رغم الإعلان عن تكييف برنامج توزيع المياه مع توقيت شهر الصيام، إلا أن وحدة توزيع المياه بمعسكر، عجزت هذا العام أيضا عن ضبط نظام متوازن يعفي الصائمين من مشاق اللهث وراء قطرة ماء وسط حرارة قاربت الأربعين درجة فوق الصفر، إذ تحوّل أحد أكبر أحياء مدينة معسكر كثافة سكانية، وهو »حي 936 مسكن« الى حلبة تسابق بحثا عن مصدر ماء بديل بعد أن جفت حنفيات الألف مسكن المزرعة على عمارات الحي وهذا على مدى أربعة أيام منها الأيام الثلاثة الأولى من رمضان. فبدلا من أن يستفيد سكان الحي بحسب النظام السابق من حصتهم الإعتيادية من الماء خلال أول يوم من رمضان، حدث المحذور وإستمر الانقطاع لليوم الثاني على التوالي بتطبيق النظام الجديد للتوزيع الذي إستفادت منه فئة قليلة جدا من سكان هذا الحي (الأكبر من بعض بلديات الولاية من حيث عدد سكانه) ولم يصل الماء خلال اليوم الأول من رمضان سوى لساكني الطوابق الأرضية من العمارات، لتعيش بقية السكنات بالطوابق العليا يوما ثالثا من الظمإ الإجباري، الذي تسبب في نضوب مخزونات السكان من المياه، وإعلان حالة طوارئ خاصة بالبحث عن الماء لدى معظم سكان الحي. أما البعض فلجؤوا الى الصهاريج المتنقلة لمواجهة هذه الأزمة الطارئة مضطرين الى شراء الصهريج الواحد بأكثر من 700دج بينما تحوّل من يملك منهم عربات الى حمالين لنقل مختلف دلاء المياه بعد ملئها من مصادر مياه بعيدة، كمعين بنت السلطان بأعالي حي بابا علي العتيق أما البقية، فكانت وجهتهم أحد مسجدي الحي الذي تحوّل الى قبلة الباحثين عن الماء بدلا من المصلين وكل ذلك في جو حار جدا ميز ثاني يوم من رمضان، اضطر الكثير من المستقين الى صب جزء من المياه التي جلبوها على أجسامهم للحد من وقع الحرارة عليهم. كل هذا الغبن عاشته مئات العائلات بهذا الحي، ليس لعجز في توزيعها وإيصالها الى المواطنين، كون مصادر تموين عاصمة الولاية والمتمثلة في بئري تيزي ودعدوعة ومحطة تصفية المياه ببوحنيفية كافية لتوفير الماء على مدار ساعات اليوم لسكان المدينة، ولكن الاشكال في تسيير هذه الموارد المائية. وقد حاولنا يوم الخميس الاستفسار عن هذه الأزمة لدى إدارة وحدة الجزائرية لتوزيع المياه بمعسكر، غير أنه قيل لنا بسكريتيرية المديرية، أن مسؤولا »خرج« وأن آخر موجود في مهمة، ونحن نعرف مسبقا، أن أكثر ما يمكن ان يقدمه المسؤولان، هو »تبرير« ما لم يعد قابلا للتبرير، بعد ان رصد الخماسي السابق أكثر من 1200 مليار سنتيم، تم توظيفها كلها لتطوير قطاع الري تجهيزا وتعبئة للموارد المائية وإنجاز لشبكات نقل وتوزيع الماء بولاية معسكر. علما أن الخماسي الثاني رصد لذات القطاع قرابة 2335 مليار سنتيم أخرى، أصبح من حق سكان الولاية أن يخشوا بعد صرفها إستمرار عطشهم بعد 2014 كما استمر بعد 2009 في ظل سوء تسيير الموارد المائية المتوفرة.