ترقية النظم الشعبي ليصبح تراثا غير مادي عالمي في اليوم الثاني من المهرجان الخاص بالشعر الملحون المنظم بولاية مستغانم، قدم الأستاذ أحمد أمين دلاي باحث في "الكراسك" بجامعة وهران محاضرة تحت عنوان "مؤامرة يهود خيبر وفق قصيدة سيدي لخضر بن خلوف" ، في بداية حديثه لم يخف المحاضر أن قصائد سيدي لخضر بن خلوف تجاوزت إقليم الجزائر، وبلغ مداها وصداها كل بقاع المغرب العربي الكبير، وأن قصيدة المؤامرة التي يبرز الشاعر من خلالها جل المحاولات اليهودية اليائسة التي كانت ترمي إلى قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يظهر هذا الدين الجديد تندرج ضمن ما يعرف بالإسرائيليات، مذكرا في نفس السياق أن عددا كبيرا من الشعراء كان لهم باع في هذا المجال (الإسرائيليات)، على غرار الشاعر سيدي مبارك بولطباق صاحب "قصة بنو إسرائيل"، مصطفى بوطوشا الذي كتب قصيدة مناهضة لليهود في قسنطينة بعد حصول 35000 ألف يهودي وفي دفعة واحدة على الجنسية الفرنسية بفضل مرسوم " كريميو " الصادر في 1870 بالجزائر، وكذا قدور بن عاشور الزرهوني من خلال" قصة أولاد بوحمصة " التي يسخر فيها من اليهود، ثم الشيخ بوعلام المغازي "غزوة خيبر" ، أما الشعراء المغاربة فكانت أغلبية قصائدهم عن اليهود تحوم حول القضايا الاقتصادية والتجارية...، ثم واصل قائلا أن علاقة الجزائريين مع اليهود كانت تشوبها دوما مواقف الحذر والحيطة جراء غدرهم ومكرهم المستمر، هذا التخوف من اليهود استمر في الزمان إلى اليوم، وما موقف الجزائر إلى جانب الشعب الغزاوي يقول لدليل قاطع على معاداتهم اليهود، عن قصيدة " مؤامرة يهود خيبر على النبي محمد صلى الله عليه وسلم " يرى الباحث أن سيدي لخضر بن خلوف قسّمها إلى قسمين، القسم الأول أبرز فيه الكيفية التي تمادى اليهود في الكفر وتحديهم الله عز وجل والأنبياء إلى أن خسف بهم الله الأرض وجعلهم قردة، أما الجزء الثاني من القصيدة فيتحدث الشاعر عن الكيفية التي علموا بها مجيء النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبداية التآمر عليه ومحاولة قتله، قصيدة المؤامرة استعمل فيها الشاعر الكثير من المصطلحات العبرية على غرار" القليعدان " بمعنى جنة عدن ، " القضبية " بمعنى العملة المالية، " البريطة " القبعة، " بني القيع " بنو قينقاع ، " الشاماي" اسم يطلق على علماء اليهود، " الملاخيم " وهم الملائكة، فمن خلالها يقول الأستاذ دلاي يتضح أن سيدي لخضر بن خلوف اقترب من اليهود الذين كانوا يقطنون بمدينة مستغانم أو كان يجالسهم في مجالس المناظرة ما سمح له الاختلاط بهم والتعرف على كل هذه المصطلحات غيرها، في سياق حديثه وعن هذه النقطة بالذات قال الباحث دلاي يجب تعلم اللغة العبرية والبحث عن تاريخ اليهود في الجزائر لمعرفة طبيعتهم وحقيقتهم كونهم أعداؤنا الطبيعيين ما يمكننا مواجهتهم عند الضرورة، قصيدة المؤامرة اليهودية تبدأ إذا عندما اصطاد اليهود في البحر كتابا مكتوب باللغة السريالية وعند قراءتهم له اكتشفوا أن نبيا اسمه أحمد هو على وشك الظهور وسوف يطمس دين نبيهم موسى، فسارعوا في جمع كل الأحبار والكهنة اليهود أينما كانوا لوضع حد لذلك وإن أمكنهم قتل النبي في المهد، وعندما شق الملائكة صدر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، رأى أحد اليهود الحادثة وراح يبشر كبار اليهود باغتيال الرسول، أما حليمة السعدية التي كانت ترضعه وخوفا من وقوع مكروه للرسول ردته إلى أهله في قريش، بعدما ما تجاوز الرسول الكريم محمد المؤامرات اليهودية اهتم بالقريشيين الذين رفضوا اتباع دين الإسلام واتهموه بالسحر، هذا القصيدة الرائعة تحدث عن خطواتها سيدي لخضر بن خلوف إلى غاية أن أتمها بالمدح على النبي محمد، في الأخير نبه قائلا " يا الله ما تخلينا شفايا لليهود "، احتار الأستاد دلاي و لم يفهم إن كان الشاعر يقصد وقوع هذا في الدنيا أم في الآخرة، خلال المناقشة التي جرت وسط قاعة مكتظة عن آخرها، طلب الحضور من الباحثين والأساتذة استحداث لجنة مغلقة تختص فقط في جمع، تصحيح وطبع كل قصائد سيدي لخضر بن خلوف، وكذا إظهار كل الشعر الملحون الجزائري، هذا الشعر ( الملحون ) الذي يعد آثار غير مادي حان الوقت يقولون لتقديمه إلى منظمة اليونيسكو ليرقى إلى مصف الآثار غير المادي العالمي .