أجمع العديد من المتدخلين، في تأبينية الكتاب الصحفي بختي بن عودة، الذي اغتالته أيادي الغدر منذ 20 سنة، أن شهيد القلم كان بالفعل قمة في الفكر المستنير، والعطاء الثقافي الغزير، وأكد بعض أصدقائه وأساتذته ورفقائه الصحافيين في الدرب الإعلامي، أن الفقيد يمثل بالفعل ريشة سابقة لزمانها، وأن الجزائر بالفعل خسرت مادة رمادية نادرة كان بالإمكان، تبوئها مكانة عالية المستوى في الأدب العربي الحداثي التقدمي الأصيل، مشددين على أنه يجب من الآن الاستفادة من تجربته وغرس نموذجه المثالي لدى الأجيال اللاحقة بوزيان بن عاشور (المدير العام لجريدة "الجمهورية"): "اسمهان فخورة بك" بختي بن عودة، قلم مبدع وصحفي سابق لزمانه، كان يقرأ دائما لكبار الفلاسفة، بل وأنه كان مولعا بجاك دريدا والعديد من المفكرين البارزين، هو ابن الشعب ويحب الشعب... لا يحب الخطابات الجوفاء، كان يتحدث لي دائما عن عائلته الكريمة بكل فخر واعتزاز، لم يتنكر البتة لأصوله وجذوره وماضيه المشرق، ولا نخفي عنكم أنه كانت لديه العديد من المشاريع الفكرية الهامة، وترجمة العديد من الكتب إلى اللغات الاجنبية الأخرى، عرفته دائما عاشقا لزحمة الملاعب، وتدفق الأفكار، هو إنسان لا يخشى الموت في بلد عاش الخوف والفزع، الجميع يشهد له بالتواضع، البساطة والانفتاح على الآخرين. وأنه كان يؤمن دائما بأن الثقافة وسيلة لتجاوز الخلافات. أطمئنه أن الجزائر التي حملها في وجدانه لا تزال بخير، وأن ابنته اسمهان التي أصبحت اليوم فتاة جميلة يافعة فخورة بوالدها، والدليل على ذلك أننا مجتمعون من أجلك في هذه التأبينية التاريخية والكبيرة. عبد المالك مرتاض (أستاذ جامعي وأديب): "كان هادئ الطبع مشاغب الفكر" أتذكر جيدا ذلك الحوار الذي أجراه معي الصحفي القدير بختي بن عودة، لما كنت مديرا على الثقافة بوهران من 1983 إلى 1986، صراحة لم أكن أعرفه كثيرا لما أجرى معي ذلك الحوار المتميز، حيث بحثنا سويا في مفهوم "النقد الحداثي" وأشهد صراحة أنه كان أول استجواب عالي المستوى، أجريته مع هذه الإعلامي النحرير، وما أذكره عن بختي بن عودة، لما كان طالبا عندي في الماجيستر أنه كان هادئا في طبعه على عكس فكره، حيث عهدته مشاغبا في الكتابة والتحليل الأدبي، وهذه خاصية قلما تجدها اليوم عند الكثير من الطلبة، ولعمري أن شهيد القلم، كان يمثل أحد أكبر نقاد الجزائر والعالم العربي، لولا أيادي الغدر الذي اغتالته على حين غرة، كان يعشق الفكر وشديد الإعجاب بجاك دريدا المولود بالأبيار، هذا الفيلسوف المعقد والعملاق. أم سهام (شاعرة وأديبة): "بلورة يشع منها الضياء" كتبت عنه عدة مقالات، هو إنسان مفكر وبلورة يشع منها الضياء من كل الجهات، لديه العديد من المشاركات في النادي الأدبي، حيث استطاع بثقافته العالية، بعث الحركة الأدبية والنقدية العالية المستوى، لم أعرف عنه يوما تعصبه لجيل دون آخر، كتاباته أثرت الساحة الإبداعية، لاسيما في زمن النادي الأدبي الذي تشرفت جريدة "الجمهورية" بإطلاقه نهاية السبعينات، لا يزال إلى اليوم يتبوأ مكانة هامة في الساحة الفكرية والثقافية، وهو بالفعل قامة أدبية كتبت عنها الكثير من الأبيات الشعرية التي تفتخر به وبأعماله التي خلّدها وراءه إلى اليوم، بختي بن عودة لا يزال يمثل وهج النضال ورفعة الفكر القائم على التجديد والتأصيل والتنوع في الطرح والابتعاد عن كل أشكال النقد الهدام وغير البناء.