لكثرتهم كان دوره بعيدا، أحيانا يتأرجح بعضهم مرتين أو أكثر مفتكا دور آخر وهو سعيد بذلك ، بينما سليم ينظر إلى لعبهم ويستمتع بتداولهم الذي لا ينتهي دون أن ينبس ببنت شفة ، ينتظر دوره الذي لم يحن بعد ، أكثر من نصف يوم انتهى من الانتظار، حينها تسلل الجميع إلى بيوتهم بعد أن أعياهم التأرجح و أضناهم الصعود و النزول ، تاركين الأرجوحة وحدها ، و سليم الذي لم ينتبه له أحد يقترب منها بخطى ثقيلة ، يلتفت ذات اليمين و ذات الشمال ، لم يصدق أنّه سيلعب هذه المرة ، سيتأرجح ، ولكن وحده . قفز إلى المقعد ، قامته لم تسمح له بالجلوس بشكل مريح أخذ يتأرجح و يمسك بحبليها المشدودين إلى أعلى ، بإحكام ، ينظر إليهما بتعجب ثم ينزل خائبا ، يعاود الكرة ، لم يفلح يغيّر اتجاه الجلوس غير المتزن ينظر إلى من بجواره ، يبحث عن مساعدة ، كرر المحاولات لكنه يسقط ككلّ مرة ، يجلس بالقرب منها ، يتأمل شكلها ، يتذكر أصدقاءه الذين كانوا هنا قبل قليل و كيف كانوا يراودون الأرجوحة ، يتسلون بها واحدا واحدا و هي مستسلمة ، يقف سليم مرة أخرى يفكر في حيلة ينتصر بها على عناد الأرجوحة التي أحسّ بأنّها تتحداه ، يحدّثها : لماذا لا تساعدينني و تتركينني ألعب مثلهم ؟ انتظر جوابها بجد ، كرر السؤال : أجيبي...؟! - أجابت : الأرجوحة للكبار...وسيعودون مساء .