استمتع ضيوف المهرجان الثقافي الوطني لأدب وسينما المرأة بولاية سعيدة أول أمس بالعرض العام لمسرحية "تيدرناتين" للمخرج عبد الله بهلول والكاتب محمد مصطفاي، حيث نجح المبدعان في تقديم نص معبر يحمل في لبّه الكثير من رسائل الإخلاص لشهداء مدينة سعيدة، و ينطوي على الكثير من المفاهيم والدلالات الثورية التي أماطت اللثام عن بطولات و نضالات مجاهدي المنطقة الذين بذلوا النفس والنفيس من أجل تحرير البلاد وطرد الاستدمار الفرنسي الغاشم، وفي أجواء مؤثرة تابع الجمهور باهتمام كبير أحداث العرض التي تبلورت جلّها حول شهيد المقصلة "أحمد زبانة" والمجاهدة الجزائرية الكبيرة "روبا" من خلال أسلوب روائي مشوّق سردته المختصة في الآثار "ضاوية" التي راحت تحكي عن "الجمجمة" التي تسلمتها بالمخبر عن كفاح الجزائريين في تلك الفترة الاستدمارية الشنيعة . " وما شد انتباه الحضور في هذا العرض المسرحي هو أداء الممثلين الذي كان دراميا لأبعد الحدود، ويتعلق الأمر بكل " مغربي نبيل" ، "مباركي فتحي" ، "بلحيا إيمان" ، "خيرة عواد" و "بلقاسم برزوق" حيث استطاع هؤلاء إقناع المتفرجين بالشخصيات التي جسّدوها على الخشبة، سواء من خلال الحركات التعبيرية أو الرقصات الفنية التي صممت بطريقة مؤثرة ومنسجمة مع الموسيقى التي صممها "علي بن ملياني" و آداها كل من "علاء الدين قروج" و "عيسى كركب" و"عبد الرحمان" ، دون أن ننسى طبعا الديكور الذي ساعد في بناء اللعبة المسرحية وجعلها تبدو في بيئة ثورية كتلك التي عاشها المجاهدون في فترة الاحتلال الفرنسي الغاشم، مع اعتماد المخرج على ساحتين للعرض الأولى تقدم مشاهد الحاضر والثانية تحكي التاريخ والماضي وذلك باستعمال خلفية ضوئية وحاجز من القماش الأبيض الشفاف، الأمر الذي اعتبره الكثير من الحاضرين على أنه لمسة فنية حديثة تنبض بحس جمالي معبر خارج عن الروتين. وفي ذات الصدد أكد مخرج العمل عبد الله بهلول في تصريح خاص ل"الجمهورية" أن المسرحية التي عرضت لأول مرة على ركح المسرح الجهوي سيراط بومدين بسعيدة هو ثمرة دراسة العديد من المدارس المسرحية، مضيفا أن النص الذي يروي نبذة عن تاريخ ولاية سعيدة وشهداء المنطقة في بداية الأمر لم يكن مكتوبا بهذه الطريقة، ولم يكن بهذا التسلسل، حيث أنه تعاون مع كاتب النص ومساعده محمد مصطفاي من أجل إدخال شخصيات أخرى، و إضافة الكثير من التغييرات في اللوحات الفنية التعبيرية، في محاولة منهما لتجميل العرض المسرحي الذي استقطب عددا غفيرا من الجماهير السعيدية وهو ما ساهم في نجاحه بكل تأكيد - على حد تعبيره - ، كما أشار أيضا إلى أن المسرح الجهوي لمدينة سعيدة الذي يشجع المواهب بالدرجة الأولى قدم مؤخرا العديد من الإنتاجات الناجحة على غرار مسرحية "نوفمبر" ونصوص أخرى سواء كانت محلية أو مقتبسة من نصوص عالمية، ليضاف هذا المولود المسرحي الجديد إلى أجندته لعام 2014 .