دخلت الحكومة منذ أشهر في سباق من أجل توفير لحوم بأسعار معقولة خلال شهر رمضان المعظم، حيث قررت وزارة الصحة منح 9 تراخيص لمستوردين خواص من أجل جلب لحوم من الهند، أو ما أطلق عليها الجزائريون تسمية "لحوم جانيتو" وبيعها بأسعار ستكون في متناول أغلبية المواطنين. واختارت الوزارة مقاطعتين مسلمتين في الهند لاستيراد اللحوم منها، بعد أن خرجت اللحوم السودانية التي أثير بشأنها جدل كبير من السباق. ولجأت الجزائر إلى الاستيراد لكسر شوكة المضاربين، الذين ينتظرون قدوم مثل هذه المنافسات من أجل الاغتناء على حساب المواطن وميزانية الدولة وأوضحت أن اللحوم الهندية ستخضع لتحاليل جودة جديدة بمجرد وصولها إلى الجزائر، من أجل التأكد من سلامتها، وعدم وجود أي أخطار على صحة المواطن في حالة استهلاكها. وكانت اللحوم المجمدة عندما استوردت لأول مرة لا تشهد إقبالا من طرف المواطنين، الذين كانوا يتخوفون من نوعيتها، بل كانوا يشكون في نوعية الحيوان التي اقتطعت منه، وبعد سنوات أصبح المواطنون يلجؤون إليها بشكل كبير، بسبب أسعارها المنخفضة، والتي ما لبثت أن ارتفعت بفعل الرسوم التي فرضتها الحكومة على استيرادها. كما أن الحكومة سبق أن فكرت منذ حوالي 20 عاما في استيراد أغنام قبيل عيد الأضحى المبارك لخفض الأسعار، ولجأت إلى استراليا من أجل ذلك، وبيعت الشاة الواحدة بحوالي 20 الف دينار، لكن الإقبال عليها كان ضعيفا، لأن الجزائريين استغربوا شكل تلك الأغنام، وراح البعض يقول أنها لا تصلح لأن تكون أضحية. التجار يلهبون جيوب المواطنين 24 ساعة قبل دخول اللحم الهندي إلى الجزائر وحسب الإحصائيات الرسمية فإن الجزائر استوردت أكثر من 2500 طن من اللحوم خلال النصف الأول من العام الحالي، وتشكل لحوم الأبقار المجمدة وبدون عظام النسبة الأكبر بين كمية اللحوم المستوردة، إذ تم استيراد أكثر من 2400 طن خلال الفترة نفسها، وبلغت قيمتها أكثر من 62 مليون دولار، ثم تأتي لحوم الأبقار الطازجة في المركز الثاني ب549 طناً. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة للتحكم في سعر اللحوم الحمراء قبيل شهر رمضان، قفزت أسعار اللحوم البيضاء وخاصة الدجاج من حوالي 160 دينار للكيلوغرام الواحد إلى 220 دينار في الكثير من المدن، علما بأن الكثير من العائلات التي لا تقدر على شراء لحوم الأغنام والأبقار، تلجأ إلى اللحوم البيضاء كحل وسط، وهو ما جعل المضاربين يستغلون الفرصة لرفع الأسعار. هل يكفي التسقيف لكسر شوكة المضاربين ؟ تقع على عاتق وزارة التجارة مهمة صعبة، خاصة وأنها رفعت شعار تسقيف أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية في شهر رمضان، الذي يكثر فيه الطلب على الكثير من المواد الغذائية، في حين يجد الكثير من المواطنين أنفسهم مجبرين على الاستدانة، أو بيع مصوغات زوجاتهم من أجل توفير مصاريف شهر رمضان، خاصة وأنه في هذه المرة يتزامن الشهر الفضيل وعيد الأضحى المبارك مع الدخول المدرسي استيراد اللحوم الهندية كانت في الواقع كان خلاصة لجملة من المفاوضات شرع فيها سنة2001، وقد تمكنت الهند بموجبها من الحصول على ترخيص لتصدير لحومها نحو الجزائر بعد مطابقتها لكافة الشروط الصحية، وتم التأكد من ذلك عقب زيارات ميدانية قامت بها المصالح البيطرية لوزارة الفلاحة . وسيتم استيراد اللحم الهندي من مقاطعتين مسلمتين، وتم منع أربعة تراخيص من ضمن التسعة لاستيراد لحم منزوع العظم ومجمد من الهند، للشركة العمومية لتحويل وتعليب اللحوم "سوتراكوف"، وتقتصر صلاحيات الوزارة على منح الترخيصات، ويبقى الاستيراد الفعلي مسألة تتعلق بالمتعاملين الاقتصاديين أنفسهم، كما أن التصديق على المنتوج ليس محصورا في مدة زمنية، بل يمكن إلغاؤه في حالة تطور الوضع الصحي للبلد المصدر، حسب تأكيد مسؤولو وزارتي الصحة والفلاحة ، في حين يمنح الترخيص لعملية استيراد واحدة فقط، مع تحديد مكان الشحن والتفريغ والأدوات المستخدمة للتأكد من مدى تطابقها مع المعايير، كما تسبق عملية تسويقها عبر الوطن أخذ عينات منها، مع إخضاع اللحوم إلى مراقبة المصالح البيطرية ومصالح قمع الغش للولايات طوال فترة التخزين. ومن جهته طمأن المدير العام للشركة العمومية لتحويل وتعليب اللحوم "سوتراكوف" بشأن نوعية اللحوم الهندية، معلنا بأن شركته التي تعد الوحيدة المختصة في استيراد اللحوم ستستقدم 4 آلاف طن من اللحوم الحمراء من الهند، على أن تصل الدفعة الأولى اليوم. الهندي بعد التخلي عن السوداني فجّر تخلّي السلطات الجزائرية عن استيراد اللحم السوداني لسدّ حاجيات المواطنين من هذه المادة الحيوية خلال رمضان وترخيصها واستبداله بجلب لحم البقر الهندي المجمّد، زوبعة من الاستفهامات وموجة من التشكيك في هدف هذه الخطوة. وبكثير من الغضب والاستياء، استقبل الجزائريون نبأ إعلان وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، عن منح تسع تراخيص لاستيراد لحم البقر منزوع العظم والمجمد من الهند، في عملية هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد ومبعث الضجيج في كل هذا، ناجم عن امتناع السلطات هناك عن الترخيص لموردين جزائريين بجلب اللحم الطازج من دولة السودان، رغم اشتهار اللحم المذكور بجودته وانخفاض سعره، وإقدام دوائر القرار في الجزائر على نحو غير مفهوم بمنح الضوء الأخضر لاستيراد اللحم الهندي المجمّد، رغم غلائه قياساً بنظيره السوداني الطازج، وكذا ما يلف لحوم الأبقار الهندية من نقاط الظلّ تخيف المستهلكين، وجعلت كثيرا من مواطنيهم التجار يهددون مسبقاً بعدم بيعها، هذا وسيجري اللحم الهندياستيراده من مقاطعتين مسلمتين، ومذابحها تستجيب للمقاييس الدولية ومطابقة لكل الشروط الصحية. كما ان استيراد اللحوم الهندية هو محصلة لمفاوضات شرع فيها منذ مدة، بعد ان زار وفداً جزائرياً الهند، وتأكد من احترام كل المقاييس، مفنداً صدقية مزاعم راجت حول نوعية هذه اللحوم كماأنّ اللحوم ستخضع إلى إجراءات دقيقة معمول بها عالمياً، حيث ستتولى الفرق البيطرية التأكّد من تطبيق التدابير اللازمة كافة، قبل السماح بتسويقها محلياً، مثلما ستظلّ تحت مجهر أجهزة الرقابة على مدار مدة تخزينها. وعلى أهبة حلول شهر رمضان، يخشى متابعون لتطورات سوق اللحوم في الجزائر، من المنحنى التصاعدي المخيف الذي سيطبع أسعار اللحوم، مثلما اعتاد السكان المحليون على ذلك كل سنة، بشكل سيحول دون اقتناء عموم موظفي الدخل المحدود لمادة اللحم المطلوبة بكثرة خلال شهر الصيام. اللحم الهندي ليس الحل أكد الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار، أن دخول اللحوم الهندية الطازجة والمجمدة إلى السوق الوطنية لن يؤثر على أسعار اللحوم بصفة عامة، مبرزا أن أسعار اللحوم الطازجة مرشحة للإرتفاع خلال شهر رمضان المعظم، خاصة وأن السياسة التي اتبعتها وزارة الفلاحة لضمان وفرة المنتوج بأقل سعر لم تكن سياسة رشيدة. وكشف ذات المتحدث أن أغلبية التجار المختصين في تسويق بيع اللحوم قد نبهوا الإتحاد إلى أنهم سيرفضون بيع اللحوم الهندية سواء كانت مجمدة أو طازجة، بعد الشكوك التي راودتهم حول طريقة الذبح والنوعية، معربا عن أسفه لإلغاء قرار استيراد اللحوم الطازجة من السودان وهي العملية التي كان بإمكانها أن تضمن لحما ذا نوعية ب500 دينار للكيلوغرام كأقصى حد في السوق خلال شهر رمضان. ارتفاع جنوني لأسعار اللحوم البيضاء عرفت أسعار اللحوم البيضاء في الأيام الأخيرة ارتفاعا جنونيا بعد فترة استقرار، حيث قفزت أسعار هذه الأخيرة من 165 دينارا إلى أكثر من 220 دينارا للكلغ الواحد، وهو سعر مرشح للارتفاع خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الكريم الذي يُعرف بارتفاع الاستهلاك خلاله وهي فرصة مواتية لأصحاب المداجن لزيادة الأرباح وتحصيل أكبر قدر من المداخيل. فقبل أيام من دخول شهر رمضان الكريم، أخذت أسعار مختلف المواد الاستهلاكية منحى تصاعدي، حيث عرفت أسعار الدواجن في الفترة الأخيرة ارتفاعا كبيرا عمّا كانت عليه قبل دخول شهر شعبان الجاري، خصوصا وأن الكثير من المواطنين كانوا يأملون أن تبقى أسعار هذه اللحوم في حالة الاستقرار التي عرفتها لشهور بعد إعلان الحكومة عن الترخيص باستيراد اللحوم الطازجة والمجمدة. ومن جهتهم، يبرر بائعو الدواجن ارتفاع الأسعار إلى الحرارة المرتفعة التي تدفع بالكثير من المربين إلى العزوف عن تربية الدواجن في هذه الفترة بالنظر إلى الأمراض التي تصيب الدواجن وتسبب لهم خسائر كبيرة، فضلا عن تقلص عدد المستثمرين في هذا القطاع من الشباب الذين لم يستطيعوا تحمّل تكاليف الاستثمار نتيجة لارتفاع أغذية الدواجن وارتفاع تكاليف تربية الكتاكيت التي هي معرضة للنفوق خصوصا في هذه الأيام مع ارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية. كما أن مطالبة البنوك لهم بتسديد القروض التي استفادوا منها في إطار برامج تشغيل الشباب، زادت من تعقيد المشكلة على هؤلاء الشباب المستثمرين والذين لا يتوفرون على تجربة كافية في الميدان دراسة تؤكد أن سوق اللحوم الحمراء غارقة في الفوضى كشفت اخر الدراسات حول السوق الجزائرية ، أن سعر لحم الخروف الجزائري في السوق المحلية يعد الأغلى سعرا عالميا، رغم أن إنتاج هذا النوع اللحوم جد مرتفع في الجزائر مقارنة باللحم البقري· حيث أن عدد المواشي ارتفع مقارنة بالسنوات الماضية لتصل إلى 20 مليون رأس من سلالات محلية ذات نوعية جيدة، وأشارت دات الدراسة إلى أن وضعية السوق اللحوم الحمراء بالجزائر تعيش في فوضى، مضيفة في نفس السياق أن على السلطات المعنية تنظيم هذا القطاع، وتطوير البحث العلمي الذي يعتبر غائبا تماما في هذا المجال. وأفادت هده الدراسة أن فرع اللحوم الحمراء في البلاد يتطور في سوق غير منظمة تماما مقارنة بالفروع الأخرى، رغم أن أهمية هذا النشاط في تنمية الإقتصاد· وهو الامر الدي يتطلب وضع استيراتيجية واضحة وفعالة لتنمية الثروة الحيوانية والقضاء على المشاكل التي تعيق تطوير هذا الفرع، مشيرة إلى أن الثروة الحيوانية تقدر ب20 مليون رأس· وأكدت الدراسة أن الجزائر قادرة على تصدير منتوجاتها والتقليص من استيراد اللحوم الحمراء من الدول الأخرى· كما تطرقت الدراسة إلى المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع، والتي تضطر فيها السلطات في كل مرة إلى استيراد اللحوم، خاصة في المناسبات، كشهر رمضان، منها أن السوق الداخلي الحر يهيمن عليه القطاع الخاص، وبالتالي هو المتحكم في سعر اللحم، إضافة إلى عدم احترام المذابح لشروط النظافة واستعمالها للوسائل التقليدية، إضافة إلى عدم التحكم في التكنولوجيات الحديثة، فضلا عن غياب تكوين في هذا المجال، عدم الاعتماد على المعايير المعمول بها، وأخيرا غياب البحث العلمي في هدا المجال.