انتشرت ظاهرة تجارة الجنس في صورها العديدة ، لدرجة أنها أهدرت قيمة الإنسان و جعلنا نغوص في دوامة القضايا المصيرية للمجتمع ، خاصة بعدما أصبحت طفولتنا محطة لترسب كل الأمراض النفسية و الآفات الاجتماعية ، ذلك إن جريمة العلاقات الجنسية غير المشروعة محرّمة وممنوعة بقوانين وضعية، ليس في حدّ ذاتها وإنما لأخطارها الصحية والأمراض الناتجة عنها " السيدا " ، هذا في حق البالغ ، فما بالك في حق شريحة حساسة من المجتمع ، وهي القصر الذين لا يملكون مقاومة الإغراءات والتهديدات ، لإجبارهم وتحريضهم على الفسق وفساد الأخلاق . سارة.ب خصص المشرع الجزائري لجرائم الاعتداء على العرض القسم السادس و السابع من الفصل الثاني من قانون العقوبات الجزائري ، تحت عنوان الجنايات و الجنح ضد الأسرة و الآداب العامة ، و تضمن القسم السابع موضوع تحريض القصر على الفسق و الدعارة من خلال المواد من 342 إلى غاية 349 . تقارير رهيبة عن تفشي الاعتداءات الجنسية على الأطفال تحدث تقرير للشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''ندى''، حول وضعية الطفل الجزائري، سلم مؤخرا للجنة الدولية لحقوق الطفل عن الوضعية الكارثية لهذه الفئة، حيث أن أكثر من 400 طفل يعانون من سوء المعاملة، و957 من العنف الجنسي.ويتناول التقرير حالات لسوء المعاملة في الأسرة أو المدرسة أو الشارع، وذلك استنادا إلى المكالمات الهاتفية التي تلقتها شبكة ''ندى'' على رقمها الأخضر 3033، وهم في الغالب أطفال تخلت عنهم عائلاتهم، بسبب انفصال الوالدين، أو هم أطفال ولدوا خارج إطار الزواج، أو ضحايا التسرب المدرسي.ومن الحالات التي تمّ التطرّق إليها حالة الرضيعة ''دنيا'' ، التي عثر عليها مرمية في الشارع بعد يومين من ميلادها، والطفل ''فاروق'' الذي أدمن المخدرات بسبب سوء معاملة العائلة له. كما جاء في التقرير معاناة الطفل الجزائري المتكفل به، حيث لا يتم متابعته ميدانيا، مما يجعله معرّضا لمختلف الآفات الاجتماعية، في ظل غياب إطار قانوني - يقول التقرير- أنه غير كاف، خاصة أمام جهل العائلات الكفيلة للنصوص التشريعية حول الكفالة. وضمّ التقرير الإشارة إلى نقص هياكل استقبال الأطفال ضحايا العنف، حيث إن المراكز المتخصّصة في الحماية الاجتماعية لا تتسع سوى ل33 ألف طفل، من جانب آخر استعرض التقرير أيضا، حالات لأطفال تعرّضوا إلى الاعتداء الجنسي، الذي يعد من أهم المشاكل التي يعاني منها أطفال الجزائر في الآونة الأخيرة، ولا يتم التعامل معها بشكل جيد، بحكم أنها من الطابوهات.ومن بين هذه الحالات، الطفل زكريا، صاحب ال7 سنوات، وهو من والدين مطلقين، رافقته أمه إلى شبكة ''ندى'' ليروي قصة تعرّضه لاعتداء جنسي من قبل الأب وقت الزيارة، كما كان يجبره على تعاطي الكحول معه، وجاء في التقرير أن فئة الإناث الأكثر تعرّضا للاعتداء الجنسي، وما يترتب عنه من نتائج، وهو حال القاصر ''إيمان''، 17 سنة، التي تعرضت لاعتداء جنسي كان نتيجته حمل غير شرعي، لم يكن بإمكانها الاحتفاظ به أو منحها اسمها، ما لم تكمل سن الثامنة عشرة، حسب المادة 44 من قانون الأسرة. ولم يختلف الأمر مع الفتاة سارة، 15 سنة، حيث تعرّضت إلى اعتداء جنسي من قبل أحد جيرانها، حملت منه طفلا تكفلت بتربيته إحدى العائلات، كما خلص التقرير إلى ضرورة تعزيز الوقاية بمشاركة المجتمع المدني، من أجل تكريس فكرة أن جميع الأطفال لهم الحق في الحماية. قصر ضحايا التحريض على ممارسة الفسق والدعارة جرائم التحريض على الفسق والدعارة ، هي التصرفات والأفعال والأقوال التي يقوم بها شخص ما ، وتلك الوسائل التي يستعملها مع شخص آخر ذكرا أو أنثى بقصد التأثير عليه واقناعه، من أجل دفعه إلى تعاطي الدعارة وممارسة أعمال الفسق وفساد الأخلاق . ولقد ورد النص على هذه الجرائم في الفقرة 01 من المادة 342 قانون العقوبات والفقرة الأولى من المادة 343 ، وفي المادة 347 من نفس القانون، ورغم المجهودات المبذولة أخذت هذه الظاهرة أبعادا خطيرة ، حيث تعالج المحاكم يوميا قضايا التحريض على الفسق باستعمال العنف أو دونه ، ومحاولات لاغتصاب والتحريض على الدعارة ، وتحويل القصر و الفتيان فيكونون أكثر عرضة لمثل هذه الأمور ، لأنهم يهربون من البيت العائلي ويقيمون علاقة مع أشخاص جانحين، سواء كانوا قصرا أو بالغين ، فيتأثرون بهم وبسلوكهم غير السوي ، وتصل الأمور إلى تقليدهم في أفعالهم الإجرامية ، أو في تعاطي السجائر والمخدرات. وفي بعض الأحيان تتعرض الفتاة للضرب والجرح والتهديد بالسلاح الأبيض ، والتحريض على إتيان الأفعال المخلة بالحياء. قوانين على الورق وحقوق مهضومة رغم وجود ترسانة من القوانين التي تحمي هذه الفئة المستضعفة ، إلاّ أن الضرر موجود والعنف ضد الأطفال لا يعني ضربه أو اغتصابه فحسب ، فهو أيضا ضرر نفسي، لأن إهانة طفل والتقليل من شأنه وإهماله وعدم إحاطته بالعناية والتربية والحماية ، سيجعله بمرور الوقت وتراكم الصدمات والآلام و خيبات الأمل من العائلة والمجتمع شخصا جانحا أو شاذا أو مجرما. وعليه فإن الضحايا يخضعون لمتابعة طبية ونفسية يجريها الطبيب الشرعي والطبيب النفسي، وتشرف عليها فرقة حماية الأحداث، لأن دورها لا يتوقف عند تسجيل القضايا ، بل متابعة أصحابها طبيا ونفسيا واجتماعيا ، تم تسليمهم لأهلهم ، وكذلك إجراء التحقيقات لمعرفة وضعيتهم الاجتماعية والعائلية ، سواء كانوا داخل مراكز الأحداث أو خارجها ، ففيما يتعلّق بالاعتداء الجنسي فتتحوّل الحادثة إلى مأساة عائلية وخط أحمر لا يجب تجاوزه أو الكلام عنه، حتى بإيداع شكوى ضد الفاعل. ومع صعوبة تسجيل إحصائيات عن هذه الظاهرة ، تعتمد مصلحة الصحة المدرسية على تقارير الطب الشرعي فقط لإظهار فظاعة ما يحدث بهذا المجتمع، وخاصة بالمناطق النائية .