تحاول ايطاليا استجلاء كل القوى الأوربية و الإفريقية من أجل تطويع ملف الهجرة غير الشرعية التي تعد هي أول ضحاياها قبل أزمات الربيع العربي التي فرّغت آلاف البشر في السواحل الأوربية و خاصة الايطالية عبر الضفة الجنوبية للمتوسط و بشكل لافت من ليبيا ، وزاد الوضع المتردي في بلدان الربيع العربي الطينة بله فتوافد على ركوب البحر من ليبيا السوريون و المصريون و التونسيون و أيضا الإيرانيون و الأفغان و الأفارقة . و في الوقت الذي ترى فيه عديد الدول الأوربية حل أزمة المهاجرين غير الشرعيين بحل سياسي يفرضه منطق التدخل العسكري تصر روما على الحل السياسي السلمي في ليبيا كما في بؤر التوتر داخل القارة السمراء بدعم حكومات الداخل . و كنت ايطاليا قد طلبت من ليبيا اغلاق الحدود مقابل مساعدات مالية أمنتها لها لدى الاتحاد الأوربي . و من جملة الاجراءات التي سعت روما إلى حصول اجماع حولها ما سمّته ب "ميثاق الهجرة " وهو برنامج يسعى إلى مساعدة افريقا ماديا و ماليا لوضع حد أو التقليل من الأزمة الاقتصادية التي ولّدت كل الأزمات و على رأسها ظاهرة الهجرة نحو الشمال . و أضافت ايطاليا ضمن ميثاق الهجرة انشاء صندوق يمول الاستثمارات في افريقيا للنهوض بالاقتصاد و توفير شروط العمل و التعليم و بالتالي تصرف ايطاليا الأغلفة المالية التي تنفقها على المهاجرين على أراضيها في بلدان المهاجرين الأفارقة . ميثاق لا تريده ميركل و تصر ايطاليا لدى الاتحاد الأوربي على ضرورة التفريق بين المهاجرين لأسباب اقتصادية وإنسانية "، مؤكدًة ضرورة دعم خطة خاصة لترحيل المهاجرين القادمين بصورة غير شرعية من الإتحاد الأوروبي ، إلى بلدانهم مع ما يلزم ذلك من أدوات لوجستية ومالية ، بعد إنشاء صندوق خاص في ميزانية الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض". علما أن ميركل رفضت المقترح الإيطالي بشأن ميثاق الهجرة ولفتت أن هذه الوثيقة قد أعدتها إيطاليا باعتبارها مساهمة في استراتيجية الاتحاد الأوروبي لمعالجة الهجرة خارج الحدود. و وفقا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة فقد عبر المتوسط خلال 11 يوما من بدء سنة 2016 ما يقارب 20 ألف شخص. و قتل الطريق البحري بين ليبيا و إيطاليا خلال 2015 ما يساوي 3 آلاف شخص. و أنقذت البحرية الإيطالية ألف مهاجر خلال الأيام القليلة الماضية من 11 سفينة على الأقل وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 1200 مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا الأسبوع. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الإيطالية فقد حذر قائد في شرطة الحدود الإيطالية من أن نحو 800 ألف مهاجر ينتظرون لعبور البحار الهادئة من دول مثل ليبيا ومصر وتونس.. و لقي 113 شخصا حتفهم في حوادث تحطم قوارب بين ليبيا وإيطاليا بينما أصبح هذا الطريق البحري المفضل للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا. و أنقذت سفينة تجارية إيطالية 26 شخصا قبالة ساحل ليبيا وسط أمواج عاتية. علما أنّ المهاجرين من غرب أفريقيا خاصة من نيجيريا ومنطقة القرن الأفريقي يهيمنون على الطريق الذي يسلكه المهاجرون من ليبيا إلى إيطاليا ولا يلجأ إليه السوريون والأفغان والعراقيون في الوقت الحالي. و في المجمل لقي 1357 مهاجرا ولاجئا حتفهم في البحر في الأشهر الأربعة الأولى من العام معظمهم في الطريق عبر وسط البحر المتوسط مقابل 1733 خلال نفس الفترة من العام الماضي. و وصل 28593 مهاجر ولاجئ إلى إيطاليا عن طريق البحر .