لدي اعترافات لجنود فرنسيين أقروا بممارسة التعذيب والاغتصاب في الجزائر الأرشيف الذي سلمته فرنسا بلا قيمة والدولة لم تفعل أي شيء لاسترجاعه جرائم الاغتصاب هي جرائم دولة لا تتقادم بفعل الزمن، وفرنسا ملزمة بها وفقا لمعاهدة روما مازالت جرائم الاغتصاب الجماعي التي ارتكبها الجنود الفرنسيون في الجزائر إبان الاحتلال ملفا غير مطروق و”طابو” كبيرا لا يُسمح الحديث حوله، حيث تخجل اليوم حتى مجاهدات في حرب التحرير على فتح هذا الملف. وكانت قصة محمد ڤرن، الشاب الجزائري الذي اكتشف بعد سنوات كان يعتقد فيها أنه ابن مجاهد، بأن أباه الحقيقي مجهول، لأنه كان ثمرة اغتصاب جماعي للجنود الفرنسيين تعرضوا لوالدته وهي شابة في ال 16 سنة من عمرها. كانت قصة هزت فرنسا وكشفت الوجه البشع لفرنسا الاستعمارية.. هذه القصة التي رافقتها المحامية فاطمة الزهراء بن براهم التي كانت أول من اشتغل على هذا الملف منذ 1994. تعود بن براهم في جلستها مع “الفجر” إلى ربط العلاقة بين أهمية الأرشيف وبين إثبات الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في الجزائر، خاصة أنها جرائم دولة لا تتقادم بفعل الزمن طبقا للقوانين الدولية. قالت رئيسة الهيئة الجزائرية لمناهضة الفكر الاستعماري، المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، إن الملف الذي ترافع من أجله والمتعلق بجرائم الاغتصاب التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر إبان حرب التحرير، مازال وسيبقى مفتوحا و لا يستطيع أي كان أن يوقفه مهما كانت الظروف..”إذا كان الاستعمار الفرنسي للجزائر دام 130 سنة فإننا سنربي أبناءنا على 130 سنة أخرى لاسترجاع حقوقنا”، تقول بن براهم. أوضحت بن براهم في حديث ل”الفجر” أن الجرائم الفرنسية في الجزائر وقفا لمعاهدة روما هي جرائم دولة وجرائم ضد الإنسانية لا تتقادم ومن حق “الشعب الجزائري” المطالبة بمحاكمة زعمائها والتعويض للضحايا. وأضافت بن براهم أن الاعتذار الذي تطالب به بعض الأطراف الجزائرية، خاصة الأحزاب السياسية ليس في صالح الجزائر بل في صالح فرنسا، لأن مطلب الإعتذار من شأنه أن يفتح الباب لتهرب فرنسا من تحمل مسؤولياتها التاريخية، خاصة أنها وقعت عام 2000 على معاهدة روما وصارت بذلك ملزمة بها، وبالتالي من “حق الشعب الجزائري أن يطالب بمحاسبة رموز الحرب الفرنسية في الجزائر”. من جهة أخرى، ركزت بن براهم على أهمية الأرشيف الجزائري الذي أخذته فرنسا وأغلقته في وجه الجزائريين، لأن فرنسا سعت لمحو كل ما له علاقة بتاريخ وحضارة الجزائر قبل 1830، مقابل أنها أخذت معها كل الأرشيف الممتد بين 1830 و 1962. وأشارت بن براهم إلى أن الجزائر الرسمية لم تفعل أي شيء حتى تطالب بالأرشيف الجزائري في فرنسا بطريقة رسمية، رغم خطب الرئيس في هذا الشأن. وكل ما تحقق حتى الآن فهو بفضل عمل وجهود المجتمع المدني من المحامين والمؤرخين ورجال القانون والجامعيين الذي استطاعوا بداية من 1999، وهو تاريخ أول مطالبة جزائرية بأرشيفها لدى الفرنسيين، أن يقسموا المجتمع الفرنسي بين مؤيد ومعارض لما حدث في الجزائر طيلة 130 سنة من الاستعمار، بين من اعتبرها جرائم حرب تسيء إلى شرف فرنسا وبين من اعتبرها أوامر صادرة عن الدولة الفرنسية، وأنهم لم يفعلوا أكثر من أنهم أطاعوا أوامر دولتهم. في سياق متصل كشفت بن براهم أنه، بعد الحصة التلفزيونية التي سجلتها مع محمد ڤرن الذي كانت أمه ضحية اغتصاب جماعي من طرف الجنود الفرنسيين، تهاطلت عليها مكالمات واعترافات جنود فرنسيين مارسوا التعذيب تحت مظلة الدولة الفرنسية في الجزائر، كما وصلتها شهادات “ناس كبار” كانت أمهاتهم ضحية اغتصاب الجنود الفرنسيين، موضحة أن الاغتصاب كان سياسة تتبعها فرنسا في الجزائر منذ 1830، وأن الدولة الفرنسية اليوم متخوفة من “جريمة الدولة” التي لا تتقادم ولا تسقط بفعل التاريخ. لهذا تقول بن براهم إنها تعمل رفقة عدد من المحامين الفرنسيين على إيصال رسالة إلى العالم مفادها أن ما ارتكبته فرنسا في الجزائر هي جرائم دولة، ويجب أن تتابع بشأنها طبقا للقانون الدولي. وكشفت بن براهم أن فرنسا متخوفة كثيرا من هذا الجانب لأنها تدرك جيدا أن جرائم الدولة لا تتقادم، ومن حق أي فرد من الشعب الجزائري أن يتابعها دوليا، لهذا تقول بن براهم إن ساركوزي أقدم في 2008 على غلق الأرشيف العسكري وأرشيف التجارب النووية نهائيا. وأضافت المحامية بن براهم أن الأرشيف التي قدمته فرنسا مؤخرا للجزائر ليست له أي قيمة أو أهمية تاريخية لأنه أرشيف يتعلق ب”الشطيح والرديح” ولا يتطرق إلى الأسرار العسكرية والوثائق التي تدين جرائم فرنسا في الجزائر.