نظم قسم أنتروبولوجيا التربية وأنظمة التكوين بمركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران أمس يوما دراسيا حول " العنف في الوسط المدرسي " يهدف إلى طرح الإشكاليات المصاغة من طرف فرق البحث وتقديم دراسات تبرز انتشار العنف المصغر في المدارس الجزائرية وقراءات سوسيولوجية أولية لعدد من الاتجاهات النظرية المفسرة لهذه الظاهرة الاجتماعية التي تحتاج إلى بحوث أكاديمية معمقة وجادة من أجل تعريفها و الوقوف على أسبابها ومظاهرها، وكذا معرفة أبعادها وتداعياتها و الأهم من ذلك القضاء عليها . وفي هذا الصدد عرف اليوم الدراسي جملة من المداخلات القيمة قدمها أساتذة وباحثون مختصون في علم النفس وعلم الاجتماع ، على غرار كل من الأستاذ " ناصر ميزاب " و" صرداوي نزيم " اللذان قدما من ولاية تيزي وزو لتقييم هذه الظاهرة التي أسالت الكثير من الحبر في الآونة الأخيرة ببلادنا ، حيث عرضا في مداخلتهما المعنونة ب " مؤشرات العنف في الوسط المدرسي " دراسة مسحية لعينة من المتوسطات التابعة لمديرية التربية لولاية تيزي وزو، وقدما مجموعة من النظريات الموضوعية التي تفيد بأن السلوك العنيف داخل هذه المؤسسات التربوية يدور بين المكونات البشرية أي بين التلميذ و الأستاذ ، وينتشر بصورة غير متساوية ، كما استخلصا من البحث أن هذا السلوك ينتشر بين التلاميذ أكثر من العلاقات الأخرى، وفي ذات المداخلة أكد المحاضران أن فترة انتقال التلاميذ من الابتدائي إلى المتوسط ودخولهم فترة المراهقة يتسبب في ظهور تحولات متفاوتة على مستوى شخصية التلميذ من الناحية الفيسيولوجية ، المعرفية، النفسية، الاجتماعية الاقتصادية و الجسمية، إذ أن هذه التغيرات الداخلية والخارجية تنعكس على مستوى سلوك التلاميذ اليومي ، ضف على ذلك أن عدم التحكم في هذه السلوكيات وعدم التمرس بعد على فهم وضبط مؤشرات المحيط الكثيرة والمتداخلة، يعكس مستوى الصحة النفسية عند المراهق في هذه الفترة، مما يجعل تلاميذ المتوسطات يظهرون كأنهم الأكثر عنفا مقارنة مع تلاميذ الابتدائي وتلاميذ المستوى الثانوي . هذا إضافة إلى مداخلات أخرى لأساتذة حاولوا إماطة اللثام عن واقع هذه الظاهرة الخطيرة من زوايا متعددة ، وعرض إسهاماتهم وشهاداتهم الميدانية من أجل توسيع آفاق مساءلة حالات التداخل والتكامل المفترض وجودهما بين مؤسسات التنشئة كالأسرة، جمعية أولياء التلاميذ، النقابات ..الخ، حيث قال هؤلاء إن العنف داخل الفضاء التربوي نتيجة عوامل متداخلة داخل المجتمع، و المؤسسة التربوية ما هي إلا ضحية لها ، كما طالب المتدخلون بضرورة حل هذا المشكل العويص الذي أخذ أبعادا خطيرة أثرت بالدرجة الأولى على مستقبل الطالب كونه المتضرر الأكبر ، معتبرين أن القضاء على العنف سيسمح لا محالة بتطوير القطاع التربوي ببلادنا ويقضي نهائيا على العنف في المؤسسات التعليمية ، وبالتالي تحقيق النمو والازدهار في القطاع .