لا يختلف اثنان حول مخاطر التدخين الجسيمة والتي تنامت وتعالت مؤشراتها بتنامي حس الإدراك بحجم المشكلة، ووعيا بمساوئها الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية. بيد أن الإدمان على التدخين ليس بالظاهرة الجديدة وإنما الجديد المستحدث هو تزايد عدد الوفيات جراء هذه العادة الخبيثة التي تفتك بآلاف الأرواح سنويا بربوع الوطن، ولم تعد السيجارة حكرا على الرجال فقط بل عنصر النساء هو الآخر اللواتي أدمن على التدخين وإن كان مجتمعنا يذم كثيرا تدخين النساء مقارنة بالرجال، فان الدراسات العلمية الأخيرة قد أثبتت أن حجم المخاطر عند النساء أكثر منه عند الرجال خصوصا النساء الحوامل اللائي يتأثرن كثيرا بمادة النيكوتين التي تؤثر على الأم والجنين سواء، فضلا عن مظاهر العقم والكبر والإصابة بالأمراض المستعصية. أن ظاهرة التدخين في الجزائر باتت كارثة إجتماعية تهدد البشر، من منطلق أن الأرقام والإحصائيات مثيرة للهلع، وفي هذا الصدد صرحت مصادر طبية مطلعة من محيط مصلحة الأمراض الصدرية بمستشفى وهران الجامعي، أنه يتم سنويا استقبال 300 حالة سرطان رئة، وان أغلب الحالات تتوفى قبل مرور الخمس سنوات. وهي الحالات التي تستقبلها المصلحة وهذا بفعل التدخين وماثره على الصحة في حين كشف المكلف بالإعلام على مستوى مستشفى الحكيم بن زرجب انه تم تسجيل 50 بالمائة من حالات الاصابة بالسرطان مردها التدخين ، وذلك فيما يتعلق بالأمراض السرطانية المتنقلة عن طريق التدخين. خاصة سرطان الرئة الذي يحتل المرتبة الثانية في سلم السرطان بعد سرطان الثدي، على صعيد آخر أكد ت مصادرنا أنه من الضروري التقيد بالقوانين المنادية بمنع التدخين في الأماكن العامة والمستشفيات وانه من الواجب على الأطباء العاملون بالقطاع الصحي مراعاة حقوق غير الصحية والحرص اشد الحرص على أن يكونوا قدوة للجميع من خلال الامتناع عن التدخين وحضره على جميع المدخنين في المراكز الطبية على الأقل، أخذا بشعار بيئة من دون تدخين"، خاصة وأن داء سرطان الرئة الفتاك يمثل 33 نوعا من سرطانات الرئة فضلا عن سر طان الحنجرة وسرطان المثانة والمريء وغيرها من السرطانات التي تصيب الإنسان جراء التدخين وبالمقابل فان نجاح العلاج جد ضئيل، بحيث يتحسن فقط ما يعادل 14 بالمائة بينما يفشل العلاج في غالب الأحيان لتفشي حالة السرطان التي تصيب المدخن الذي يتفطن لحالته مقدما، وفي نفس السياق اكد الأطباء المختصون على مستوى المصلحة أن هناك 10 بالمائة من الحالات تتطلب الجراحة، وحالات كثيرة أخرى تتطلب العلاج الكيميائي" الشميو- ترابي" كما أن العلاج عن طريق الأدوية جد مكلف بحيث يفوق ثمن العبوة الواحدة من الأقراص المعالجة ، ماقيمته 25 مليون سنتيم، وأدوية أخرى يصل ثمنها 620 يورو، حيث حذر الأطباء والمختصون من التدخين بحكم أن كل مدخن تفوق مدة تدخينه 15 سنة معرض للإصابة بسرطان الرئة أو سرطانات أخرى قد تودي بحياته، وعن أعراض هذا المرض وضح لنا الدكتور أن الإصابة بالسرطان ترهق المريض الذي يبقى طريح الفراش نظرا للأعراض المزعجة التي تصاحب المريض بعد ثبوت إصابته بالسرطان، كالسعال الشديد والتقيئ الذي يتطور إلى التقيؤ الدموي، فضلا عن ضيق شديد في التنفس والعياء الشديد من منطلق أن أكثر الأشخاص عرضة للسرطان هم المدخنون في سن مبكرة، وهم معرضون للإصابة بأخطر أمراض العصر كالسكتة القلبية حيث أن هناك حوالي 7000 شخص يتوفون سنويا بالسكتة القلبية، فضلا عن 80 بالمائة يموتون جراء السكتة الدماغية التي يتعرض لها المدخن بعد ما يزيد عن 15 سنة من التدخين على الأرجح، وفي مقام آخر حذرت مصادرنا من الإقبال على الماركات المختلفة خاصة منها التي بات تروج بطرق غير شرعية في سبيل الربح السريع، وتستورد بعض المنتوجات الغير مطابقة من إفريقيا الجنوبية، والتي يقبل عليها المدخن الجزائري بشراهة لسعرها المغري متناسيا أن الماركات الغير أصلية قد تزيد من خطورة الموقف ويكون بذلك أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المستعصية، فعلى غرار الدول المتحضرة التي باتت تمنع التدخين في الأماكن العمومية وتقلل من حدته بكل الأساليب، تتفنن بلادنا في استيراد المزيد من المنتوجات وتساهم في توسيع دائرة التدخين في غياب القوانين الردعية والمراقبة المتواصلة لمنتوجات التدخين التي يقبل عليها ملايين المدخنين من دون حسيب أو رقيب.