تميز الإحتفال بشهر التراث هذه السنة، بميلاد تظاهرة ثقافية جديدة تتمثل في المهرجان الوطني الأول لإبداعات المرأة، الذي اشرفت خليدة تومي وزيرة الثقافة على إفتتاح فعالياته أول أمس الأول بقصر رياس البحر بالجزائر العاصمة، بحضور كل من سعاد بن جاب اللّه الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبحث العلمي وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد ببلادنا وأسماء ثقافية وفنية معروفة، ممن سجلوا حضورهم بالخيمة التقليدية المنتصبة بفناء الحصن 23. أشارت وزيرة الثقافة في معرض الكلمة التي ألقتها بمناسبة إفتتاح هذه التظاهرة المنظمة تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، إلى أهمية هذا المهرجان الذي إستحدث ليضاف إلى قائمة المهرجانات الوطنية والدولية، التي تم ترسيمها والبالغ عددها 119 مهرجان ثقافي، وهو عدد كبير يعكس مدي حرص الدولة على الإستثمار في الثقافة والإنسان على حد سواء، من أجل تحقيق تنمية مستدامة وحراك ثقافي فعال، وترسيخ حضور المرأة في كل المشاهد لاسيما الثقافية بإعتبارها الشريك الأساسي في حفظ وحماية التراث. كرست الدورة الأولى من المهرجان لفن النسيج، الذي أثبتت حرائر الجزائر جدارتهن فيه منذ القدم، نظرا لإرتباطهن الوطيد بتراتهن وأصالتهن الضاربة جذورها في أعماق التاريخ الممتد إلى مئات السنين، ولم يفرطن فيه رغم التطورات الحاصلة وإشتداد سرعة العصر، إذ كان ولايزال مصدر عزهن وإفتخارهن، وهو ما جعل كل واحدة تسعى إلى حمايته وصونه من الإندثار، عن طريق تناقله عبر الأجيال لضمان بقاء حرفة الجدات، ممن حاكت أيديهن العجب وتفننت أناملهن في صناعة أجمل اللوحات التشكيلية الصوفية، المرصعة بأشكال ورموز وألوان تعكس خصوصية كل منطقة على حدة، وهو ما جاء في كلمة حميدة أقسوس محافظة المهرجان التي أكدت من خلالها على أهمية فن النسيج الذي كان ولايزال، إحدى وسائل التعبير الفني لدى المرأة للتواصل مع الآخرين. تشارك في المهرجان أزيد من 18 حرفية، يمثلن مناطق مختلفة من الوطن، على غرار العاصمة وتيزي وزو، وتيبازة والمنيعة وغرداية وتيميمون والأغواط والمسيلة وتڤرت، حيث عرضن الزرابي والأفرشة والألبسة التقليدية، لاسيما البرنوس والجلابة وأيضا لوحات فنية انجزت من الصوف، وفي هذا السياق تم تخصيص فضاء القصر 18 لعرض مختلف الأدوات والتقنيات المستعملة في النسيج، وكذا مختلف الكتب والمراجع والأبحاث ذات الصلة بفن النسيج في حين ضم القصر 23 عدة قطع منسوجة من قبل الحرفيات المشاركات للتعريف بأعمالهن، أما القصر 17 فقد إحتضن معرض من التقليد إلى الحداثة، يضم ابداعات نسيجية لمصممات وفنانات بلمسات عصرية، وخصص وسط الدار لإقامة ورشات لتعليم فن النسيج من قبل أهل الصنعة.. من جهة أخرى تميز افتتاح المهرجان أيضا بحفل فني، أحيته الفنانة بهجة رحال بفضاء فضيلة دزيرية بالمعهد الوطني العالي للموسيقي، أمتعت من خلاله الحضور وكل التواقيت للفن الأصيل بوصلات غنائية جميلة مستمدة من نوبات الطرب الأندلسي، ليكتمل بذلك مشهد التراث بكل أبعاده وأطيافه من خلال هذه التظاهرة التي ستشهد أيضا تقديم محاضرات حول فن النسيج وحفلات فنية، وعروض مسرحية إلى غاية الثامن عشر من الشهر الجاري.