أكد رئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة الناقد اللبناني " ابراهيم العريس " أن مهرجان وهران للفيلم العربي هو الوحيد المتخصّص في السّينما العربية ، وهو ما يميزه عن غيره من المهرجانات الأخرى ، كما ألحّ في الحوار الحصري الذي خص به جريدة الجمهورية على ضرورة استمرار هذا الاهتمام الرسمي بالفن السابع العربي حتى تنهض السينما الجزائرية نهضة جديدة وبأفلام حقيقية تكشف لنا حيثيات الواقع الجزائري- على حدّ تعبيره - ، كما تحدث السيد " العريس " عن تاريخ هذه الأخيرة منذ سنوات السّبعينيات الذهبية إلى غاية اليوم، وعدّد مناقبها وميزاتها وكيف أن الجزائر باتت هي البلد العربي الوحيد القادر على احتضان هذا النوع من المهرجانات السينمائية ، إضافة إلى تصريحات أحرى تتابعونها في الحوار التالي : الجمهورية : في البداية سيّدي كيف تقيّمون مشاركتكم الأولى في مهرجان وهران السينمائي ، وهل هي الزيارة الأولى التي تقودكم إلى الجزائر ؟ العريس : في الحقيقة سعيد جدّا بتواجدي للمرّة الأولى في مدينة وهران السّاحرة و الباهية كما يُسمّونها ، فهي فرصة كبيرة لي حتى أستمتع بجمال المنطقة و أحضر فعاليات المهرجان ، خُصوصا أنني منذ مدّة لم أوقع حضوري في أيّ مهرجان سينمائي ، كما أتمنى أن أرى ما يفتتني من أفلام وعروض سينمائية مبرمجة ضمن التظاهرة ، أما فيما يخص زيارتي للجزائر فهي ليست بالأولى بل الثانية ، حيث أنني زرت العاصمة سنة 1982 بعد أن تمت دعوات من طرف التلفزيون الجزائري حتى أناقش فيلم " نهلة " لفاروق بلوفة " رفقة الناقد الجزائري الراحل "عبدو بوزيان " ، وهي كانت الزيارة الأخيرة لي منذ سنوات إلى غاية اليوم طبعا . الجمهورية : ما هي توقّعاتكم بخصوص الأفلام الروائية الطّويلة المتنافسة على جائزة " الوهر" الذهبي و أنتم على رأس لجنة التحكيم ؟ العريس : لا أخفيكم علما أنني متفائل جدا بخصوص هذه الأفلام ، حيث أنني أتوقع أن تكون جيدة ومقنعة باعتبار أن السينما العربية تشهد تطورات كبيرة وقيمة ، و أكثر من هذا لا يمكنني التصريح بشيء حول المنافسة بحكم قوانين المهرجان الذي أتمنى له النجاح من كل قلبي ، فهو المهرجان الوحيد المتخصّص في السّينما العربية ، كما يمكن أن يكون الفرصة الأكبر لاستعادة سينما متألقة وناجحة ، وعلى هذا الأساس فأنا ارجو أن يكون هذا الاهتمام الرسمي والجيد بالسينما العربية مستمرا إلى ما لا نهاية ، حتى تنهض السينما الجزائرية نهضة جديدة وبأفلام حقيقية تكشف لنا حيثيات الواقع الجزائري، إذ لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الانسان مهما حاول ايجاد سبل وحلول فاعلة من أجل التخلص من التطرف مثلا أو مظاهر اجتماعية مختلفة فلن يجد ما هو أحسن من السينما ، فهي الوحيدة القادرة على محاربة جميع الآفات في المجتمعات. الجمهورية : باعتباركم ناقدا سينمائيا معروفا وباحثا مختصّا في الفن السّابع ، كيف تُقيّمون اليوم واقع السينما الجزائرية لاسيما أنكم كتبتم الكثير من المقالات حول مسارها التاريخي و وموقعها من الإعراب في المشهد العربي والعالمي ؟ العريس : كل ما تقدمتم به صحيح ، فأنا كتبت الكثير من المقالات حول السينما الجزائرية وقلت في العديد من المرات أنها عاشت عصرها الذهبي خلال السبعينيات ، عندما كانت تنتج أفلاما ناجحة حتى للغرب ومصر أيضا ،مما جعلها المهيمنة الوحيدة من الناحية الفنية سواء في العالم العربي أو بافريقيا ، ثم خلت بعض الشيء وبدأت مرحلة جديدة خرجت فيها عن تمجيد الثورة ومعالجة الواقع الجزائري من خلال أفلام ناجحة جدا لمخرجين كبار أذكر منهم " مرزاق علواش " في فليمه الشهير " عمر قتلاتو " وغيره من الافلام التي الرائعة التي بقيت راسخة في الذاكرة ، لكن خلال سنوات الثمانينات و التسعينيات قلّ عدد في الأفلام المنتجة وصار المخرجون الجزائريون الذين يعيشون في الخارج مشهورين أكثر من أولئك الذين هم في الداخل على غرار" رشيد بوشارب " و" مهدي شريف " وغيرهم ، وخلال السنوات الأخيرة بدأت السينما الجزائرية تستعيد رونقها بأفلام تمجّد الاستقلال من جهة و تميط اللثام عن الواقع المعاش من جهة أخرى . الجمهورية : كلمة أخيرة ؟ العريس : آخر ما يمكنني قوله في نهاية هذا الحوار الجميل أن الجزائر مؤهلة أكثر من أيّ البشرية و وغناها بتراثها الحضاري، ناهيك عن مرورها بكل العقبات التي مرت بها من حروب وثورات وصولا إلى سنوات العشرية السوداء ، كل هذا يؤهلها لاحتضان أفلام تعيد للسينما العربية و الجزائرية والعالمية ما بدأت تفتقده في السنوات الاخيرة .