نظم أساتذة معهد اللغة الفرنسية بجامعة عبد الحميد بمستغانم صبيحة أول أمس ندوة فكرية تحت عنوان "كيف تكتبون "،نشطها الصحفيين والروائيين بن عاشور بوزيان وكمال داوود ،حيث عرض كل واحد منهما الطريقة التي اعتمدوها في الكتابة،قبل انطلاق الأشغال، أسهب الأستاذ ملياني في تعريف الروائيين عبر كتابتهما للرواية أو محاولاتهما في كتابة المقالة التي قدموها للقراء وكذا الكتابات المزمنة (التعاليق) التي لا زال يصدرها كمال داوود عبر صفحات جريدة " لوكوتيديان دوران ". طلبة معهد اللغة الفرنسية الذين أظهروا عبر أسئلتهم مدى شغفهم في معرفة الأسباب والدوافع التي أدت بالروائيين الانتقال من الكتابة الصحفية إلى كتابة الرواية ،المحاولات والكتابات المزمنة،و يقول في هذا المحور الكاتب و الصحفي بن عاشور بوزيان : "حكايتي مع الكتابة،تداخلت فيها ومنذ طفولتي معطيات كثيرة،البداية كانت وكأي طفل جزائري التعاطي وبكثرة الكتب المرسومة،لأنها كانت كتب الفقراء،ثم جاءت المدرسة، حيث تعلمت فيها اللغة الفرنسية،بفضل الأساتذة الذين غرسوا في نفسي حب قراءة الأدبيات الفرنسية اطلعت على الكثير من الروايات والقصص،بعد مروري بالمسرح الاحترافي، تعرفت على المسرح الهاوي بمدينة مستغانم ما دفع بي إلى الكتابة،لا أخفي أنني استغلت كل ما هو بحولي لأكتب القصص المسرحية،مثل مهنتي الصحفية،جزائريتي،الناس الذين عرفتهم ، القراءة الغزيرة ... كتبت بفضل كل هذا وإلى غاية اللحظة 15 مسرحية باللغة العربية،انطلق دوما من فكرة،لكنني لا أعرف إلى أين ستأخذني كما لا أعرف غالبا نهايتها لا أعرف أين أنا ذاهب،الفكرة موجودة لكن الطريق دوما مبهم،الإطار الذي اخطاره هو دوما بداخلي وهو نابع من تجمع عدة معطيات ذكرتها سابقا،في بعض الأحيان ألاحظ أنه يستوجب عليا التوقف لحظة حفاظا على جزأرتي لأنغمس مجددا في الثقافة الجزائرية العميقة ما يقيني تلبس ثقافة غير الثقافة الجزائرية... الصحافة التي امتهنها لا زالت تغذيني ،حيث أقرأ يوميا الأحداث والحوادث،بالرغم من ارتباطاتي أحاول أن أجد وقتا للكتابة، الشعور الذي ينتابني دوما هو وجوب ترك شيء ما من بعدنا." أما الكاتب الصحفي والروائي كما داوود فقال :"الدافع المالي هو الذي دفع بي إلى الصحافة لا شيء آخر،كان هذا في تسيعينيات القرن الماضي (1992)،حيث بدأت الكتابة في جريدة (المحقق ) بعدها انتقلت إلى جريدة "لوكوتيديان دورون " أين ارتقيت في كل الرتب المهنية،في البداية كنت اعتقد أن الصحافة هي ممر لكتابة الرواية،لكنني سرعان ما اكتشفت أن هذا التفكير خاطئ،لأن الكتابة المطولة تهدر وقتا كبيرا،بدايتي الفعلية مع كتابة الرواية كانت في سنة 1992/1993،حيث كنت أبني القصة في مخيلتي ثم أكتبها وأحاول أن أضع لها إيقاع متناغم حتى لا ينقطع خيط القصة،بدأت الرغبة في الكتابة تزداد مع مر الأيام علما أنني ليست لي هواية في ذلك،قرأت كثيرا لكن بطريقة مبعثرة،في الأخير تلاقت كل هذه القصص التي قرأتها ما ساهم في تكويني،مع مر الأيام كنت أهوى التلاعب بقصص الآخرين حيث كنت أكسرها ثم أعيد بنائها من جديد بطريقة مغايرة،كتابي "Meursault, contre-enquête "هو مصنف اليوم العاشر من ضمن المبيعات في فرنسا،نكتب لكي نعطي للحياة معنى،نجيب محفوظ مثلا كتب 80 كتابا عن حي واحد فقط،أريد أن يفكر القارئ عندما يقرأ التعليق،أضف كما يقال "اختيار الكلمة هو الرجل "، فهمت المقصود من هذا المعنى إلا بعد مرور 15 سنة،أحب أن تكون الكلمة صحيحة ، أطلب من الطلبة قراءة كتيب "ستيفان كينغ" لذي يمكنهم التعرف عن الكيفية التي يكشف عن أسرار الكتابة ، الكتابة شيء جميل،ففي بعض الأحيان تجد نفسك أمام "عرق معدني "وأحيان أخرى أنت أمام "هيكل عظمي "ومرة ثالثة بيدك "عظم "،عليك أن تتعامل مع كل هذا وفي كل الحالات،لا تهمني المبيعات بقدر ما يهمني القراء،كتبي ترجمت إلى 22 لغة،أريد أن أصل إلى الكتابة العالمية على غرار دوستوفسكي،كفكا وغيرهم،أدفع بالقارئ التفكير والتساؤل ومن هنا أركز دوما على شيئان،العنوان وأسلوب كتابة النص، بخصوص الرقابة الذاتية،أقول عندما تراقب ما تكتب ينتابك الخوف وبمجرد أن تخاف تصبح أعمى لا يمكنك مواصلة الطريق الذي اخترته.