إحتضنت قاعة المغرب أول أمس عرض الفيلم الإماراتي "ثوب الشمس« للمخرج المتألق سيد سلمان محمد سالم وذلك بحضور مكثف للجمهور الوهراني عدد من المدعوين العرب الذين نزلوا ضيوفا على الباهية في إطار المهرجان الدولي للفيلم العربي، وقد تم عرض "ثوب الشمس" ضمن منافسة الأفلام الروائية الطويلة التي تتنافس على جائزة الأهڤار الذهبي وهو من بطولة نخبة هامة من الممثلين الإماراتيين على غرار حبيب غولوم، مراي الهليان نفين ماضي، أحمد عبد اللّّه والممثلة الخليجية صوفيا جواد، علما أن الإخراج التنفيذي عاد الى عامر سلمان والسيناريو لسيد سلمان الموري في حين تكفل بالتصوير كل من فراس عبدي وحيان إسماعيل أما الصوت فعاد لمصطفى كازم والموسيقى لطه العجمي. وتدور أحداث قصة هذا الفيلم الإماراتي التي جاءت على طريقة الحكاية الشعبية القديمة حول فتاة بسيطة تدعى "حليمة" تعيش من خلالها أحلامها الجميلة رغم إعاقتها فهي فتاة صماء وبكماء، لكن هذا لم يمنعها من أن تحلم بثوب الزفاف وفي أن تصبح عروسا جميلة وتكون أسرة سعيدة وكما يقول المثل العربي "تضع ثوبها الشمسي" ولأن حليمة فتاة حالمة ككل الفتيات فهي تحلم بالزواج برجل تحبه وهو قريبها أحمد الذي كبر معها وترعرع أمام عينها، لكن للأسف فإن والد هذا الشاب يرفض هذا الإقتران ويؤكد أن حليمة غير قادرة على الإنجاب لأنها فتاة معاقة وغيرها من الأسباب المزيفة التي لا علاقة لها بالإنجاب، ليتبين لحليمة أنها مجرد أعذار وإعاقتها هي السبب في رفض الوالد لهذا الزواج رغم أنها فتاة جميلة وذات حسن خلاب، ليفسح المجال أمام إبن تاجر القرية الذي يتمتع بثراء كبير ويقرّر أن يتزوج بحليمة لكن تحدث بعض الأمور التي تمنعها عن ذلك لتطوى الصفحة مرة أخرى وتدخل حليمة في حالة من الإكتئاب بعد أن يغزو رأسها من الأفكار السيئة وتلعن الحالة التي تعيشها بسبب إعاقتها وسرعان ما يظهر شاب آخر يدعى "علي"و وهو عامل بسيط يأتي للعمل بالقرية فيهيم بحب "حليمة" ويعشق صورتها ليقرر أن يبوح لها بحبه ويرتبط بها لكنه سرعان ما يكتشف إعاقتها فيتراجع عن قراره ويبتعد عنها لتدرك بعدها هذه الفتاة أنه محكوم عليها بأن تعيش وحيدة بسبب إعاقتها ولا مفر من الإدراك أنها معاقة ولا يمكن لها أن تتزوج وتلبس "ثوب الشمس". وعلى هذا الأساس فإن المخرج الإماراتي سيد سلمان الموري قد حاول تسليط الضوء على هذه الفئة المعوقين وكيف يكافحون حتى يكونوا أشخاصا عاديين متجاهلين إعاقتهم الحركية، لكنهم سرعان ما يصطدمون بالواقع عندما يتعرضون لمعاملات سيئة من طرف المجتمع ويحرمون على إثر ذلك من أتفه الأشياء على غرار"الزواج" وهو الحق الشرعي لكل فتاة مسلمة وحلمها الكبير منذ بلوغها، لكن الفتاة المعاقة يسلب منها هذا الحق فتحس أنها منبوذة من طرف العائلات والرجال لتفضل البقاء وحيدة مع إعاقتها حتى لا تجرح كرامتها وتتعرض للإهانة، وعليه فإن مخرج الفيلم إختار الحديث عن هذا الموضوع لدخول حيّز التميز والخروج عن المواضيع الروتينية الأخرى التي إعتاد المشاهد العربي على رؤيتها في حياته العادية، لكنه لم يسبق له أن وضع أمام مشاهد إنسانية من هذا النوع التي تعتبر أكثر تأثيرا على المواطن العادي كونه غافلا عن الحياة الواقعة التي تعيشها فئة المعاقين وماهي الأحاسيس التي تختلجهم في حياتهم جراء بعض التصرفات والأفكار التي يبديها الآخرون. وبهذا فإن فيلم »ثوب الشمس« كان إطلالة واضحة على واقع هذه الفئة في المجتمعات العربية وشكل الحياة التي تعيشها في ظل التمييز العنصري والإهانة لا سيما إذا تعلق الأمر بالفتاة المعاقة التي تحرم من الزواج وكأنها ارتكبت ذنبا مشينا أو غير مقدّر لها أن ترتدي ثوب الزفاف. وتجدر الإشارة أن المخرج الإماراتي سيد سلمان الموري قد تحصل سنة 2008 على شهادة الإخراج من نيويورك فيلم أكاديمي بأبو ظبي، كما نالت أفلامه القصيرة العديد من الجوائز في مختلف المهرجانات السينمائية العربية والدولية، خاصة فيما يتعلق بفيلمه "إبنة مريم" الذي فاز بجوائز عربية وعالمية، وسنة 2007 تم تعيينه كأصغر مخرج من قبل مجلة "ديجيتال ستوديو أنترناسيونال" وسنة 2008 فاز بجائزة أحسن مخرج للسينما الإماراتية في المهرجان الدولي للفيلم بدبي، وهاهو يتألق اليوم بفيلمه الطويل الأول "ثوب الشمس" الذي يشارك به ضمن منافسة المهرجان الى جانب أفلام سينمائية أخرى، لتشتد المنافسة بين هذه الأعمال العربية في حضن المهرجان ومباشرة من قاعة "المغرب" التي صارت تعرف إقبالا كبيرا من طرف الجمهور وعشاق الفن السابع لمتابعة أحداث الأفلام العربية المشاركة.