يبدو أن برامج الكاميرا الخفيّة التي باتت تعوّل عليها الكثير من القنوات الجزائرية وتراهن عليها بشدة لاستقطاب أكبر قدر ممكن من المشاهدين في رمضان ،أصبحت تعتمد بشكل جليّ على مشاهد الدم والقتل والترهيب ، الأمر الذي أثار استنكارا كبيرا من لدن العائلات الجزائرية وعدد من الفنانين والنقاد ، إذ لم يتوانى هؤلاء عن التنديد بهذه المشاهد التي باتت تحبس الأنفاس وتوتّر الأعصاب، مشاهد حادت عن مفهومها الصحيح ومسارها الذي من المفروض أن يصبّ في خانة المتعة والتّرفيه حسبما تعودنا عليه في الماضي ، فأسلوب المبالغة في التخويف وبث الرعب والاستفزاز صار موضة العصر ومنهجية اعتمدها الكثير من المخرجين الذين استوحوا أفكارهم من أفلام الرعب الهوليودية التي غالبا ما تستند على ظهور الأشباح والموتى، وعمليات الإرهاب والقاتلين المأجورين ،حيث وظف هؤلاء في مقالبهم ابتكارات لجثث مفحمة وأشلاء مرمية هنا وهناك وغيرها من الابتكارات المخيفة و الاستفزازية من أجل الإيقاع بالضحية وإدخال الرعب إلى قلبه لدرجة الإغماء والبكاء والصراخ، في حين يقوم البعض من ضحايا هذه المقالب بالشتم والسب والتفوه بعبارات لا أخلاقية يضطر المشاهد إلى سماعها في هذا الشهر الفضيل ،وينتبه لها الطفل الصغير . وهذا ما أكدته مختصة نفسية اتصلنا بها من أجل توضيح التأثيرات الحاصلة جراء هذا النوع من البرامج الدخيلة على الفكاهة والكوميديا ،حيث أوضحت أن مشاهد الرعب التي تقدمها "الكاميرا الخفية" تضر بالمشاهدين نفسيا وذهنيا وحتى صحيا ،لاسيما بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مرضى السكري والضغط والقلب ،كما أنها تشكل خطرا كبيرا على نفسية الطفل الصغير وحتى المراهق الذي يتأثر بمشاهد الدم والعنف وإشهار السلاح ،وربما يدفعه الأمر إلى التقليد أو تجريب الأمر مع أصدقائه ، كل هذا – أضافت الطبيبة النفسية- يجعلنا ندق ناقوس الخطر حول هذه البرامج التي يمكن لها أن تودي بحياة ضحايا المقالب أيضا خصوصا إذا كانوا يعانون من مرض مزمن، كما أنه يتلاعب بمشاعر المشاهدين الذين بات يخيل لهم أنهم يشاهدون فيلم رعب من الدرجة الأولى . ومن أهم برامج الكاميرا المرعبة التي حبست أنفاس المشاهد الجزائري كاميرا " رانا حكمناك "التي تبثها إحدى القنوات الخاصة ، وهي كاميرا تستند على عالم الجن واستحضار الأرواح ، حيث يقوم المخرج بغلق باب المكتب الخاص بالراقي على الضحية واللعب على أعصابه من خلال تحريك الكراسي وإشعال التلفزيون وإسقاط اللوحات من على الحائط و كسر المزهريات وغيرها من الأمور الروحانية المخيفة ،في تلك اللحظة يشعر الضحية بالخوف الشديد ويتصبّب العرق على جبينه، فيهمّ بقراءة آيات بيّنات من القرآن الكريم محاولا الخروج بشتى الطرق من المكتب، أما كاميرا " الرهائن "التي صورها " سفيان داني " في دبي مع أسماء فنية وسياسية جزائرية قد تعدت الحدود الحمراء تماما، حيث وظّف هذا الأخير مشاهد التهديد بالقتل وإشهار السّلاح في وجه الضحية الذي يجد نفسه محتجزا في مطعم من لدن مجموعة إرهابية ،مواقف تحبس الأنفاس صراحة وتضح الضحية في موقف لا يحسد عليه أبدا،هذا إضافة إلى كاميرا "دار الخلايع" التي تستهدف رياضيين وفنانين معروفين يتم إيهامهم بأن المنزل مسكون ومليء بالأرواح وآكلي لحوم البشر أو كما يسمونه ب" الزومبي "،ما يخلف هلعا وخوفا شديدين لدى الضحايا الذين يحاولون الفرار وهم يصرخون و يبكون ،وغيرها من برامج الكاميرا التّرهيبية الأخرى التي تحتاج إلى إعادة نظر في فكرتها و طريقة طرحها الخطيرة والمهلكة .