لا تزال ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال بالجزائر أو ما يعرف لدى عامة الناس باغتصاب البراءة من الطابوهات التي لا يمكن لأحد التطرق إليها فعائلات الضحايا ترفض التنديد بها أو متابعة الجاني قضائيا وذلك خوفا من الفضيحة والعار ولا الباحثون والأكاديميون فكروا في تشخيص الظاهرة والبحث في أغوارها بسبب العادات والقيم الاجتماعية التي لا تزال تقف عائقا أمامهم . وأمام الصمت الرهيب إزاء ما يتعرض له الاطفال من اغتصاب على يد أشخاص بالغين وجد هؤلاء الوحوش الآدمية في براءة الصغار وعفويتهم فرصة سانحة لإشباع غرائزها الجنسية غير آبهة بما قد يحصل لهؤلاء الضحايا من صدمات نفسية تغيّر لا محالة مصيرهم وتأثر سلبا على شخصيتهم فتسلبهم البراءة وتمحو تعكر عيلهم التمتع بلحظات الطفولة الجميلة التي لن تعوّض . [ 18 ألف مكالمة عبر الخط الأخضر تتحدث عن مضايقات ضد الأطفال ] والأكيد أن مثل هذا السكوت غير المبرر ولا المقبول يجعل الظاهرة في تزايد مستمر ومقلق يستدعي تحرك جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية انطلاقا من الأبوين عائلات الضحايا وصولا الى السلطات المحلية ومنظمات حقوق الطفل ... ويكفي التعرف الى عدد المكالمات الهاتفية التي تصل يوميا شبكة 'ندى' لحماية حقوق الطفل عبر خطها الأخضر '3033' عن المضايقات والتحرشات والممارسات غير السوية ضد هذه البراءة لنقف على حجم ما تعاني منه فلذات أكبادنا على يد هذه الوحوش . هذه الأرقام التي تسجلها هذه الشبكة التي تضم الى جانبها 150 جمعية تسعى لحماية حقوق الطفل تبقى بعيدة كل البعد عن الواقع بحكم أن هذا النوع من الاستغلال الجنسي لا يزال من الطابوهات لكن بالرغم من هذا إلا أن الإحصائيات التي حصلت ' الجمهورية' عليها من لدن هذه المنظمة الحقوقية مقلقة كيف لا و 'ندى' تلقت عبر الخط الأخضر منذ جوان 2014 إلى نهاية ماي 2015 أزيد من 18 ألف مكالمة أصحابها تعرض أطفالهم الى مضايقات متعددة الأشكال من ضرب وتعنيف واغتصاب. [ 55 حالة خاصة بزنى المحارم] وتشير مصادر ' الجمهورية' أن من بين هذه المضايقات 1025 حالة اغتصاب ضد الأطفال وهو رقم مخيف جدا والأدهى والأمر أن المتصلين وهم أولياء الضحايا رفضوا التنديد بهذه الجرائم والذهاب الى المحاكم لمتابعة المجرمين فضلوا الاتصال بشبكة 'ندى' للحصول على الدعم المعنوي وكذا المتابعة النفسية التي يضمنها المختصون النفسانيون لهذه الفئة المغتصبة . وحسب ذات المصادر فإن عزوف عائلات الضحايا عن التنديد بهذه السلوكات ومقاضاة مرتكبيها يعود أصلا الى خوفهم من الفضيحة من جهة وأن أغلب هؤلاء الجناة من أفراد العائلة و الأقارب لذا السكوت عنهم ضروري قصد الحفاظ على شمل الأسرة حتى و إن كان ذلك على حساب مستقبل الطفل. [ المدن الداخلية و الأرياف أكثر المناطق تسجيلا لحالات الاغتصاب ] ومن خلال المكالمات التي يستقبلها الطاقم العامل عبر الخط الأخضر لشبكة 'ندى' لحماية حقوق الإنسان بالجزائر يظهر جليا حسب مصادرنا دائما أن المدن الداخلية والأرياف هي الأكثر تسجيلا لحالات الاستغلال الجنسي للطفل علما أن ولايات الجزائر العاصمة و عنابة ووهران والمدية هي أيضا من المناطق التي تعرف ارتفاعا مقلقا للظاهرة على عكس باقي ولايات الوطن . ويذكر أن شبكة 'ندى ' لحماية حقوق الطفل أنشئت في 2004 حيث كانت نشاطاتها تقتصر على ولاية العاصمة الى حين توسعها لتصل الى 15 ولاية حاليا وتضم 150 جمعية محلية ووطنية تسعى كلها الى العمل لضمان حماية كافية للطفل الجزائري وفي 2008 أطلق الرقم الاخضر 3033 لاستقبال الشكاوى وطلب النجدة علما أن هذا لرقم سيكون عمليا عبر الهواتف النقالة في 31 ماي الجاري حتى يمكن الجميع من طلب النجدة حماية لحقوق البراءة .