غاب المخرج التونسي معز كمون سهرة أول أمس عن حضور عرض فيلمه ''آخر ديسمبر'' الذي يدخل المنافسة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة ضمن المهرجان الدولي الرابع للفيلم العربي بوهران، بسبب ظرف طارئ حال دون تمكنه من الالتحاق بالتظاهرة السينمائية لينوب عنه في تقديم فيلمه كل من السينمائي الجزائري علال يحياوي والمخرج التونسي إبراهيم اللطيف· ويحكي ''آخر ديسمبر'' الذي تم عرضه بقاعة ''سينما المغرب'' طيلة 104 دقائق وسط حضور جماهيري وفني، قصة ثلاث شخصيات تعيش أحداثا مختلفة أبطالها الفنانون التونسيون هند الفاهم وظافر العابدين ولطفي عبدلي وآخرين· والشخصية الأولى ''آدم''·· الطبيب الشاب الذي لم يعد يطيق حياته العادية الرتيبة والمملة والحزينة بين آلام مرضاه وعزلة حياته في مدينة كبيرة· وفي لحظة اندفاع يقرر التوجه إلى قرية معزولة في تونس ليمارس مهنته كطبيب هناك· أما ''عائشة'' فهي فتاة جميلة في العشرين من عمرها تعمل في ورشة خياطة في نفس القرية وتسكن رفقة والدتها، حيث وقعت ضحية خداع شاب ادعى حبها ووعدها بالزواج ليتركها فيما بعد ويتخلى عنها جريا وراء حلمه في الهجرة والسفر إلى فرنسا بمساعدة صديق له؛ مما تسبب في تأزم حالة ''عائشة'' النفسية بعد أن اكتشفت حملها غير الشرعي لتغرق في عزلة مؤلمة· وتظهر في الفيلم شخصية ''سفيان'' الشاب المهاجر الذي قدم إلى تونس بحثا عن عروس فتقع عيناه على ''عائشة'' ويعجب بها أيما إعجاب فيقرر خطبتها لكنه فيما بعد يصطدم بحكايتها التي تدفعه إلى تركها والعدول عن قرار الزواج منها· وتظهر المشاهد الأخيرة من ''آخر ديسمبر'' استنجاد ''عائشة'' بالطبيب ''آدم'' الذي غادر إلى القرية مطالبه إياه بمساعدتها في التخلص من حملها وعلاجها·· ولاحقا يقع في حبها فتعود الحياة تدريجيا إلى ملامح الفتاة بعدما ضاقت بها جميع السبل·كل هذه الأحداث التي كتب نصها المخرج ذاته معز كمون، تميزت بالعادية والكلاسيكية، حسب بعض النقاد الذين شاهدوا الفيلم، حيث أن هناك مخرجين سبقوا معز كمون في هذا الطرح الذي تناولته السينما بكثرة، ومع هذا فقد كان طرح المخرج التونسي متفردا ونابعا من قناعته الشخصية· من ناحية أخرى، دخل الفيلم الإماراتي ''ثوب الشمس'' للمخرج سيد سالمين محمد الموري، غمار المنافسة ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، حيث يروي هذا العمل الذي عرض مساء أول أمس بقاعة ''سينما المغرب'' في وهران، قصة ''حليمة'' وهي فتاة في ربيع العمر تعيش في بيئة ريفية وتحاول تحدي إعاقتها السمعية وعدم قدرتها على التكلم لتحقيق حلم العيش كبقية الفتيات وارتداء ثوب الزفاف· ويبدأ الفيلم بصوت الراوي المجهول وسط عتمة كلية للشاشة متحدثنا عن ''حليمة'' التي يتكرر وجودها في كل مكان وزمان، وأنها واضحة ولكن لا أحد يراها، وكأنها ترتدي ثوب الشمس الذي لا يرغب الناس في رؤيته، ويقفل الراوي شهادته قائلا ''في ذروة حزننا·· لا نعرف ما هو الحزن''· ويصور لنا المخرج قصة مؤلمة لهذه الفتاة، حيث أن خالها يرفض تزويجها من ابنه ''صالح'' خشية أن يرث أبناؤه إعاقتها، فيتحول هذا الرفض إلى عقدة وألم داخلي يعيشه في حياته، وبتركيز عاطفي واضح لوالد ''حليمة'' الذي يشعر بالظلم الاجتماعي الواقع على ابنته، ولكنه في نفس الوقت يبدو عاجزا عن تغيير هذا الوضع أو التأثير على قرار الخال الذي تبنى مواقف ظالمة عن جهل وأنانية·وتظهر في الفيلم الأخت الصغرى ل''حليمة'' التي تعيش قصة حب من جانب واحد مع ''صالح''، وتعاني من الغيرة الشديدة تجاه علاقة الحب الافتراضية بين أختها وابن الخال الذي غالبا ما يزور منزل ''حليمة'' لبيع الحمام ومساعدة والده في تجارته· وفي مشاهد أخرى، تختفي مشاعر الغيرة عندما يأتي الزائر الغريب ''علي'' إلى القرية كي يعمل في دكان الخال، حيث يعجب علي ب''حليمة'' فتبادله الإعجاب، لكن عندما يكتشف إعاقتها ينفر منها تاركا إياها في وحدتها القاسية· وفي المشاهد الأخيرة يظهر طفل يكتب حكاية ''حليمة'' تحت ضوء الشمس كي تتحول هذه القصة في نهاية الفيلم إلى ثوب زفاف أبيض يرميه الكاتب على القبر، في صياغة مباشرة أراد المخرج أن يشير فيها إلى الأحلام المقبورة والميتة التي تنتهي بالمعاقين في المجتمع إلى اليأس في ظل النظرة الظالمة إليهم·