يراهن المهرجان الوطني للشعر الملحون سيدي لخضر بن خلوف، على إعادة الاعتبار للشخصية العلمية والدينية والأدبية والصوفية لمؤسس هذا النوع الأدبي في القرن ال16م، والقضاء على الخرافات التي ورثها السكان المحليون لمدينة مستغانم من الاحتلال الفرنسي بشأن أستاذ الأساتذة وشيخ الشيوخ سيدي لخضر بن خلوف، إذ أذعنت في تحريف الكثير من التقاليد والقيم الاجتماعية الصحيحة، وذلك حسبما أكده السيد عبد القادر بن دعماش محافظ المهرجان ورئيس المجلس الوطني للآداب والفنون، أمس، بالجزائر العاصمة. كشف عبد القادر بن دعماش عن البرنامج الذي سيرافق الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الوطني الأول للشعر الملحون، المرتقب تنظيمها من 20 إلى 26 أوت الجاري بمدينة مستغانم، وقد اغتنم الفرصة للتأكيد على جزائرية الشاعر سيدي لخضر بن خلوف. وقال إن المهرجان يسعى بكل ثقله لتكريس هذا المسعى، خاصة أن أصواتا أخرى تدّعي أن الشاعر ينحدر من غير مستغانم والجزائر، في إشارة منه إلى المغاربة، منبها في السياق إلى أن شهرة بن خلوف عرفت رواجا كبيرا على المستوى العربي، وذلك منذ أربعة قرون إلى غاية الوقت الحالي، ولاسيما في مدح النبي الكريم محمد رسول الله. وأسهب بن دعماش في الحديث عن شخصية الرجل المتفردة في جوانب عديدة، وأوضح أن السبب الرئيس في اختيار شخصية بن خلوف في الشعر الملحون، كونه المؤسس الحقيقي لهذا النوع الأدبي في القرن ال16م، إذ اختار هذا المنهج في توصيل رسالته بطريقة شعبية مبسطة؛ بالنظر إلى ظروف الانحطاط في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية أيام الدولة الزيانية رغم أنه عالم جليل في شرح الدين والشؤون الإسلامية، ليعود المتحدث ويكشف عن البرنامج العام للتظاهرة التي تتميز بالتنوع والثراء في الوقت نفسه، حيث ستحتضن دار الثقافة “ولد عبد الرحمن كاكي” ابتداء من الأربعاء 21 أوت، فعاليات الملتقى الوطني للشعر الملحون “سيدي لخضر بن خلوف”، حول المحاور الآتية: “مكيدة يهود خيبر حسب سيدي لخضر بن خلوف” للأستاذ أحمد أمين دلاي، و«الاصطلاح الصوفي عند سيدي لخضر بن خلوف” للأستاذ حمو عبد الكريم. كما سيتم أيضا في هذا الملتقى تقديم محاور أخرى، على غرار “سيدي لخضر بن خلوف بين الفصحى والعامية” للأستاذ محمد توزوت، و«قراءة حول العدد الأول من مجلة الموروث الخاصة بتحليل الخطاب الشعري لدى سيدي لخضر بن خلوف” للدكتور الجيلالي بنيشو، كما سيقدم الأستاذ خالد ياسين شهلال، محاضرة بعنوان “نقاط القوة للبنية الشعرية عند سيدي لخضر بن خلوف”. أما الأستاذ محمد حمايدية فسيقدم مداخلة بعنوان “القياس الشعري عند سيدي لخضر بن خلوف”، في حين تُقدَّم محاضرة “نسبة الصوفية في أدب سيدي لخضر بن خلوف” من طرف الأستاذ الشيخ الحبيب بن يعقوب. من جانب آخر، تم برمجة العديد من السهرات الفنية من نوع الشعبي يحييها ثلة من الأسماء المعروفة أمثال كمال بورديب، الذي تخصص في غناء أشعار بن خلوف في مدح الرسول، وعبد المجيد مسكود وعبد الرحمان القبي ومعزوز بوعجاج، بالإضافة إلى فرق أندلسية وبدوية ستؤدي قصائد وأشعار بن خلوف. وبُرمجت يوم الخميس 22 أوت زيارة صوفية تنطلق من مستغانم إلى غاية تلمسان بعنوان “على خطى سيدي لخضر بن خلوف، تلمسان سيدي بومدين الغوث”، وهي رمز للرحلة التي قادت سيدي لخضر بن خلوف من مسقط رأسه بأولاد خلوف بمستغانم، مرورا بمزغران إلى تلمسان من أجل زيارة ضريح أبيه الروحي سيدي بومدين الغوث، حيث سيتم خلال هذه الرحلة قراءة قصيدة “الأمانة”، بعد توزيع نسخة منها على كل المشاركين، إذ احتوت على كل ظروف ومجريات هذه السفرية، بالإضافة إلى لقائه الروحي مع القطب الذي تسلّم منه رمزيا، الإجازة الصوفية (الأمانة) التي طالما كان يتوق إليها. وقال بن دعماش إنه بصدد إصدار كتاب شامل عن حياة بن خلوف وقصائده التي بلغ عددها 170 قصيدة، مشيرا إلى أنه في البداية تم جمع 30 قصيدة سنة 1958، وفي 2008 تم جمع حوالي 80 قصيدة.