* الجزائر مصممة على محاربة الاتجار بالسموم ضمن المنهجية العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة تطورت تجارة المخدرات من الربح السريع إلى عدوى الإدمان و التموين المحظور الذي وصلت ذروته إلى دعم الإرهاب الدولي عن طريق المنحى التصاعدي للمروجين للطلب و العرض و الذي لا تحلّ إلا بالمسؤولية المشتركة وطنيا و عالميا لبلوغ هدف التقليص من العامل الأول و الوقوف على التماس سياسة المكافحة الإيجابية بنفس الوتيرة و الجهود لأن العملية ليست سهلة و البروتوكولات الخاصة بالدحر لا تترك على عاتق أجهزة الدولة وحدها بقدر ما هي بحاجة إلى جهود المدنيين والتي لا تتجلى إلا بانتقاء الفاعلين في مجال المحاربة من خلال مخطط مكافحة المخدرات الذي يعرض على الحكومة و له صلاحية المهام الكبرى للتقليل من المتاجرة غير الشرعية للسموم التي أصبحت مصدرا للجريمة العابرة للحدود أمام إنتشار 400 نوع من المخدرات على مستوى العالم وعلى الجزائر التفكير في آليات حديثة لمحاربتها قبل ولوجها عندنا كون دحرها بالميكانيزمات الحالية للدولة مستحيل أن يحقق بها المسعى الوطني في شقيه الاجتماعي و الأمني إذا ما أشرنا إلى الأقراص المهلوسة التي تعتبر واحدا من الأصناف الجديدة للمخدرات المستشرية بقوة منذ السنتين المنصرمتين و تحتاج إلى التزامات و علاقات دولية لمجابهة الإفراط في استهلاكها و للخوض أكثر في الظاهرة التي تعطى لها السلطات العمومية كل الأهمية من جانب الوقاية وأولويتها في المخطط التوجيهي الوطني الذي يتابعه خبراء من الجزائر و الخارج أجرت "الجمهورية "حوارا مقتضبا مع الأستاذ "بن حلة محمد عبدو" المدير العام لمكافحة المخدرات بمقر مكتبه بالجزائر العاصمة . **الجمهورية: كيف تحللون السياسة الوطنية لمخطط مكافحة المخدرات أمام ارتقائها لتموين الإرهاب الدولي؟ --بن حلة: أعتبر المخطط من المهام الكبرى في إنجاح عملية التنسيق التي لا نلقيها على عاتق أجهزة الدولة وحدها كالجيش الشعبي الوطني و الدرك الوطني و الشرطة و الجمارك الجزائرية و إنما هذا الدور أيضا من صلاحيات الدوائر الوزارية للتعليم العالي و التربية و الوطنية و الرياضة و الشباب و الصحة بصفتهم أعضاء في لجنة التقييم و المتابعة و هذا ما يدفع الجميع بما فيهم الديوان لتشريح قضية الاتجار بالمخدرات التي أضحت منبعا أول في تمويل الإرهاب ماديا خاصة و أن نقطة التنبيه بأضرار الدعم يجب معرفتها ليعيها مجتمعنا الجزائري و بلادنا على وجه أخصّ لما يحيطها من مخاطر الجريمة المنظمة العابرة للأوطان و التي تتفطن لمواجهتها في إطار المنهجية العالمية للكفاح ضد الجريمة المنظمة كغسيل الأموال و التي تم تفعيل في شأنها قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة بالوقاية من الإرهاب و أقول في هذا المنظور أن السلطات العليا في البلاد تصرّ على مواصلة تطهير ملف الاتجار بالسموم بحكم الاتفاقيات التي تربط الجزائر مع الأممالمتحدة إزاء هذه الظاهرة و إبرام أخرى دولية و عربية و إفريقية و التي تنادي بحماية الوضع العام من الإرهاب المختفي النشط تحت غطاء التهريب الذي ارتفع بصورة مخيفة بتأثيره على الأشخاص من جانب إغرائهم بالربح السريع و الذي بدوره يتحول لدعم خارجي ,لذا ركزت اللائحة رقم (3) -12 المؤرخة في 28_11 2012 أنه على المصاريف المالية و المؤسسات المالية و المصالح المالية لبريد الجزائر ملزمة بنظام المراقبة للمعاملات التجارية و فضح النشاطات المشبوهة و إعلام الهيئات الأمنية بمصدر رؤوس الأموال و عن هوية المتدخلين مع التعرف على التحويلات الإلكترونية بدقة ابتداء من الآمر بالصرف إلى المستفيد منها و عناوين المتعاملين مع المؤسسات المالية .
**الجمهورية: يشير المبدأ العالمي بالنسبة لظاهرة المخدرات أن السير في مجالي تقليص العرض و الطلب بنفس وتيرة الجهود حتما سيقلل من إنتاج الحشيش فما رأيك في هذه العملية المفترض العمل بها و التي ينظر إليها الباحثون في علم الاجتماع بأنها الآلية الوحيدة في وقف حركية التهريب و مسعاه الإجرامي الذي يغري الشباب ؟ --بن حلة: التقليص من الطلب معادلة معقدة لكن إذا تدخلت العائلات التي تعايش معاناة إدمان أبنائها الذين أصبحوا من ضحايا المخدرات بأنواعها خاصة الأقراص المهلوسة و المؤثرات العقلية بأصنافها و التي تعدّ واحدة من 400 مخدر مستشري بالعالم وأنا أشير بالتحديد إلى عنصر الأسرة التي ينبغي عليها التنسيق مع الشركاء الفاعلين المعروفين على مستوى الميدان لأنني أعي جيدا ما أتفوّه به كون واقع الاستهلاك ناتج عن الطلب الذي أدخل أبناء هذا الوطن في دوامة الإدمان بفعل السيل الجارف للمخدرات العائدة إلى عدم التحكم في مكيالي عرضها و طلبها ما أدى لتسجيل 9 ألاف و 13 شخصا مدمنا خلال السداسي الأول للعام المنصرم (2015) و مالاحظه الديوان أن أكثرهم عنصر رجالي عددهم في نطاق الإدمان 8ألاف و 85 متعاطيا للمخدرات و السن الحساس للإدمان حسب إحصاء قاموا به يتراوح مابين 16 سنة إلى 26 عاما انساقوا نحو المهلوسات التي تم حجز منها في العشرة أشهر الأولى من السنة المنقضية 496ألف و 839 قرص و يتمثل النوع المطلوب عند الشباب في "ريفوتريل" بنسبة تزيد عن 62 بالمائة و التي أخذت حصة الحجز بمقدار وصل إلى 312 ألف و 908 قرص و يليها "ديازيبام" ب53 الف و 975 قرص و تأتي بعدها "تراكسان" و "إكيتيل" و "باركونال ليسنكسيا" و "فالزيبام" و "تيميستا" و غيرها من الأنواع التي فتكت بالوسط الاجتماعي بسبب الطلب الذي ازداد بالتهريب المصنف ضمن الجريمة العابرة للأوطان التي تهدرّ أموالا كبيرة و قمعها لا يمكن أن يكون فعالا إلا في إطار متكاثف الجوانب و لهذا يستدعي منا أن نقحم المسؤولية المشتركة للأسرة بالتحسيس العلمي المدروس الذي تقابله بحوث في مجال المحاربة و الوقاية في آن واحد . **الجمهورية: يبدو أن للجزائر إرادة سياسية لدمج نفسها دوليا بغية مكافحة المخدرات في أي جانب يتجلىّ هذا؟ --بن حلة: بلادنا تتمتع بمكانة مرموقة في التعاون المتعدد منه الدولي و القائم على اجتماعات منتظمة مع مكتب الأممالمتحدة للمخدرات و الجريمة حيث تقدم باستمرار تقارير خاصة بتطور وضعية الظاهرة زيادة على انضمامها للشرطة الدولية "الأنتربول" لمدة نصف قرن أما الإقليمي فيبرز في اللقاءات السنوية لرؤساء المصالح المكلفة على المستوى الوطني بمكافحة الاتجار غير الشرعي للمخدرات في إفريقيا و بالشبكة الأورو متوسطية "ماد نات" و عربيا تنشط الجزائر مع وزراء الداخلية العرب المنضوية تحت لواء مكافحة القضايا الأمنية (الجريمة المنظمة و المخدرات ) و لترقية مستوى تعاملاتها و تعاونها عملت أيضا على تطوير نفسها في الإطار الثنائي مع الكثير من الدول بإفريقيا و أوروبا و أمريكا مما مكنها من تأطير تكويناتها التي تتماشى بها الأجهزة الأمنية المختلفة للدولة . **الجمهورية: في أي مهمة أرسل الديوان الوطني لمكافحة المخدرات إطارات متخصصة في المحاربة إلى الخارج و هل هذا يدخل في مشروع إنشاء المنتدى و تطوير آليته في حماية الأشخاص ؟ --بن حلة: الديوان يقيم روابط عمل مع الهيئة الحكومية الفرنسية لمكافحة المخدرات و الإدمان باعتبارها أنجزت العديد من عمليات الوقاية و لهذا قررنا بعث إطارات جزائرية للوقوف على مجريات دراساتهم و كيفية تسيير منتداهم لأن ليس لنا نفس المؤسسات و لا نستطيع تطبيقه بشكل آلي لكن نقدر على استيعاب خبرات فرنسا للوصول إلى الوقاية و نقلها للنشطين عبر كافة الجمعيات التابعة للديوان والمكلفة بالمكافحة لكي تساير علم التغيرات في مجال التدخل و استلهام التجربة و تجسيدها و تعميمها و نشرها بالقاعدة . **الجمهورية : يسعى الديوان دوما إلى وضع نظم الوقاية هل حقق دراسة مميزة في شأن تفشي المخدرات عند الجزائري ؟ --بن حلة : على جميع الفئات الجزائرية معرفة دور الديوان الوطني للمخدرات لأنه هيئة مكلّفة بإعداد السياسة الوطنية لدحر المخدرات و تطبيق سبل محاربتها بعملية التنسيق التي تحدثنا عليها سابقا وسمحت لنا بتحقيق الدراسة الوطنية الوبائية الشاملة لاستهلاك المخدرات بمجتمعنا عن طريق المعلومات و البيانات الخاصة بالمدمن لعلاجه و هناك دراسة آخرى تتعلق بالمدارس ستعزز مهمة الديوان في القريب الآتي بتوغله في وضعية الشريحة التربوية" المتعلّمة" كجيل للمستقبل القادم و كرأسمال أساسي للجزائر نظرا لما يحوز عليه الديوان من منشورات دورية و المتمثلة في مؤشرات أسعار الاستهلاك و الإنتاج الصناعي و الزراعي و إحصائيات التزايد السكاني في بلادنا و كذا الصحة و التشغيل و السكن و التعليم و مدونة الفئات المهنية و ذات الحرف . **الجمهورية : بما أن الديوان يتسلّم تقارير سنوية لمحجوزات المخدرات و القضايا المعالجة كيف تقيّمون النشاط الأمني تجاه أنواع المضبوطات ؟ --بن حلة :مجهود في القمة نظرا للكم الهام للمخدرات التي تحبط مرارا و تضييق الخناق على ترويجها و الأرقام الثقيلة التي أحصاها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات تترجم العمل الجبار الذي تقوم به الهيئات الأمنية خصوصا إذا ما احتسبنا فقط سنة 2015 التي كانت حبلى بالكميات الضخمة للسموم التي تم إفشالها في ألاف العمليات والمقدرة بالنسبة لراتج القنب الهندي ب 103279.687 كلغ و الكوكايين 85156.470 غرام و الهروين 25348 غرام و حجز 109 نبتة من القنب و496839 قرص مهلوس و التي بلغت قضاياه ب3ألاف و 634 أخذت فيها قضية القنب الهندي الحصة الأولى . **الجمهورية: ستحتضن تلمسان المؤتمر الدولي حول مكافحة المخدرات الأسبوع القادم و أنتم كطرف مشارك ومنظم ماذا تنتظرون من أشغاله التي سيثريها خبراء دوليين من الوزن الثقيل؟ --بن حلة: أن يكون في مستوى تطلع الجزائر لتنفيذ السياسات الوطنية و استبيان نجاح مكافحة الاستهلاك إعلاميا .