يشكل شهر رمضان المعظم لدى سكان الأغواط فرصة مواتية لترسيخ علاقات التضامن والتكافل وموعدا لإحياء القديم من العادات واسترجاع عديد التقاليد التي كانت إلى عهد قريب جزءا من حياتهم اليومية قبل أن تعصف بها رياح التحول الاجتماعي. وتمكن الاستعدادات الحثيثة الجارية لاستقبال هذا الضيف الكريم من كسر الروتين القاتل الذي خيم على المنطقة بفعل الحرارة الشديدة. وتحولت اهتمامات السكان من البحث عن الظل والبرودة إلى التهافت على محلات الأعشاب واقتناء ما يلزم لاستقبال هذا الضيف الكريم. ومع رحلة البحث هاته يسترجع الأغواطيون نفحات الأيام الخوالي حيث لا يعلو حديث فوق الحديث عن "التوابل" و "الفريك" و"الكسكسي" وتلهف لمعانقة صلاة التراويح وتلذذ الآذان بسماع كلمة السحور والإمساك وتشوق لجماعات السمر وحكايات الزمن المنقضي ومعها توطيد علاقات المحبة والتواد. ولعل أبرز مظاهر التكافل والتضامن الاجتماعي والتي غدت علامة رمضانية مسجلة بالأغواط هو "الذويقة" أو تبادل الأطباق بين الجيران فضلا عن عادة "الدور" المتمثلة في تناول أبناء الحي أو الدوار الواحد لوجبة الإفطار مجتمعين عند أحدهم على أن يتم ذلك بالتداول. ولا يخلو المشهد الرمضاني أيضا من التزاور بين العائلات بعد الإفطار وخلال السهرة حيث تحضر أطباق "البغرير" الشهية والمكسرات ونسمات الشاي العطرة فيما يفضل الكثير من الرجال الالتفاف حول لعبة "السيق" الشهيرة حيث تتعالى أصوات التشجيع وتحتدم المراهنات والمشاحنات في أجواء تنافسية أخوية مميزة . كما يجري برمضان إحياء عادة الصدقة بالقرآن من خلال دعوة عدد من حفظة كتاب الله إلى البيت العائلي بغية الترتيل وترديد المدائح النبوية وهي العادة التي اقترنت عموما بمراسيم الوفاة لكن سرعان ما تعاود الظهور بعودة الشهر الفضيل. ولا يزال التمسك قائما بعادة اجتماعية دينية أخرى وهي الاحتفال بالأطفال الذين يصومون لأول مرة.فتوضع الحناء على يد كل طفل صغير يستطيع صيام يوم كامل وغالبا ما يكون اليوم الخامس عشر أو السابع والعشرين قصد تشجيعه وتحبيب تأدية هذا الركن من الدين إلى قلبه. وبالموازاة مع ذلك تتواصل حاليا الاستعدادات لإقامة الصلوات وتكثيف العبادات بتهيئة المساجد وتنظيف الفضاءات المحيطة بها وتزويد مناراتها بمصابيح باهية الألوان وطلاء جدران البعض منها بالأبيض والأخضر للدلالة على الخير وصفاء القلوب وابتهاجا بقدوم رمضان. من جهتها سطر مسؤولو دار الثقافة "التخي عبد الله بن كريو" برنامجا متنوعا يغطي ليالي هذا الشهر يضم مدائح دينية وحفلات غنائية وفنية وكذا عرض أفلام ومسرحيات ومعارض للكتب ستتداول على تنشيطها جمعيات محلية من بينها "جمعية "المزهرية" و "البارود الأغواطي" و"الإسراء للإنشاد".