أجمعت نخبة من الأدباء الجزائريين على أن الشعر في بلادنا بخير وعافية، ويتمتع بصحة جيّدة! بل هو في أحسن أحواله، وحالاته، ويزداد نظارة وتألقا يوما بعد يوم ، من خلال بروز مواهب شابة، تتمتع بعاطفة جياشة وتتميز بملكة الكتابة والنضم.. فإن كنا قد سلمنا بهذه الآراء التي تثلج الصدور، والمتفق عليها منذ البداية، إلا أن الواقع يطرح إشكاليات وتناقضات ومفارقات أخرى، قد يصعب فهمها واستوعابها أو حتى هضمها، إذا ما علمنا أن دور النشر عزفت عن إصدار دواوين الشعر، لإنعدام المقروئية، وغياب الأمسيات والمنتديات واللقاءات الفكرية والأدبية على مدار السنة، ثم أن هناك ظاهرة أخرى تستوقف الكثير من المتتبعين للمشهد الأدبي والشعري ببلادنا وتتمثل أساسا في هجرة الشاعرات إلى الرواية! حقا هناك مواهب كثيرة خطفت الأنظار والأضواء أمتعت الآذان وحظيت بإعجاب الجمهور في مناسبات وتظاهرات عدة على الصعيد الوطني وحتى الدولي، لكنها تبقى تائهة في بحر الشعر، تنتظر من يأخذ بيدها، ليرشدها إلى الطريق الصحيح، وكلها طاقات كفيلة يبعث نهضة أدبية حقيقية، ودفع قوي لتحريك المشهد الشعري ومشاعر المتلقي، وبالتالي المساهمة في خلق حراك ثقافي بنفس جديد ذا قيمة أدبية وفكرية وفنية، وما أحوجنا إليها.. ولولا عكاظية الجزائر ومهرجان الشعر بقسنطينة، لما تلملم شتان الشعراء والشاعرات عبر قطر الوطن، فكلاهما منح الفرصة للمواهب الشابة للبروز وسعيد الحظ من تمكن من الظفر بدعوة المشاركة فيها، عله يكشف عن موهبته ويفجر طاقته الكامنة ، بعدما ضاقت بها السبل وأوصدت في وجهها الأبواب. وما يحز في نفوس الكثيرين ألما ووجعا هو وجود مواهب مبدعة وشعراء حقيقيين وما أكثرهم! لم يكتب لهم الظهور والخروج إلى النور، وعالم الشهرة في حين نجد الكثير من المتطفلين على الشعر والفاقدين للموهبة وحتى للغة وتلك كارثة كبرى ، يستحوذون على الواجهة والمنابر الشعرية في كل الأماكن والأزمنة بحثا عن الشهرة ليس إلا وهو ما جعل الشعر يفقد بريقه وقيمته الأدبية، بل وحتى مصداقيته ومكانته بيننا، وأصبح الكل ينفر من هذا الجنس الأدبي...