* ل «الجمهورية» بأرشيف سيخدم قضية نضالي ضد الإجرام الفرنسي نشطت نهار أمس المحامية المشهورة بن براهم فاطمة ندوة بجريدة الجمهورية تطرقت فيها الى عدة قضايا لا سيما تلك المتعلقة بالجانب التاريخي والفكر الاستعماري الذي لا تزال فرنسا تتمسك به رغم مرور أكثر من 50 سنة على استقلال الجزائر. فالنزاع بين الجزائروفرنسا لن يزول بل يظل مستمرا ما دامت الإنتليجنسيا العسكرية الفرنسية تحكم بفرنسا وليس الليبيراليون كما قالت ومادامت الذاكرة الجزائرية مهربة وفرنسا ترفض الإعتراف بجرائمها المرتكبة في حق الجزائريين خصوصا التفجيرات النووية التي يبقى المجتمع الجزائري يعاني تبعاتها الى اليوم. فكنوز الجزائر تقول السيدة بن براهم التي هربتها فرنسا ما بين 19 جوان 1832 و5 جويلية 1962، لا يمكن تعويضها ولو نبيع فرنسا لا تستطيع أن تعوض لنا ما أخذته، لأن فرنسا جنت الكثير من وراء إستعمارها للجزائر، واستطاعت أن تقلب الموازين بعدما كانت في تلك الفترة (عام 1830) تعاني الجوع والأمراض والفقر، ولكن بكنوز الجزائر بنت دولة متطورة ومتحضرة، في حين مارست القمع والإبادة على الشعب الجزائري لاستغلال خيراته، والدليل أنها وجدت 10 ملايين جزائري عند دخولها الجزائر، وتركت 10 ملايين عند خروجها، وهو ما يبين بشاعة الاستعمار الذي لم يترك وسيلة إلا واستعملها لاجتثات كل ماهو جزائري. ولعل التفجيرات النووية (وليس التجارب) تقول السيدة بن براهم، الوجه البشع الآخر للإستعمار، الذي لازلنا نعاني من آثاره الى حدّ اليوم، من خلال الأمراض الخطيرة المتفشية والتي تجاوزت 40 مرضا. وباعتباره رئيسة الهيئة الجزائرية لمناهضة الإستعمار، تحاول السيدة بن براهم بكل ما أوتيت من قوة لإثبات كل ما قامت به فرنسا، وتصنيفه في خانة جريمة الدولة انطلاقا من المعاهدات الدولية خصوصا معاهدة روما التي خلقت المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة الجرائم ضد الإنسانية مثل الإبادة الجماعية، القتل الجماعي والإغتصاب وغيرها، وهذا عملا بالقانون العام الصادر يوم 14 جويلية 1998، والذي يلغي قوانين العفو التي أصدرها ديغول (سنوات 1962، 64 و68) على كل العسكريين الفرنسيين الذين مارسوا التعذيب بالجزائر. وانطلاقا من هذا تحال هذه الهيئة الفتية تثبيت جريمة الدولة وحق المتابعة في حق الدولة الفرنسية التي ارتكبت هذه الجرائم، ولا يمكن أن تسقط بفعل التقادم. وعليه رافعت السيدة بن براهم بمجلس الشيوخ الفرنسي بباريس شهر جانفي الماضي مؤكدة أن التجارب النووية تبقى وتظل جريمة ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم، لهذا لا بد على مرتكبيها الإعتراف بها وتعويض ضحاياها. وبعد توصيات، دعت السيدة بن براهم الى ضرورة كشف الأرشيف الخاص بالتجارب النووية، وذلك لمعرفة الحقائق وعدد السكان الذين مستهم الإشعاعات وتحديد الأجهزة والأماكن. فأرشيف الجزائر تقول السيدة بن براهم لا بد أن يعود الى الجزائر، لأن حرب الجزائر مع فرنسا لا تزال متواصلة ولن تنتهي مادامت الحقائق مطموسة والأطماع متواصلة. وقد استغرق ملف الأرشيف والتفجيرات النووية وقتا طويلا في هذه الندوة التي عرجت خلالها ضيفة الجمهورية الى عدة جوانب من تاريخ الجزائر المظلم في عهد الاستعمار الذي حاول بشتى الوسائل البقاء بالجزائر، حتى بعد الاستقلال بدليل تصريح ديغول الذي قال أن هناك 132 جزائري مستعدون ليكونوا البديل في حالة استقلال الجزائر للإشراف على قطاعات الدفاع، المالية، التعليم والعلاقات الجزائرية. والى جانب ذلك تعرضت السيدة بن براهم الى الكثير من النقاط الهامة التي تخص وضعية الشعب الجزائري كذلك بعد الاستقلال، فبعد رفضه للإدماج والاستماتة في الدفاع، هناك 8 آلاف آخرين ذهبوا مع فرنسا وادمجوا لكن دون أن يصبحوا فرنسيين وبقوا في حالة مأساوية، مضيفة أن فرنسا خلقت هذا النوع من الجزائريين الذين يسمّون بالحركي، لتقسيم الشعب الجزائري الى فئات، في محاولة منها لاختراقه، فهذه الفئة «الحركي» كانت من صنع فرنسا. وفي مقام آخر ودائما فيما يتعلق بالتاريخ قالت ضيفة الندوة أنها أمضت 20 سنة لمعرفة الحقيقة وكل التفاصيل عن الشهيد أحمد زبانة الذي لم يكن أحد يسمع به، ومن محاميه الذي عاش معه اللحظات الأخيرة تمكنت من جمع الكثير من الشهادات وكتبت محاضرات عديدة عن هذا الرجل الرمز الذي كان أول رجل قبض عليه وحياته الثورية لا تتجاوز 8 أيام، ومع ذلك كان يريد أن يكون أول شهيد يقتل بالمقصلة ليظهر للعالم بربرية الاستعمار ( هذه المقصلة التي تزن 150 كلغ، تتوقف مرتين على بعد 5 سنتيم من رأسه، ثم تقطعه ذات 19 جوان 1956، وهو تاريخ ليس اعتباطيا لأنه يصادف 19 جوان 1830 رمز بداية الإستعمار، وهي رسالة مشفرة. وتأسفت المتحدثة، عن الفيلم الذي أنجز حول زبانة وكان مستوحى من كتاباتها والحقائق التي أتت بها، ولكن مع ذلك جاء السيناريو مغايرا للحقيقة وحتى البطل الذي مثل دور زبانة لا يشبهه تماما. وفي مقام آخر تحدثت السيدة بن براهم عن إصلاح العدالة الذي لا يزال شكليا، لأنه اقتصر على البنايات فقط كما قالت، وبقي الكثير فعله. والحديث عن الجانب التاريخي والإستعمار كان شيقا واستغرق الكثير من الوقت مع سيدة مطلعة وتلمّ بحقائق كثيرة، ومناضلة في سبيل القضايا الإنسانية، وكان بودنا التطرق الى قضايا أخرى لا تقل أهمية كانت السيدة خاضت فيها خلال مسيرتها النضالية ولكن تعذر عليها ذلك لانشغالاتها ووعدتنا بلقاءات أخرى.