غالبا ما يُفسر الغزو المقنّع لأفريقيا بالمبادرة الواعدة من أجل مساعدة القارة في مؤشر يرجعه العارفون بالسياسة إلى الثروات الطبيعية الهامة التي تتوفر عليها و التي غالبا ما تخرج منها عبر موانئها مادة خاما و تعود إليها مصنّعة بأثمان باهظة جدا تدفع عنها الدول الافريقية إتاوات إن القارة السمراء تملك موارد طبيعية هائلة في مجالات المياه والزراعة والطاقة والتعدين لم يستغل معظمها بعد ، خلافا للوضع في باقي قارات العالم التي تكاد تكون استنزفت معظم مواردها ، وهو ما يؤهل أفريقيا رغم العقبات الراهنة لأن تصبح " سلة غذاء العالم"ولأن تقود قاطرة الاقتصاد العالمي في مستقبل غير بعيد بحسب توقعات وتحليلات خبراء دوليين. إنّ سلة غذاء العالم كما يطلق على القارة الأفريقية تضم 60 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة بعد في العالم ويكفي استغلال 80 مليون هكتار من هذه الأراضي في جمهورية الكونغو الديمقراطية لوحدها لإطعام ملياري شخص حول العالم بدل أن يعاني الأفارقة الجوع المميت (أي ما يعادل سكان قارات أفريقيا وأوروبا و وأستراليا) وبحلول عام 2030 يمكن لقطاع الزراعة والصناعات الغذائية في أفريقيا إنشاء سوق بقيمة 1000 مليار دولار ، في حال استغلال أقوى لهذه الموارد المائية في الزراعة ، وذلك بحسب تقرير صدر حديثا للبنك الدولي بعنوان : "نمو أفريقيا، إمكانات قطاع الصناعات ألغذائية . وحتى اليوم ، لا تستغل من الأراضي الزراعية في أفريقيا حسب "العرب"سوى 2 بالمائة من الموارد المائية المتجددة للفارة فهذه الموارد المائية الضخمة وما تتيحه من إمكانيات زراعية هائلة تنعكس في التنافس المحتدم حاليا على استزراع مساحات شاسعة من الأراضي الأفريقية الخصبة بين الدول الآسيوية ذات الإمكانات السكانية الضخمة ودول الخليج العربية الثرية ذات المناخ الصحراوي. وفي هذا السياق ، استثمرت الصين حتى الآن في استزراع حوالي 1.5 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في الكاميرون وموزنبيق وأوغندا وتنزانيا ، الحال نفسه بالنسبة للهند واليابان اللذين يستثمران على التوالي مليون و 600 ألف هكتار و 900 ألف هكتار في أفريقيا. ومن بين أهم 11 بلدا في العالم يستهدفها هذا النوع من المستثمرين ، توجد سبعة بلدان أفريقية ، هي السودان وأثيوبيا وموزنبيق وتنزانيا ومدغشقر وزامبيا والكونغو الديمقراطية . وعلاوة على حصولها على لقب "سلة غذاء العالم " تعرف القارة الأفريقية تاريخيا باسم "خزان العالم " من الثروات التعدينية في باطن الأرض ، حيث تملك حوالي ثلث احتياطي الثروات المنجمية في العالم. وتستحوذ القارة الأفريقية على 89 بالمائة من البلاتين في العالم ، و81 بالمائة من الكروم و 61 بالمائة من المغنيسيوم و60 بالمائة من ألكوبالت وفقا لأرقام نشرتها مجلة أفريك إكسبانسيون التي تصدر من باريس وتتوفر أفريقيا على ما يقارب خمس احتياطي العالم من الماس والذهب واليورانيوم. أما بخصوص اليورانيوم، فقد أعاد ارتفاع أسعار النفط من مدة وزيادة نسبة التلوث في العالم وما يرافقها من ضغوط متزايدة للناشطين في المجال البيئي إحياء النقاش حول تقليل الاعتماد على المواد الهيدروكربونية (النفط) لتوليد الطاقة، واستبدالها على وجه أخص باليورانيوم الذي يدخل في توليد الطاقة النووية ، وتحتل 3 دول أفريقية : النيجر وأفريقيا الوسطى وناميبيا صدارة قائمة الدول المنتجة لهذه المادة في العالم. ورغم أن الواقع الحالي يشير إلى أنه تم تسجيل ركود في بعض أنشطة استخراج المعادن في عدة دول أفريقية بسبب الافتقار إلى المستثمرين على خلفية الركود الاقتصادي العالمي ، إلا أن الخبراء المتفائلين بمستقبل أفريقيا يرون أن ارتفاع أسعار المعادن الثمينة في السوق العالمية سيدفع حتما في الأعوام المقبلة بالمستثمرين نحو الباطن الأفريقي الذي لم يكشف عن كل أسراره بعد. وكان أحد هؤلاء الخبراء ، وهو باتريك ندونجيدي الصحفي المتخصص في الشؤون الإفريقية من يرجح هذا التوقع قائلا : في حين يعاني حاليا السواد الأعظم من بلدان العالم من الركود بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية تتوفر أفريقيا على اقتصاد أفضل نسبيا حيث توقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي في أفريقيا 6.5 بالمائة في 2014 بعد أن شهدت القارة إجمالا في عام 2013 تقدما في الاستثمارات الأجنبية المباشرة. على مستوى آخر وفي ظل وجود مليار نسمة بأفريقيا ، وطبقة وسطى آخذة في التزايد ، يمثل الاستهلاك في القارة السمراء رافدا آخر من روافد النمو المتوقع على المدى القريب في القارة. وتقول دراسة أجرتها مؤخرا شركة "ماكينزي" العالمية للدراسات الاقتصادية إن الطبقة الوسطى في أفريقيا تمثل حاليا أكثر من 300 مليون نسمة فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أنه مع حلول عام 2015 سيتجاوز متوسط الناتج المحلي الخام للفرد في القارة 2000 دولار سنويا . و يقول العديد من المحللين أنّ السبب الرئيسي في عدم استفادة القارة من مواردها واستثماراتها هو تفاقم عدم المساواة وزيادة تعزيز الاقتصاد بشكل سيء مما سبب خللا هيكليا في معظم اقتصادات القارة ، فالتفاوت بين معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي المستدام في دول إفريقيا القابعة في التخلف والفقر المدقع وعدم المساواة يجلب إلى الواجهة قضايا شمولية وتتجه القارة الآن لتحول طال انتظاره من خلال التركيز على الاستفادة المثلى من الموارد المحلية ، وبالمثل فإن استخدام الموارد الإفريقية لصالح جميع الأفارقة سيكون من أبرز الحلول لإعادة هيكلة القارة التي وصلت لما وصلت إليه بعد أن تجاوزت فترة الاستعمار وتحررت ، فدخلت في مرحلة استعمار آخر ولكنه استعمار اقتصادي عمل على تدفق المال داخل القارة ، من خلال استغلال نقاط الضعف في عقود ألاستثمار والثغرات في أنظمة التقييم والتسعير والضرائب ، والشركات الأجنبية التي استخدمت طرقا ملتوية لتقليل الضرائب المفروضة بصورة غير مشروعة تحرم البلدان الفقيرة من الإيرادات العامة اللازمة بشكل كبير ، والتي يمكن تعبئتها واستثمارها لمحاربة الفقر وتشييد البنية التحتية ، وتحسين سبل المعيشة والتنمية المالية. وعلى سبيل المثال ، أظهرت دراسة حديثة أن تجارة الماس في جنوب إفريقيا تشير إلى أن الإيرادات التي تستحقها الدولة من تلك التجارة يرثى لها، حيث في عام 2012 جلبت مبيعات الماس في جنوب إفريقيا حوالي 1،2 مليار دولار ، لم تجمع الحكومة ضرائب منها سوى 11 مليون دولار فقط. و يعتبر الحل الأول الذي لابد أن تضعه القارة في الاعتبار لكي تخرج من الفقر وتستفيد من مواردها الغنية هو تعبئة الموارد المحلية لتحقيق التنمية الشاملة. منجم اليورانيوم في النيجر