تتميز منطقة تافرنت الجبلية التابعة لبلدية سيدي عمر التي تبعد عن سعيدة بحوالي 22 كلم بطبيعة ساحرة ومرتفعات جبلية رائعة، تمتد على سلسلة الجبال المحيطة بها، وتضم غابات شاسعة و مروج خضراء رحبة، تتخللها المنابع المائية العذبة المتواجدة بين الصخور..فعلا هي فضاء تنشرح فيه النفس وسط الأشجار الخضراء الباسقة ذات الضلال الكثيفة، والحشائش الطبية كالزعتر ، الفيجل، العرعار وغيرها، كل هذه العوامل دفعت بالزائرين إلى الإقبال عليها في كل مرة للاستمتاع بهذا التنوع الطبيعي الذي لعب دورا فعالا في تطوير الزراعة و صناعة العسل التي تشتهر بها المنطقة منذ القدم، حيث لا يزال البعض يعتمدون على الطريقة التقليدية في ذلك أي من خلال جذوع الأشجار المعروفة بالكلخة، و كذلك الحلفاء و" الضلف " . جبال غابة تافرنت كانت في سابق عهدها منبعا للمجاهدين، ومعالمها التاريخية لا زالت شاهدة على نضال و كفاح الثوار ، حيث أكد كبار المنطقة أنه كان يطلق عليها اسم " برباطة " آنذاك، وهي لحد الآن تضم بيوتا مبنية بالطوب والتراب وشجرة الكاليتوس الأقدم بالمنطقة التي يبلغ علوها أكثر من 20 مترا ،ونظرا لكثافة أغصانها كانت مكانا للمناضلين يعقدون فيه اجتماعاتهم ويخطّطون للعمليات الثورية، كما أن جبال تافرنت شهدت عدة معارك طاحنة مع الجيش الفرنسي ، ومن بين الذين استشهدوا بالمنطقة في ثورة نوفمبر 1954 الدكتور يوسف الدمرجي الذي كان يتكفل بالمصابين أثناء الثورة رفقة الممرض عبد الرحمان فريحي بأحد البيوت المبينة بالطوب التي اتخذ كمستشفى للعلاج، إلى جانب محكمة كان يستعملها المجاهدون لمعاقبة كل من يخرج عن القانون ، والنصب التذكاري للدكتور يوسف الدمرجي يحمل اسمه و تاريخ وفاته ، إضافة إلى وجود المخبأ الذي يزيد عمقه عن 9 أمتار . رغم تواجد ثروات سياحية وتاريخية بمنطقة تافرنت إلا أنها لم نتل حقها من الاستغلال والعناية رغم توفرها على إمكانيات تؤهلها لتصبح قطبا سياحيا كبيرا، من شأنه أن يضم مرافق تتوافق مع خصوصية المنطقة السياحية و التاريخية ، ما يسمح للمواطنين بقضاء نهاية الأسبوع بها ، ورغم تمتع ولاية سعيدة بمناظر طبيعية خلابة ومواقع أثرية وتاريخية عريقة تعود إلى ما قبل التاريخ، إلا أن ذلك لم يساهم في تكريس ثقافة سياحية تعود بالفائدة على المنطقة كمغارات سعيدة وعين المانعة، تيفريت وآثار المساكن القديمة بالتيمطلاس بسيدي أحمد ، إلى جانب آثار المخيم الروماني القديم ببلدية يوب وغيرها، ما يستوجب رعاية هذا الموروث خاصة التاريخي ليكون خير دليل لنقل تضحيات الثوار للأجيال القادمة.