لم تعرف اللحوم الهندية منذ انطلاق عملية التسويق أي إقبال من طرف المواطنين حسبما أكده الباعة الموزعين عبر الأسواق والشوارع بوهران، مما يدل على أن هذه الفكرة لم يتعوّد عليها بعد المستهلكين والغريب في الأمر أن المشكل ليس الأسعار بل بالعكس فقد كان ثمن الكيلوغرام الواحد من اللحم الهندي يقدر ب 500 دج وهو سعر معقول مقارنة مع سعر اللحوم المجمدة والطازجة التي تتراوح بين 550 دج إلى 750 دج للكيلوغرام الواحد. ولمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا العزوف المسجل فقد قمنا بإستطلاع خاص حول هذا الموضوع وتوجهنا نحو بعض القصابات وسط المدينة للإستفسار عن سير عملية البيع الخاصة باللحوم الهندية المستوردة وكما توقعنا تماما فقد أكد أغلبية البائعين أنه لا يوجد إقبال من طرف المواطنين لأنهم متخوفين من نوعية هذه اللحوم وتأثيرها على صحتهم بسبب الإشاعات الكاذبة التي أطلقت مؤخرا حول صلاحيتها ومصدرها وأنها غير متوفرة على المعايير الصحية، لكن الأمر غير ذلك تماما فهذه اللحوم حسبما أكده هؤلاء الباعة خاضعة لجميع عمليات المراقبة الضرورية من قبل المصالح البيطرية ومخبر معهد باستور بالجزائر علما أن هذه اللحوم المستوردة قد دخلت الميناء وهي مصحوبة بشهادة صحية رسمية ومعاينة بيطرية مصادق عليها مرفوقة بشهادة التحليل الميكروبيولوجي وغيرها من الشهادات التي تجعلها ذات نوعية جيدة وصالحة للإستهلاك كما أنها محللة مائة بالمائة. وفي ذات السياق فقد رفض باعة آخرون تسويق هذه اللحوم المستوردة وهذا بسبب عدم معرفة مصدرها الحقيقي وكذا لعدم تعوّد المواطن على استهلاكها رغم تأكيد مديرية الصحة ووزارة الفلاحة على صلاحيتها وعلاوة على ذلك فإنه لا يوجد زبائن مهتمين بهذه اللحوم الهندية وكلها عوامل تدفع إلى امتناع هؤلاء الباعة عن تسويقها لأنها في نظرهم ورقة خاسرة ولن تعود عليهم بالربح الوفير عكس اللحوم الأخرى سواء المجمدة أو الطازجة التي تستورد هي الأخرى من نيوزيلاندا والبرازيل. ولأن المستهلك هو الشخص الوحيد المعني بهذه العملية فقد ترتب علينا إلتقاء بعض المواطنين لمعرفة رأيهم حول هذه اللحوم الهندية التي دخلت السوق الجزائرية بأيام قبل رمضان وكما كنا متوقعين فقد رفض هؤلاء شراء هذه اللحوم بحجة أنها مجهولة المصدر والهند بلد متعدد الديانات ومعروف عنه أنه بلد فقير ومناطقه غير نظيفة كما أن الحيوانات به غريبة الشكل وقاتمة اللون ولهذا السبب فهم يرون لحومهم غريبة ولا يمكن الاقتراب منها مهما رخص ثمنها فهم يفضلون شراء اللحوم الأخرى عوض اقتناءها بأرخص الأثمان. وأكدت إحدى السيدات التي وجدناها بإحدى القصابات وهي تشتري لحم الدجاج أنها ترفض فكرة اللحم الهندي تماما لأن به أمراض مختلفة من شأنها أن تسبب سموما ومضاعفات صحية أخرى، كما أن هناك اشاعات حول وجود ديدان السركوسيت السامة بها وذلك ما نفّر العديد من المواطنين وجعلهم يبتعدون عن شراءها في الوقت الذي صرح فيه مواطن آخر أن الأمر يتعلق بطريقة الذبح حيث أن الهنود أغلبهم غير مسلمين وحتى إن كان المتعاملون كذلك فهم لا يتقنون طريقة الذبح الصحيحة التي تتبع شروط الإسلام وبالتالي فإن أكلها حرام. وبين هذا وذاك تأكدنا أن الجزائريين يرفضون فكرة اقتناء اللحوم الهندية خلال رمضان وتخوفهم منها كان واضحا جدا من خلال تصريحاتهم، ومن جهتهم فإن التجار انقسموا بين المؤيدين والرافضين فمنهم من أكد أن عملية استيراد هذه اللحوم لن تتسبب إلا في كساد المنتوج في حين أوضح البعض الآخر أنها مسألة تعوّد فقط وسيضطر المواطن يوما ما لشراءها لأن الاستيراد تم والصفقات أنهيت ولا وقت للرفض أو الانتقاد.