لا حديث اليوم إلاّ عن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية حيث أثّر الظرف الحالي على ميزانيات الكثير من الدول التي تعتمد في تحريك اقتصادها على هذه الثروة الطبيعية و بشكل كبير و منها الجزائر و نزول سعر البرميل إلى أقل من 60 دولار قبل أسابيع أثار قلقا كبيرا على المستوى الدولي حيث عبّرت العديد من الدول بمنظّمة الأوبيك عن تخوفها من استمرار هبوط الأسعار في البورصات العالمية و خاصة تلك التي لا تملك هامش مناورة لتفادي صدمات في اقتصادها بسبب ارتفاع حجم نفقاتها و إلى غاية نهار أمس بقي سعر برميل النفط في معدّل 60 دولار لكن مع كل يوم يمرّ تخسر جل الدول المنتجة في إطار المنظمة الملايين من الدولارات لكن و رغم ذلك قرّرت هذه الأخيرة الإبقاء على سقف إنتاجها خلال اجتماعها الأخير و هو القرار الذي اعترضت عليه بعض الدول التي لا يمكنها التحكم في اقتصادها خارج مداخيل المحروقات لكن في المقابل اعتبرته دولا أخرى بمنطقة الخليج قرارا صائبا للحفاظ على حصّتها في الأسواق العالمية و في مقدّمة هذه الدول المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة أمّا اجتماع المنظمة المقبل لدراسة تطورات السّوق لن يعقد قبل شهر فيفري القادم و موقف بعض دول الخليج جاء من منطلق أنها تمتلك عائدات أخرى خارج المحروقات و اقتصادها يمكنه أن يصمد في وجه صدمات كهذه لأنها قادرة على تعويض الخسارة من عائدات النفط من موارد أخرى فالعربية السعودية مثلا أعلنت في الأيام الماضية بأنها لن تخفّض الانتاج و هي قادرة على تحمّل تبعات انهيار الأسعار حتى و إن وصلت إلى 40 دولار للبرميل و نفس الشيء بالنسبة لدول أخرى بالخليج العربي . وقرار كهذا سيؤثّر لا محالة على السوق لأنه صادر عن دول تمتلك أكبر احتياطي نفط في العالم و أكبر حصّة إنتاج و هي قادرة على التأثير في الأسعار و حسب بعض المتتبعين للوضع الاقتصادي العالمي و الخبراء في مجال الطاقة فإن رفض بعض دول الخليج خفض الإنتاج ليس هو السبب الرئيسي بل هناك مؤثّرات أخرى هي التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة و أهمّها فائض إنتاج النفط خارج منظّمة الأوبيك فحوالي 6 ملايين برميل تنتج يوميا خارج نطاق المنظّمة الأمر الذي أحدث خللا في ميزان العرض و الطلب ، و ما قرار دول الخليج بالحفاظ على سقف الإنتاج سوى ردّ فعل للحفاظ على مصالحها و مكانتها في السوق . كما يرى الخبراء أيضا بأن ما يحدث خارج إطار المنظمة تتحكم فيه المضاربة و لن يدوم طويلا ، لأنه مهما واصلت دول أخرى في الإنتاج فمخزونها آيل للنضوب و لا يمكنها منافسة أكبر احتياطي عالمي و هو الذي توفّره دول الأوبك لذلك فإن السعر مرشح للارتفاع مستقبلا بشكل أكبر وغير مسبوق فالنفط ثروة آيلة للزوال و دول المنظمة هي المتحكم الوحيد فيه لكن متى سيحدث ذلك هو ما لا يمكن تكهّنه، كما أن منتجي النفط الصخري لا يخدمهم هذا الوضع لأن تكاليفه تبقى مرتفعة و تناهز 80 دولار للبرميل وفي هذا الشأن قال أمين عام منظمة أوبك إن التراجع الحالي في سعر النفط لا يتوافق مع العرض والطلب، فالعرض يزيد عن الطلب بنسبة بسيطة، بينما تراجعت الأسعار نحو 50 بالمائة.